علاقات » عربي

تزامناً مع زيارة بايدن.. هل تقود الرياض حراكاً جديداً لحل الأزمة السورية؟

في 2022/07/07

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

في الأشهر الأخيرة، تسارعت وتيرة تطبيع دول عربية مع النظام السوري، بعد سنوات من تعليق جامعة الدول العربية عضوية دمشق، في نوفمبر 2011، وسط تغيرات كبيرة في المشهد بالمنطقة والعالم.

وخلافاً للانفتاح العربي المتدرج على سوريا، تقف السعودية إلى جانب قطر في موقف رافض لأي تقارب مع نظام بشار الأسد، بسبب الجرائم التي ارتكبها بحق المدنيين، لتنضم أخيراً مصر إلى هذين الموقفين، على الرغم من تقارب حدث بين الجانبين في الآونة الأخيرة.

ومؤخراً كثفت السعودية من تحركاتها فيما يتعلق بسوريا، وبدا ذلك واضحاً من خلال المباحثات الأخيرة التي أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مصر والأردن، وحديث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن أن زيارته للمملكة ستناقش الملف السوري، فهل تقود الرياض حراكاً نحو حل هذه الأزمة؟

موقف سعودي مصري

في خطوة غير مسبوقة ذكر موقع "إنتلجنس أونلاين" الفرنسي، أن مصر انضمت إلى السعودية في معارضة عودة النظام السوري لشغل مقعد سوريا في القمة العربية التي ستعقد بالجزائر، مطلع نوفمبر 2022.

ونقل الموقع الفرنسي عن مصادر مطلعة، (5 يوليو 2022)، قولها: إن "مصر باتت تصطف اليوم إلى جانب السعودية في موقفها المعارض وبقوة لعودة النظام السوري للجامعة العربية".

وأكدت المصادر أن موقف القاهرة يعتبر تحولاً كبيراً بعد أن قاد رئيس استخباراتها العامة، اللواء عباس كامل، جهوداً لعودة النظام لشغل المقعد منذ 2020.

هذا الموقف جاء بعد نحو أسبوعين من زيارة قام بها ولي العهد السعودي إلى القاهرة ولقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السياسي، حيث أكدا أهمية الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية وبما يحقق تطلعات الشعب السوري ويحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها.

وشدد الجانبان (21 يونيو 2022) على ضرورة وقف التدخلات الإقليمية في الشأن السوري، التي تهدد أمن واستقرار ووحدة سوريا وتماسك نسيجها المجتمعي.

تحركات وتصريحات مختلفة

هذه المواقف جاءت قبيل زيارة سيقوم بها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية منتصف يوليو الجاري، حيث تشير التقارير إلى أنه سيبحث الأزمة السورية خلال الزيارة.

وكانت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، قالت إن واشنطن لن تدعم جهود التطبيع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد أو إعادة تأهيله، كاشفة عن صدمة المسؤولين الأمريكيين من استقباله في دولة الإمارات.

وأوضحت "ليف" خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ عن سوريا، في يونيو الماضي، أن "الإدارة الأمريكية لن ترفع العقوبات عن النظام السوري، ولن تغير موقفها المعارض لإعادة الإعمار في سوريا حتى يتم تحقيق تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي".

وبيّنت أن "الأسد والمحيطين به يظلون أكبر عائق أمام هذا الهدف، وأنه تجب محاسبتهم، وأن واشنطن ستستخدم كل الأدوات الممكنة لزيادة عزلة النظام السوري".

وقالت: إن "المسؤولين الأمريكيين شعروا بالصدمة عندما تم استقبال الأسد كرئيس دولة في الإمارات، ونقلوا ذلك للإماراتيين، وأكدوا أن لهذا الترحيب قيمة دعائية هائلة لا أكثر".

ومطلع يونيو الماضي، حث المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي، برئاسة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، اللجنة الدستورية السورية في اجتماعاتها المقبلة إلى "توافق سريع".

وأكد المجلس الخليجي دعمه لجهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، متطلعاً لأن "تسفر اجتماعات اللجنة الدستورية في سوريا عن توافق سريع".

تأثير حرب أوكرانيا

يعتقد المحلل السياسي السوري إبراهيم العلبي، أن الحرب الروسية - الأوكرانية "غيرت العديد من التوجهات الإقليمية والدولية"، مشيراً إلى أن ذلك التغيير "لم يكن على مستوى أوروبا فحسب بل على مستوى المنطقة العربية".

يوضح "العلبي"، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، بقوله إنه قبل الحرب "كانت الدول العربية، ومن بينها القوى الإقليمية الكبرى، مثل السعودية ومصر، تتجه لإعادة احتضان النظام السوري وفق حجج ومبررات آنية وغير مقنعة تتعلق بتحجيم النفوذ الإيراني، خاصة مع اقتراب الاتفاق النووي من التحقق".

أما بعد تعثر هذا الاتفاق بشكل واضح، واندلاع الحرب في أوكرانيا، وتحول البوصلة الدولية لمحاصرة روسيا وحلفائها، ومن بينهم النظام السوري، فإن الدول العربية، وفق ما أشار إليه، "أصبحت أكثر حذراً من الانخراط في عملية تطبيع معلنة مع النظام".

بالنسبة للسعودية، يرى أن "ثمة العديد من التناقضات التي تعكر صفو علاقاتها مع واشنطن، وخاصة في ظل إدارة بايدن"، لكن فيما يتعلق بالقضية السورية فيقول إنها "تعد من نقاط التقاطع النادرة، واكتسبت أهمية أكبر مع التحولات التي تشهدها المنطقة".

وحول موقف السعودية من نظام الأسد، يوضح المتحدث أنه "يمكن فهم موقف السعودية على أنه عودة للاستثمار في مواقفها التقليدية في القضية السورية لجسر الهوة في العلاقات مع إدارة بايدن"، مضيفاً: "يبدو أن زيارة الأخير إلى المنطقة والرياض ستسبقها الكثير من الترتيبات والتغييرات".

السعودية وسوريا

تعتبر السعودية فاعلاً أساسياً في الأزمة السورية، فهي تمارس تأثيراً قوياً على المعارضة السياسية، في وقتٍ تأمل فيه مغادرة إيران للأراضي السورية التي تعتبرها عمقها الاستراتيجي ووسادتها الديموغرافية باتجاه الشمال.

وعلى مدار نحو 11 عاماً عاشت السعودية والنظام السوري أزمة كبيرة وانقطاعاً في التواصل فيما بينهما، مع دعمٍ واضح من الرياض للمعارضة السورية.

ولطالما كانت السعودية خلال السنوات الماضية أبرز المعارضين لإعادة سوريا للجامعة العربية، بعد تجميد أنشطة دمشق بالجامعة العربية في عام 2011، إثر قمع النظام للثورة السورية بوحشية في بدايتها، غير أن بعض مواقفها مؤخراً كانت تشير إلى إمكانية قبول عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية.

ولعل الشروط السعودية لعودة سوريا لجامعة العربية وتطبيع العلاقات قد تغيرت كثيراً، لكن يبقى الأهم منها مرتبطاً بعلاقة الأسد بإيران وحزب الله، خاصةً أن عداء الرياض لإيران قد شهد زيادة مؤخراً، خصوصاً بعد حرب اليمن، قبل أن تبدأ الدبلوماسية تحركاتها لتخفيف ذلك العداء.