يوسف حمود - الخليج أونلاين-
عاد الحديث مجدداً عن محادثات ثنائية بين السعودية وجماعة الحوثيين، لكن هذه المرة وسط تخوفات من عودة الحرب بعد توقف الهدنة الأممية في اليمن، وما إن كانت الأوضاع ستمضي للأسوأ.
وتواصل سلطنة عُمان سعيها في إطار الجهود الدولية المتنامية الرامية لحلحلة الملف اليمني، لوضع حد لأسوأ أزمة إنسانية في العالم، انطلاقاً من امتلاكها علاقة جيدة مع جميع الأطراف الضالعة أو المؤثرة في معترك الأحداث داخل البلد المنهك، خصوصاً الحوثيين.
ومع إعلان الحوثي عقده مباحثات ثنائية مع السعودية في مسقط، وزيارة متزامنة لوفد عُماني إلى صنعاء تعود التساؤلات حول ما الذي قد تسفر عنه تلك المباحثات، وهل أصبحت الطريق ممهدة للسلام في اليمن؟
مفاوضات سرية
بعد أيام من زيارة قام بها وفد عُماني إلى صنعاء، أعلن الناطق باسم جماعة الحوثيين محمد عبد السلام (25 ديسمبر 2022)، أن لقاءات مباشرة جرت مع مسؤولين سعوديين عقب انقضاء الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة، مطلع أكتوبر الماضي.
ونقلت قناة "المسيرة" عن عبد السلام قوله إن نقاشات مكثفة جرت في العاصمة العمانية مسقط بين أطراف متعددة، بينها السعودية والأمم المتحدة.
وأضاف: "حالياً لسنا أمام أي التزام في ما يتعلق بوقف إطلاق النار، لكن هناك جهود محترمة يبذلها الأشقاء في عُمان بموازاة مناقشة أفكار لتحقيق تقدم".
وفي الـ21 من الشهر ذاته، أعلن عبد السلام زيارة وفد عماني لصنعاء، ولقاء زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي، وعدد من قادة الحوثيين، مشيراً إلى أن الوفد قدم لهم مقترحات التحالف الذي تقوده الرياض.
وأكد أن اللقاءات "كانت مثمرة، وقدّمت تصورات للأفكار المطروحة في المفاوضات"، لكنه حذَّر الحكومة المعترف بها دولياً من اتخاذ "أي إجراءات عقابية" ضد الحوثيين استناداً إلى قرار تصنيفهم كجماعة إرهابية.
ليست الأولى
لم تكن هذه اللقاءات هي الأولى بين الجانبين، لكن لم يُعرف ما إن كانت مباحثات مباشرة قد جرت، حيث كشفت معلومات، في شهر يونيو الماضي، عن محادثات ثنائية بين السعودية وجماعة الحوثيين.
ونقلت وكالة "رويترز" حينها عن مصدرين أن محادثات مباشرة عبر الإنترنت بين السعودية وجماعة الحوثيين استؤنفت لمناقشة الأمن على طول حدود المملكة والعلاقات المستقبلية في إطار أي اتفاق سلام مع اليمن.
وأحيطت تلك المحادثات بالسرية والكتمان من قبل قيادات الحوثيين، والإنكار في بعض الأحيان من السعودية التي تصنف جماعة الحوثيين "منظمة إرهابية".
وفي نوفمبر 2019، أعلنت الخارجية العُمانية حدوث تطورات إيجابية في الحوار بين السعودية والحوثيين في اليمن، معتبرة أن الطرفين بات لديهما "رغبة أكيدة" في التوصل للأمن والاستقرار.
فيما نقلت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية، عن مصادر مطلعة حينها، أن السعودية خاضت مباحثات غير مباشرة خلف الكواليس مع الحوثيين، تستضيفها سلطنة عمان؛ بهدف إنهاء الحرب في اليمن.
أهمية كبيرة حالياً
حول الحديث عن محادثات بين الحوثيين والسعودية في مسقط يشير المحلل السياسي نجيب السماوي إلى أن هذه المفاوضات ليست الأولى بين الجانبين.
ويقول لـ"الخليج أونلاين"، إن المحادثات "قائمة منذ سنوات طويلة وليست جديدة، حيث إنها تحقق بعض النجاح أحياناً وتخفق في أغلب الأوقات"، مرجعاً سبب فشلها بشكل كبير إلى "سيطرة إيران على جماعة الحوثيين، وإصدار قرار التقدم في التفاوض أو تعطيله منها".
لكن السماوي في الوقت ذاته يرى أنه في حال صحة المفاوضات الأخيرة فإنها "تكتسب أهمية مختلفة عن سابقاتها؛ نتيجة للمستجدات خلال الشهرين الماضيين، واستمرار التهدئة بين الجانبين، بالإضافة إلى أجندة الأمم المتحدة في البدء بالتفاوض بملفات جديدة".
ويؤكد أن السعودية التي بدأت أيضاً سابقاً هذا العام محادثات مباشرة مع إيران في بغداد، "تريد ضمانات أمنية؛ لأن حدودها الطويلة مع اليمن تجعل المملكة عرضة للاضطرابات، وكذا لوقف الهجمات على منشآتها النفطية".
ويؤكد أن "الاتفاق بين السعوديين وجماعة الحوثيين على طبيعة العلاقات المستقبلة بينهما هو شرط مسبق لأي مفاوضات يمنية - يمنية جادة"، معتبراً أنه "من دون ذلك الاتفاق لن تؤدي تلك المفاوضات إلا إلى الفشل، أو إلى اتفاق لا يمكن تطبيقه".
هدنة مستمرة!
ولا تزال المساعي الأممية جارية من أجل تمديد الهدنة في اليمن، التي بدأت في أبريل وانتهت في الثاني من أكتوبر الماضي، وسط تخوفات من انفجار الوضع في البلاد في أي لحظة.
وعلى الرغم من حالة التعثر في تنفيذ بنود الهدنة الأممية في ما يخص فتح الطرق بمدينة تعز، فإنها لا تزال صامدة رغم الاقتتال المحدود بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين في بعض المناطق بالبلاد.
ولا يزال الأمر مرهوناً بجماعة الحوثيين للموافقة على المقترح الذي قدمه المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، بعد مفاوضات في العاصمة الأردنية عمّان بين وفدي الحكومة والحوثيين استمرت أسبوعين.
ويبدوا أن المحادثات الأخيرة ربما تركز على الأهداف المؤقتة، مثل استمرار فتح مطار اليمن الدولي الرئيسي في صنعاء وتوسيع رحلاته، وإقامة منطقة عازلة على طول الحدود اليمنية السعودية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ووقف هجماتهم على المملكة.
كما تهدف للتمهيد لمفاوضات يمنية يمنية، لكن الحوثيين يشترطون من أجل ذلك إشراكهم في أجهزة الدولة، وبترتيبات تمكنهم من تقاسم السلطة بما يضمن لهم دوراً كبيراً في حكومة وحدة وطنية، فيما تريد السعودية من الحوثيين قطع علاقتهم مع إيران، والتخلي عن الأسلحة الثقيلة.