كامل جميل - الخليج أونلاين-
في الوقت الذي يعيش فيه الكويتيون احتفالات فبراير، يطرق أبوابَ الذاكرة حدث مرير على مستوى المنطقة، حين غزت القوات العراقية الكويت واحتلتها في غضون عملية عسكرية مباغتة وسريعة، ويتبادر إلى الذهن "الحكومة الكويتية" اتي تشكلت حينذاك، ثم ضمت الكويت إلى العراق لتصبح المحافظة رقم 19.
ففي أغسطس 1990، أمر الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين، قواته بغزو الكويت في عملية عسكرية استغرقت نحو 48 ساعة، وانتهت باستيلاء قواته على كامل الأراضي الكويتية، في 4 أغسطس.
كان المخطط جاهزاً لدى القيادة العراقية حينها بتشكيل حكومة للكويت، وهو ما عُمل به، فتشكلت حكومة كويتية صورية برئاسة العقيد علاء حسين.
تشكيل هذه الحكومة جاء كعذر اتخذه العراق لتبرير غزوه الكويت، حيث أعلنت بغداد أن دخول القوات العراقية للكويت جاء تلبية لنداء "الثوار"، في إشارة إلى وجود معارضين انقلبوا على الحكم.
واختارت الحكومة العراقية العقيد علاء حسين، بعد رفض شخصيات كويتية معارضة معروفة أخرى أداء هذا الدور، فأصدرت بغداد بياناً صبيحة يوم الغزو، مشيرة إلى أن دخول القوات العراقية للكويت جاء للمساعدة في استتباب الأمن بعد حصول انقلاب عسكري داخلي.
من هو علاء حسين؟
علاء حسين على جبر الخفاجي، المولود في 1948، هو ضابط سابق في الجيش الكويتي، وقد نشأ في الكويت، وتلقى تعليمه الجامعي في بغداد.
بعد غزو الكويت أسند صدام حسين للخفاجي رئاسة "حكومة جمهورية الكويت المؤقتة"، وأسند صدام إليه أيضاً في نفس الحكومة منصبي وزير الداخلية ووزير الدفاع.
تشكلت الحكومة التي يترأسها الخفاجي، مكونة من كل من المقدم وليد سعود محمد عبد الله وزيراً للخارجية، والمقدم فؤاد حسين أحمد وزيراً للنفط، وزيراً للمالية وكالة، والرائد فاضل حيدر الوفيقي وزيراً للإعلام، وزيراً للمواصلات وكالة، والرائد مشعل سعد الهدب، وزيراً للصحة العامة وشؤون الإسكان.
وشملت الحكومة أيضاً المقدم حسين علي دهيمان الشمري وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل، وزير الأشغال العامة وكالة، والرائد ناصر منصور المنديل وزيراً للتربية، وزير التعليم العالي وكالة، والرائد عصام عبد المجيد حسين وزيراً للعدل والشؤون القانونية، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وكالة، والرائد يعقوب محمد شلال وزيراً للتجارة والكهرباء والتخطيط.
حكومة علاء الخفاجي لم تستمر سوى خمسة أيام؛ حيث أعلن صدام حسين، في 9 أغسطس 1990، ضم الكويت إلى العراق لتكون وفق القرار المحافظة الـ19 للعراق.
بعد ضم الكويت عيّن صدام حسين علاء الخفاجي نائباً لرئيس الوزراء العراقي، فيما عيّن بقية الوزراء بصفة مستشارين في رئاسة الجمهورية بدرجة وزير.
حرب التحرير
في تحالف دولي كبير قادته الولايات المتحدة الأمريكية، جرى تحرير الكويت في 28 فبراير 1991.
تلقت القوات العراقية في تلك الحرب الواسعة هزيمة كبيرة، استخدمت فيها قوات التحالف الدولي أحدث أسلحتها، خاصة الجوية.
وسبق الحرب فرض الأمم المتحدة حصاراً اقتصادياً خانقاً على العراق؛ في مسعى لإجبار قيادته على الانسحاب من العراق، لكنها لم تستجب للنداءات الدولية، وخاضت الحرب التي كانت نتائجها وخيمة على العراقيين.
وألغى مجلس الأمن الحصار في مايو سنة 2003، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وزوال حكومة صدام حسين، لكن الحصار خلال كل تلك السنوات كان قدر ترك آثاراً مرعبة، حيث حرم العراقيون من الغذاء والدواء والتكنولوجيا، وتسببت الأمراض وسوء التغذية بوفاة أكثر من مليون ونصف المليون طفل.
مصير الحكومة "الدمية"
كان صدام حسين بعد تحرير الكويت خيّر الوزراء في حكومة الكويت التي تشكلت على أثر الغزو بين العودة إلى بلدهم أو الانتقال إلى بلد آخر، فقرروا العودة للكويت.
كان أول الوزراء العائدين إلى الكويت حسين دهيمان الشمري، الذي عاد مع فوج الأسرى الكويتيين نتيجة لحالته الصحية المتردية.
وأهدى صدام كل واحد منهم ساعة ثمينة ومبلغاً من المال، ونقلوا إلى الحدود بسيارة خاصة، وذلك في 27 أبريل 1991، ليسلموا أنفسهم لبلادهم، أما علاء حسين الخفاجي فبقي داخل العراق.
واستمر التحقيق مع الضباط العائدين نحو ثلاثة أشهر، وتوصل التحقيق إلى أنهم موالون للكويت، وكانوا مجبرين على فعلتهم و"مسلوبي الإرادة"، بينما أصدرت محكمة أمن الدولة الكويتية حكماً بالإعدام غياباً على علاء حسين الخفاجي بتهمة الخيانة العظمى، وبرأت بقية المتهمين.
في عام 1998، سمح العراق لعلاء بأمر من صدام بمغادرة البلاد إلى حيث يشاء، فبقي متنقلاً بين تركيا والنرويج وبريطانيا.
في 14 يناير 2000، عاد علاء طواعية إلى الكويت ليسجن، ويحكم عليه في أبريل من نفس العام بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى.
لاحقاً خفف الحكم إلى السجن المؤبد بحكم نهائي صدر عن محكمة التمييز، أعلى محكمة قضائية في الكويت، وذلك في مارس 2001.
أفراح التحرير
الكويتيون دأبوا منذ 1991 على الاحتفال بذكرى التحرير سنوياً، في فبراير، حيث تستمر الاحتفالات على مدى شهر كامل، يتخلله عديد من الفعاليات.
والأحد 26 فبراير 2023، دعا أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، مواطني بلاده إلى "استشعار نعمة تحرير الكويت" وعودتها محررة.
جاء ذلك في كلمة وجهها إلى الشعب الكويتي بمناسبة الذكرى الـ32 لتحرير البلاد من الغزو العراقي، وذكرى استقلالها عن المملكة المتحدة، في 19 يونيو 1961.
وأشاد "الصباح" بما وصفه بـ"مظاهر الفرحة والبهجة بذكرى هاتين المناسبتين الوطنيتين الغاليتين على نفوس الجميع، وما أبدوه من روح وطنية عالية جسدت أجمل صور الولاء والوفاء للوطن العزيز، وأبرزت روح الأسرة الكويتية المتلاحمة بما يجمعها من توادٍّ ومحبة وتكاتف".
ودعا في سياق كلمته المواطنين إلى "استشعار نعمة التحرير التي أفاء بها المولى تعالى على وطننا العزيز، وعودته محرراً ينعم بالأمن والأمان بسعي وتكاتف الجميع لتسخير الإمكانيات والجهود كافة للنهوض والارتقاء به".
وتشهد دولة الكويت، في الـ25 من شهر فبراير كل عام، احتفالات واسعة بعيدها الوطني، في ذكرى استقلالها عن المملكة المتحدة، في 19 يونيو 1961.
ويوافق هذا العام مرور 62 عاماً على ذكرى الاستقلال، كما تتزامن المناسبة مع الذكرى الـ32 لتحرير البلاد من الغزو العراقي.