علاقات » عربي

لماذا تأخرت الرياض وأبوظبي في تقديم الوديعة المالية لليمن؟

في 2022/07/02

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

بينما تسجل العملة اليمنية تراجعاً كبيراً خلال الأشهر الأخيرة خصوصاً في مناطق سيطرة الشرعية، تبحث الحكومة اليمنية عن حلول جديدة للحد من التدهور الاقتصادي المستمر الذي تشهده البلاد وأثر على حياة السكان.

وكان أحد أبرز تلك الحلول يتمثل في الوديعة السعودية الإماراتية التي أعلن عنها في أبريل الماضي، حيث تكمن أهمية هذا الدعم المالي في الحد من تدهور العملة اليمنية بقيمتها أمام العملات الأجنبية، بعدما انخفضت قوتها الشرائية بشكل حاد.

لكن ومع مرور نحو 3 أشهر على الإعلان عن الوديعة، وجدت الحكومة اليمنية نفسها في مأزق أمام الضغوط الاقتصادية الداخلية، ما دفعها مؤخراً للبحث عن دعم دولي، ليضع تساؤلات عن سبب تأخر تقديم هذه الوديعة؟

اللجوء للبنك الدولي

وجدت الحكومة اليمنية نفسها أمام جملة جديدة من التحديات مع استمرار الأزمة العالمية بسبب حرب أوكرانيا، ما دفعها لدعوة البنك الدولي إلى دعم القطاع المصرفي وقطاع الكهرباء والطاقة للتخفيف من معاناة اليمنيين.

جاء ذلك خلال لقاءات عقدها مسؤولون يمنيون من البنك المركزي ووزراء في الحكومة المعترف بها دولياً، مع وفد من البنك الدولي برئاسة المدير التنفيذي وعميد مجلس إدارة مجموعة البنك، ميرزا حسن، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (28 يونيو 2022).

وقال محافظ المصرف المركزي اليمني، أحمد المعبقي، إن ما يقوم به البنك الدولي حالياً هو التقييم المالي الشامل للقطاع المصرفي في اليمن، وتوسيع نطاق هذا التقييم ليشمل جميع المؤسسات المالية والمصارف والهيئات ذات العلاقة.

وشدد على "دور البنك الدولي في تخفيف تلك الآثار، خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي من خلال ما يقدمه من خطوط ائتمان للقطاع الخاص لاستيراد وتأمين الغذاء".

فيما أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة اليمنية، واعد باذيب، على "أهمية بلورة الأفكار للحلول العاجلة والمستدامة بخصوص مشاريع قطاع الكهرباء لمواجهة التحديات المتراكمة التي أفرزت الواقع الصعب الماثل حالياً أمام الدولة والشعب".

ودعا باذيب، بحسب وكالة سبأ الحكومية، إلى دعم الدول الشقيقة والصديقة وشركاء اليمن من الصناديق والجهات المانحة والممولة لمساندة الجهود الحكومية في التغلب على تحديات قطاع الطاقة وتوفير الكهرباء وتخفيف معاناة أبناء الشعب من مختلف فئات وشرائح المجتمع.

تدهور للعملة

يأتي تأخر وصول الوديعة السعودية الإماراتية لأسباب غير معروفة، بالتزامن مع انهيار جديد في قيمة العملة، فقد عاد الدولار للصعود بشكل متسارع، ووصلت قيمته إلى أكثر من 1120 ريالاً للدولار الواحد.

وناقشت الحكومة اليمنية، في (23 يونيو 2022)، آلية تسريع الدعم الخليجي للبنك المركزي بعدن، والإجراءات المتخذة على مستوى السياسات النقدية والمالية، ومنها آلية تسريع الدعم الخليجي المعلن عنه تحت إدارة صندوق النقد العربي والمخصص لدعم البنك المركزي اليمني بعدن، وكذلك الدعم المقدم من المؤسسات المالية الدولية المخصص لاستقرار الصرف والتحكم في الأسعار.

وكانت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية نقلت عن مصادر سعودية أن تأخر تسليم الوديعة الجديدة بسبب عدم استكمال الوديعة السابقة والتي لم تتجاوز الـ174 مليون دولار، على الرغم من إعلان البنك المركزي اليمني بيع ضعف هذا المبلغ خلال الأسابيع الماضية في مزادات علنية.

وكان الجانبان وقعا في منتصف مايو الماضي، اتفاقية تمديد فترة الإيداع للوديعة السعودية التي سبق إيداعها عام 2018 لدى البنك المركزي اليمني، والمقدرة بمليارَي دولار.

وفي ذات السياق نشرت وسائل إعلام تابعة للحكومة المعترف بها، أنباء عن مفاوضات مع الجانب السعودي للحصول على 950 مليون دولار كمخصصات لشراء الوقود.

وفي 30 يونيو 2022 أعلنت السعودية حزمة المشاريع التنموية التي ستقدم لليمن، حيث تشمل 17 مشروعاً في 6 قطاعات بقيمة 400 مليون دولار.

وتتضمن المساعدات أيضاً 200 مليون دولار إضافية لتوفير المشتقات النفطية لليمن لتشغيل محطات الكهرباء.

وفيما يتعلق بالوديعة للبنك المركزي اليمني، قالت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، إنه تم توجيه البنك المركزي بتسريع الإجراءات والإصلاحات اللازمة لاستخدام الوديعة السعودية-الإماراتية البالغة قيمتها مليارَي دولار أمريكي تمهيداً لتحويلها إلى حسابه البنكي.

وكشفت أنه "سيتم تشكيل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ هذه الخطة وتسريع إجراءاتها المنسقة مع مختلف الجهات المعنية".

إصلاحات مشروطة..

يعتقد المحلل الاقتصادي اليمني وفيق صالح، أن تأخر وصول الدعم السعودي الإماراتي إلى حسابات البنك المركزي اليمني، "قد يعود إلى وجود اشتراطات أخرى أمام الحكومة اليمنية".

وبعض تلك الاشتراطات، حسب رأيه، "تتعلق بالجانب الفني وإصلاح الاختلالات عبر انتهاج مبدأ الشفافية في عمل المؤسسات والحوكمة، وتفعيل مبدأ الحكم الرشيد، خصوصاً مع الجدل الواسع الذي أثير حول الوديعة السعودية السابقة، وكيفية صرفها".

ويقول صالح، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إنه حتى الآن "لا يوجد تأكيدات حكومية حول الأسباب التي أدت إلى تأخر المنحة السعودية الإماراتية، لكن كان هناك تصريح، مطلع الشهر الجاري، لرئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، حول وجود فريق حكومي في الرياض لعقد اجتماعات مع الجانب السعودي، وإنجاز آلية لاستيعاب المنحة المالية المعلن عنها، وما هي القطاعات التي تتضمنها المنحة المالية".

ويشير إلى أن إنجاز الإصلاحات المشروطة من قبل الجهات المانحة، "يتطلب أولاً تقييماً شاملاً للوضع الاقتصادي في اليمن، والقطاعات الإنتاجية، وكذلك القطاع المصرفي، لضمان تأثير هذا الدعم بالشكل الإيجابي على الوضع الاقتصادي، وعلى قيمة العملة الوطنية".

وحول ما قامت به الحكومة من دعوة البنك الدولي لتقديم دعم عاجل، يلفت المتحدث إلى أن "البلد في حاجة ماسة لدعم اقتصادي دولي عاجل، لتفادي وقوع كارثة إنسانية، وتحقيق الأمن الغذائي، مع الأزمات الدولية التي تعصف بسلع رئيسية هامة مثل النفط والقمح، لكنه شدد على أن هذه الظروف "يفترض أن تدفع بالحكومة لتسريع عجلة الإصلاحات الاقتصادية، وإنهاء الاختلالات التي تؤثر على أي مسارات دعم أخرى".

ومن بين تلك الاختلالات "إصلاح قطاع الكهرباء، وتقليص حجم تكلفة الوقود التي تكلف خزينة الدولة 100 مليون دولار شهرياً قيمة وقود لمحطات الكهرباء الحكومية، فضلاً عن تفعيل المؤسسات الحكومية الإيرادية، مثل مصافي عدن، التي يمكن أن تؤدي عملية تشغيلها إلى رفد خزينة الدولة، وكذلك تجفيف عملية الطلب على النقد الأجنبي، والمضاربة بالعملة، التي تحدث بالسوق المحلية من قبل مستوردي الوقود.

وديعة سعودية

بالتزامن مع إعلان تشكيل مجلس رئاسي يقود اليمن، في أبريل الماضي، أعلنت المملكة تقديم "دعم عاجل" للاقتصاد اليمني والبنك المركزي اليمني قيمته 3 مليارات دولار، منها مليارا دولار مناصفة بين السعودية والإمارات.

وأشارت، في بيانٍ نشر في 7 أبريل، إلى أن المملكة ستقدم ملياراً إضافياً بواقع 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية، و400 مليون لمشاريع ومبادرات تنموية.

وبينت أنها قدمت أيضاً 300 مليون دولار "لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة عام 2022، لتخفيف المعاناة عن الشعب اليمني وتحسين أوضاعه المعيشية والخدمية".

وكانت وسائل إعلام يمنية قد كشفت، في وقتٍ سابق، أن اشتراطات سابقة طرحتها السعودية لتقديم الوديعة تمثلت في توحيد الإيرادات للبنك المركزي في عدن، وضمنها الإيرادات النفطية التي توردها الحكومة لحسابات في البنك الأهلي السعودي.

وأشارت إلى وجود موافقة مبدئية على نقل الحسابات للبنك المركزي، غير أن الجهات المالية السعودية كانت تطالب بخطوات عملية لتسريع إعلان "الوديعة" لتعزيز الوضعين المالي والاقتصادي وإنقاذ الريال اليمني من الانهيار غير المسبوق.