خوان كارلوس / فير أوبزرفر- ترجمة وتحرير الخليج الجديد-
سلط موقع "فير أوبزرفر" الأمريكي الضوء على السياسة الخارجية لمصر بعد الربيع، لا سيما فيما يتعلق بالتحولات والتغييرات في علاقات القاهرة بالعواصم الخليجية.
وأشار الموقع إلى العلاقة الوثيقة بين القاهرة والرياض وأبوظبي في عهد الرئيس الراحل "حسني مبارك"، وكيف حاول الرئيس "محمد مرسي" إجراء بعض التغييرات الدقيقة في هذا الصدد بالسياسة الخارجية لمصر خلال فترة حكمه القصيرة.
وذكر أنه على النقيض من العلاقات الوثيقة بين نظام "مبارك" والسعودية، أصبحت قطر وتركيا الحليفين المفضلين في عهد "مرسي"، كما كان الأخير أول رئيس مصري يسافر إلى طهران بعد 33 عامًا، في 16 أغسطس/آب 2012 في محاولة معتدلة لتحقيق التوازن في العلاقة بين القاهرة وطهران.
وبجانب ذلك، أظهر نظام "مرسي" استعداده للعب دور مسؤول في الشؤون الدولية، والحفاظ على اتفاقيات السلام مع إسرائيل، كما فتح حدود مصر مع غزة لإغاثة سكانها، وساعد الولايات المتحدة في تحقيق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012.
تسببت إصلاحات "مرسي"، إلى جانب الخلافات الداخلية المختلفة المتعلقة بالدستور الجديد الذي طرحته جماعة الإخوان المسلمون، إلى تنفيذ قائد الجيش حينها اللواء "عبد الفتاح السيسي" انقلابا على الرئيس.
ولفت إلى أنه في ظل نظام "السيسي"، لم يكتف الأخير فقط بإعادة العلاقات الوثيقة مع السعودية، بل جعل مصر بمثابة دولة تابعة سياسيا واقتصاديا على نحو واسع للدولة الخليجية.
وفي غضون ذلك، قدمت السعودية، إلى جانب الإمارات والكويت، مساعدات اقتصادية للقاهرة بقيمة 12 مليار دولار، ارتفعت إلى 42 مليار دولار في السنوات التالية.
وفي المقابل، أظهرت مصر في عهد "السيسي" ولاءها للسعودية من خلال الانضمام إلى مقاطعة قطر التي بدأت في يونيو/حزيران 2017، وكذلك من خلال نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
وبالمثل، فيما يتعلق بليبيا، التي كانت بدون حكومة موحدة مستقرة منذ سقوط "معمر القذافي" في عام 2011، فإن مصر واحدة من الداعمين الرئيسيين للجنرال "خليفة حفتر"، الذي نصب حكومة في طبرق، ضد الحكومة في طرابلس والمدعومة من قطر وتضم جماعة الإخوان المسلمين الليبية.
بالنسبة للقاهرة، إلى جانب الإمارات، يعتبر القضاء على جماعة الإخوان المسلمين أولوية تحكم سياستها الداخلية والخارجية.
غير أن الاعتماد الكبير لسياسة مصر الخارجية الحالية منذ صعود "السيسي" على المساعدات المالية العربية يُقيد قيادة القاهرة التاريخية في المنطقة.
إلى جانب ذلك، تحتاج مصر للحفاظ على الدعم الأمريكي الثابت لمصر، التي لا تزال تعتمد بشدة على تحالفه وتعاونه مع الحليفين الرئيسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط: إسرائيل والسعودية.
ويقترن ذلك أيضًا بالتعاون بين الرياض والقاهرة في الملف الفلسطيني ذي القيمة الكبيرة لإسرائيل، وكذلك المصلحة المشتركة في كبح نفوذ إيران المتزايد في السودان وإريتريا.
ومع ذلك، فإن نقاط احتكاك آخذة في التزايد بين مصر والإمارات، على سبيل المثال، أيدت مصر الإبقاء على نظام الرئيس السوداني "عمر البشير"، الذي تعرض لموجة احتجاجات شديدة تطالب بالإطاحة به في ديسمبر 2018.
بينما دعمت السعودية والإمارات فكرة حل الأزمة من خلال البحث عن خليفة موثوق له. ويسمح هذا الحل للرياض بالاستمرار في نشر نفوذها بشكل سلمي في القرن الأفريقي.
ويمكن أن نخلص من ذلك، أن معضلة مصر في سياستها الخارجية المتذبذبة تكمن في تطلعها للقيادة وقدرتها المحدودة على تطويرها في ظل عهد "السيسي".
وخلص الموقع إلى أن مصر في عهد "السيسي" فقدت إمكاناتها التاريخية للقيادة، كما فقدت أيضا القدرة على ابتكار هذا النوع من المبادرة التي يمكن أن تستعيد من خلالها زمام القيادة، وهذا هو مصدر الإحباط الذي يشعر به على نطاق واسع المصريين أصحاب المشاعر القومية القوية.
وبينما يحاول نظام عبد الفتاح السيسي الحفاظ على صورة قيادة مصر بالمعنى الفعال، لتأكيد شرعيتها، لا تزال مصر متأثرة بضعفها الواضح واعتمادها على دول الخليج، على أن تكون قادرة على التأثير بشكل حاسم على الأحداث في المنطقة العربية.