علاقات » عربي

سيطرة سلبيّة للخليج على القمّة العربيّة

في 2022/11/08

(أحمد شوقي\ راصد الخليج) 

عكست القمّة العربيّة الأخيرة في الجزائر، أمرين رئيسيين، كانا هما المهيمنين على المشهد العربي في العقد الأخير بشكلٍ خاص، وهما ضعف وعجز القرار العربي وانفصاله عن الواقع، من جهة، وكذلك سيطرة القرار الخليجي على قرارات القمّة العربيّة، من جهةٍ أخرى.

فقد شكّل غياب سوريا، استمرارًا للضغط الخليجي، رغم أنّ البلد المضيف والعديد من الدول العربية ترغب في عودة سوريا وطي هذه الصفحة العبثيّة بغياب دولة بحجم سوريا عن الجامعة العربية.

وقد شكّل غياب التّمثيل السعودي والإماراتي اللّائق بقمّة للرؤساء، لغزًا، فهو إضافة إلى كونه إضعافاً لقمّة اتّخذت عنوان "لمّ الشّمل" وغابت ثلاث سنوات عن الانعقاد، هو أمر يحمل شبهة تنصل من التزامات عربية بالثوابت، وخاصّة أنّ التوقّف كان التطبيع المجّاني سببًا جوهريًا له، وإن اتّخذت جائحة كورونا ذريعة ولافتة لتوقّف القمّة!

وكما رصدت الصّحف الروسيّة قبل انعقاد القمّة، أنّه سيكون من الصّعب إيجاد حل حكيم لقضية تطبيع العلاقات بين العديد من الدول العربية و"إسرائيل"، ومن الواضح أنّ هذه الدول لا تودّ أن تكون صفقاتها موضع نقاش، ناهيك بأن تكون محط إدانة في القمّة، خاصّة على خلفية دعم الفلسطينيين.

وربّما هذا الرّصد الروسي المبكر، يفسّر التّمثيل الضّعيف للإمارات، وأيضًا للسعوديّة بعد مواقفها من حركات المقاومة، وما طرح بالقمّة من دعوات خافتة لدعم المقاومة.
 
ولا شك أنّ الدّور الخليجي لصالح القضايا العربيّة، عليه علامات كبرى للاستفهام، وخاصّة وأنّ التّوازنات الدوليّة الجديدة تعمل لصالح العرب وتعطيهم أوراقًا كبيرة للضّغط على رأسها أوراق النّفط والغاز.

وقد شاهدنا كيف تجرّأت السعوديّة على تحدّي رغبات الإدارة الأمريكيّة في زيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار، وهو خلاف نادر، ويعدّ من التّحديات النّادرة لأمريكا على مستوى الإدارات السعوديّة

كما تحفل التّقارير الدوليّة باستغاثات أوروبا بالخليج لحلّ مشكلة الغاز، وإصرار قطر على سبيل المثال على فرض شروطها دون الاعتناء باستغاثات أوروبا.

فقد  كتبت أولغا ساموفالوفا، مؤخّرًا مقالاً في "فزغلياد"الروسيّة، يرصد فشل مساعي أوروبا لتحديد سقف لسعر الغاز.

وجاء في المقال، أنّ قطر عارضت بشدّة فكرة قيام الاتّحاد الأوروبي بتحديد سقف لأسعار الغاز، وهي مستعدّة بسهولة لتوديع المستهلكين الأوروبيين إذا سمحت أوروبا بمثل هذا الانتهاك للمنافسة.

ورغم زيارة المستشار الألماني قطر هذا الصيف، لكنّه لم يتوصّل إلى اتّفاقيّات جادّة، وبنصّ التقارير فإنّ "ألمانيا لم تعجبها شروط الدّوحة القاسية"، وقد أفادت الأنباء بأنّ قطر تصرّ على الشروط الصّعبة لإمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتّحاد الأوروبي لمدّة 20 عامًا، وأنّ قطر تعي جيّدًا أنّها في وضع قوي، حيث أنّ الغاز الطّبيعي المُسال مطلوب من العملاء في جميع أنحاء العالم. فما الذي يضطرها لبيع غازها بالشروط الأوروبية، في حين تحاول أوروبا بأي طريقة تحديد سقف لأسعار الغاز؟ 

وتُدرك قطر أنّ أوروبا إذا لم ترد شراء غازها، فإنّ آسيا سوف تستقبله بكلّ سرور، وستجد قطر أسواق مبيعات لغازها في السّنوات القادمة بمعزل عن السوق الأوروبية. لذلك، يمكن لقطر أن تملي شروطها على الأوروبيين.

والسؤال هنا، لماذا لا تمارس قطر ضغوطاً على أوروبا وأمريكا لانتزاع مكاسب للقضيّة الفلسطينيّة، أو على الأقل لكبح جماح العدوان الصهيوني على الشّعب الفلسطيني؟ ولما لا تناور السعودية بأسعار النّفط وإنتاجه لصالح القضيّة؟

لا شكّ أنّ سيطرة الخليج على قرارات القمّة وتمثيل وفودها، أي السيطرة من حيث الشّكل والمضمون، وخروج القمّة بهذا الضعف هو مسؤولية تاريخيّة خليجيّة، وصفحة سلبية كبيرة بالتاريخ ستلقى على عاتق الخليج وخاصّة الدول التي تمتلك أوراقًا للضّغط وفرّطت بها.