طه العاني - الخليج أونلاين-
رغم مرور عام على الحرب التي شنّتها "إسرائيل" ضد قطاع غزة، لكن تداعياتها ما تزال مستمرة، حيث أدت إلى تدمير البنية التحتية ومئات المباني والمنشآت الاقتصادية، كما قتل خلالها أكثر من 260 فلسطينياً وآلاف الجرحى.
وبدأت الحرب التي شنتها "إسرائيل" على القطاع في 10 مايو 2021، واستمرت 11 يوماً، واندلعت بسبب الأحداث التي شهدها حيّ الشيخ جراح والمسجد الأقصى، منذ أبريل 2021، لترد الفصائل الفلسطينية بإطلاق رشقات صاروخية باتجاه المستوطنات المحاذية لغزة، مطلع مايو 2021.
موقف الدول الخليجية
واتخذت الدول الخليجية مواقف موحدة في إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما سبقه من انتهاكات في أحياء القدس العربية والمسجد الأقصى، وساهمت في مساعي التهدئة، ودشنت حملات إغاثية واسعة لمساندة الشعب الفلسطيني.
وأعرب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في 21 مايو 2021، عن إدانة المملكة لكل الاعتداءات والإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية "واس".
وبحسب "واس"، فإن تصريحات الملك السعودي جاءت خلال اتصاله برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والذي أكد خلاله مواصلة جهود المملكة لوقف الإجراءات والاعتداءات الإسرائيلية على القدس من خلال التواصل مع الأطراف الفاعلة لممارسة الضغوط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي سياق متصل عبرت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيبها بإعلان وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" والفلسطينيين، مُعربة عن تثمينها لجهود التوصل إلى الاتفاق.
جهود قطر
ونجحت الجهود التي بذلتها دولة قطر، إلى جانب مصر والأمم المتحدة، في وقف العدوان على غزة، ورحب المبعوث الأممي تور وينسلاند بالهدنة، وقال في تصريح له: "أرحب بوقف إطلاق النار بين غزة وإسرائيل، وأتقدم بأحر التعازي لضحايا العنف وذويهم، وأثني على مصر وقطر للجهود التي جرت بالاتصال الوثيق مع الأمم المتحدة للمساعدة في استعادة الهدوء، أعمال بناء فلسطين يمكن أن تبدأ".
وكشفت قطر، في أكتوبر الماضي، عن "جهود كبيرة" تبذلها لضمان استمرارية وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك على هامش لقاء جمع رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة محمد العمادي، مع وفد من حركة حماس بقيادة رئيسها بالقطاع يحيى السنوار، بمدينة غزة.
وجدد السنوار شكره للدوحة على مواقفها الثابتة ودعمها السخي والمتواصل للشعب الفلسطيني.
الكويت.. موقف ثابت
وأكدت الكويت أميراً وحكومةً وشعباً موقفها الثابت بجانب الشعب الفلسطيني ونصرة القضية الفلسطينية في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على مدينة القدس وقطاع غزة.
جاء ذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الأحمد الجابر الصباح، في 13 مايو 2021، مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي، وشدد الصباح على "استعداد الكويت لتقديم كل ما يلزم لنصرة الشعب الفلسطيني أمام هذا العدوان الإسرائيلي".
وأعلنت الكويت، في 20 مايو 2021، إطلاق حملة إغاثة شعبية عاجلة لصالح الشعب الفلسطيني، استمرت شهراً.
وقالت وكالة الأنباء الكويتية: إن "الحملة تأتي في إطار التزام دولة الكويت بمناصرة ودعم الأشقاء في فلسطين، والوقوف بجانبهم".
الإمارات والبحرين
ورغم تطبيعهما مع الاحتلال الإسرائيلي فإن الإمارات والبحرين دانتا التصعيد الذي حصل، وطالبتا أطراف الصراع بالتهدئة.
وعبّرت دولة الإمارات، على لسان وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، في 14 مايو 2021، عن "قلقها إزاء تصاعد أعمال العنف في إسرائيل وفلسطين"، ودعت كل الأطراف إلى اتخاذ خطوات فورية لوقف إطلاق النار وبدء حوار سياسي، وفق وكالة أنباء الإمارات "وام".
من جانبه شدد ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في 24 مايو 2021، على الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود، خاصة من قبل القادة الإسرائيليين والفلسطينيين، مؤكداً استعداده للعمل مع جميع الأطراف للحفاظ على وقف إطلاق النار واستكشاف مسارات جديدة لخفض التصعيد وتحقيق السلام.
بدوره جدّد وزير الخارجية البحريني، في 15 مايو 2021، إدانة بلاده الشديدة للهجمات التي تشنها القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، وأعربت وزارته، في 21 مايو 2021، عن ترحيب المملكة بالتوصل إلى وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وأشادت بالجهود الدولية الفاعلة التي تضافرت لوقف العمليات العسكرية بين الجانبين.
وفي يونيو 2021، أعربت "إسرائيل" عن غضبها من تصويت البحرين ضدها في الأمم المتحدة، في إشارة لدعمها قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات الاحتلال بقطاع غزة.
ترحيب عُماني بوقف الحرب
ورحبت سلطنة عمان، في 21 مايو 2022، بإعلان وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وثمنت السلطنة، في بيان صادر عن وزارة الخارجية العمانية، الجهود الدولية لخفض التصعيد بين الجانبين من أجل حقن الدماء وبما يتيح وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع.
وأشاد مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ببطولات المقاومة الفلسطينية، عبر تغريدة قال فيها: "إن المقاومة الباسلة ببطولتها النادرة وتضحياتها العظيمة وخططها الموفقة غسلت عن جبين هذه الأمة عاراً تلطخت به ردحاً من الزمن".
جهود متواصلة
ومع تجدد التوتر في الأراضي الفلسطينية خلال شهر رمضان، في أبريل الماضي، جددت دول الخليج مواقفها المساندة للشعب الفلسطيني بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
كما واصلت دول الخليج تقديم المساعدات الإغاثية والمالية للشعب الفلسطيني لمساعدته على تجاوز الظروف العصيبة التي يمر بها.
ويقول الباحث السياسي محمد مساعد الدوسري، إن العدوان الذي جرى على الفلسطينيين في غزة عام 2021 كان بمنزلة "إسقاط جديد لكل محاولات التطبيع مع هذا الكيان"، لافتاً إلى موقف الشعوب العربية والإسلامية "التي التفت حول الفلسطينيين ودعمتهم في معركتهم مع الكيان الصهيوني، والتي كانت معركة غير متكافئة فيما بين قوات الاحتلال المدججة بالسلاح مقابل الفلسطينيين المحاصرين في غزة، والممنوع عليهم أي نوع من التسليح أو المساعدة".
ويضيف في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن دول الخليج كان لها دور في إيقاف هذه الحرب لاعتبارات عديدة؛ أبرزها أهمية الحفاظ على حياة الفلسطينيين الساكنين في غزة، إضافة إلى اعتبارات أخرى "منها سعي هذه الدول لاستقرار المنطقة وعدم تطور هذه الأحداث لإشعال فتيل ثورات أو احتجاجات في عواصم عربية مجاورة".
ويشير إلى أن الدول العربية والخليجية تسعى إلى محاولة تهدئة التوترات بين الجانب الفلسطيني والصهيوني، لا سيما بين حركة حماس في غزة والاحتلال، وكذلك ما يجري في القدس المحتلة من خلال محاولات تهويد الأحياء القديمة في القدس والمحاولات المتكررة لاقتحام المتطرفين الصهاينة للمسجد الأقصى.
ويؤكد الدوسري أن الدول تعمل على إيقاف أي تفجّر متوقع لهذا الصراع من جديد، باعتبار أن هذا الصراع هو بوصلة للأمة العربية.
ويلفت إلى أن المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني يحظيان بدعم شعبي خليجي وعربي كبير، "ورغم تطبيع بعض الحكومات الخليجية مع الكيان الصهيوني لكن هناك في المقابل حكومات خليجية رافضة لهذا التطبيع، وما زالت مستمرة في رفض أي تطبيع مع الاحتلال حتى تحرير الأراضي العربية وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني في أراضيه المحتلة".