علاقات » عربي

دلالات زيارة وفد حماس للسعودية.. هل تعود العلاقات بينهما؟

في 2023/04/19

يوسف حمود - الخليج أونلاين- 

يُعتبر ملف العلاقات الخارجية لحركة حماس، التي تدير شؤون قطاع غزة المحاصر منذ سيطرتها عليه عام 2007، أحد الملفات المثيرة خلال السنوات الأخيرة، سواء في علاقتها مع إيران أو دول الخليج إلى جانب دول أخرى في العالم.

وحرصت حماس على نوع من الدبلوماسية مع السعودية منذ فتور العلاقات بين الجانبين خلال السنوات الأخيرة، ورغم اعتقال مدير مكتبها محمد الخضري من قبل المملكة، فإنها تعاملت بلغة الاعتدال مع الرياض؛ في محاولة لإبقاء المجال متاحاً لأي صلح قادم.

ومع المتغيرات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً مع تقارب السعودية وإيران، يبدو أن خطوات جديدة تمضي نحو تفاهمات بين الرياض وحركة حماس، وهو ما كان لافتاً من الزيارة التي يقوم بها وفد من الحركة للمملكة، فهل تكون هذه الزيارة مفتاحاً لعودة التقارب بين الجانبين، أم أن الفتور في العلاقات سيستمر؟

زيارة لافتة

بعد تسريبات، وصل وفد رفيع من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بقيادة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، (17 أبريل 2023)، إلى السعودية في زيارة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، حيث ظهر الوفد في الحرم المكي يؤدي مناسك العمرة.

ونقلت وكالة "الأناضول" عن مصدر فلسطيني -لم تكشف عن هويته- قوله إن "الوفد بقيادة هنية يضم كلاً من خالد مشعل رئيس الحركة في الخارج، وعدداً من أعضاء المكتب السياسي، أبرزهم خليل الحية، وموسى أبو مرزوق".

وذكر أن "الوفد سيؤدي مناسك العمرة في مدينة مكة المكرمة، ويلتقي مسؤولين سعوديين"، مشيراً إلى أن "الزيارة سوف تستمر عدة أيام، وستبحث عدداً من القضايا الفلسطينية والعلاقة بين المملكة وحماس، وملف المعتقلين الفلسطينيين".

ولفت المصدر إلى أن "حماس تحرص على علاقات متوازنة مع جميع الدول العربية والإسلامية بما يخدم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني"، معتبراً أن زيارة الوفد "تعد خطوة مهمة على طريق استعادة العلاقات الثنائية بين السعودية وحماس بعد سنوات من الفتور".

زيارة وسط تطورات

لعل اللافت في زيارة وفد حماس، أنها أيضاً تأتي بالتزامن مع وصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى مدينة جدة السعودية، في زيارة رسمية غير محددة المدة، بحث خلالها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، آخر تطورات القضية الفلسطينية، وتعزيز العلاقات بين البلدين.

كما تأتي زيارة وفد حماس، عقب التقارب السعودي ـ الإيراني مؤخراً، والذي من شأنه أن ينعكس إيجاباً على عديد من ملفات المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وكان تقرير لمركز "زيتونة" للدراسات والاستشارات، توقع أن تحدث عقب الاتفاق بين طهران والرياض، نقلة نوعية في الموقف الإيراني والسعودي من القضية الفلسطينية، باتجاه بناء موقف سياسي مشترك أكثر دعماً للقضية الفلسطينية، ورفضاً للسلوك الإسرائيلي المتطرّف تجاه القضية وحقوق الشعب الفلسطيني.

ومؤخراً، تتبع السعودية استراتيجية جديدة تقوم على تصفير الأزمات، وقد بدأتها مع إيران ثم الحوثيين، ثم مع النظام السوري؛ ما يجعل من إمكانية عودة العلاقات مع حماس، أحد أسباب هذا التوجه الجديد للمملكة.

رغبة باستعادة العلاقات

يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني شرحبيل الغريب، أن تمثيل حركة حماس بوفد رفيع المستوى "له دلالة واضحة على وجود رغبة كبيرة في استعادة العلاقة مع السعودية انطلاقاً من مكانتها بالمنطقة والإقليم".

كما يعتقد أن الموافقة على الزيارة "تعكس توجهاً حقيقياً لدى السعودية لحل الخلافات الإقليمية وتصفير المشكلات من جهة، ودلالة على حيوية تشهدها السياسة الخارجية السعودية في الفترة الأخيرة، والتي باتت تتحرك بشكل ملحوظ منذ انفتاحها في العلاقة مع إيران من جهة أخرى".

"الغريب" في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يرى أن التوقيت "مهم جداً"، مرجعاً ذلك إلى "أنها تأتي في مرحلة تشهد نشاطاً من المصالحات، وفكفكة لبعض الأزمات في المنطقة، والتي كانت السبب المباشر وراء القطيعة مع حماس ومجموعة من الدول في المنطقة".

ويضيف: "حماس حركة فاعلة ومؤثرة في المشهد الفلسطيني، وذات ثقل سياسي وعسكري، وهي تقود مشروع المقاومة في فلسطين، ولها برنامجها الذي يجعلها قوة يصعب تجاهلها، وهو ما يفرض وقائع سياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما أن تعميق حالة التحالف بين حركة حماس ومحور المقاومة، لا سيما إيران، وارتباط ذلك بالمتغيرات الدولية أكسبها زخماً كبيراً".

وإلى جانب ذلك، يرى أن ثمة أسباباً أخرى شجعت السعودية على الموافقة على زيارة وفد حماس للمملكة في هذه المرحلة، أهمها "تصاعد المقاومة بفلسطين، لا سيما في الضفة والقدس المحتلة، وهو ما أربك الأطراف كافة وجعل من المقاومة -وحركة حماس تحديداً- المرتكز الأساسي في الفعل ورد الفعل".

كما يرى الزيارة "فرصة سانحة للسعودية لإعادة العلاقة مع حماس إلى سابق عهدها، في ظل تزايد عنصرية حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف وجرائمها بزعامة نتنياهو".

وتابع: "الزيارة ستعزز مسار إعادة ترميم العلاقة بالدرجة الأولى، وتجسد لمرحلة جديدة في العلاقات، على الأقل إذابة الجليد في العلاقة وكسر حالة القطيعة التي طال أمدها ثماني سنوات".

ويعتقد أن نجاح مثل هذه الزيارة "سيفتح الباب أمام دور سعودي أكبر متعلق بالقضية الفلسطينية، وربما يطال ملف المصالحة الفلسطينية المجمد، والذي سبق أن رعته المملكة عام 2007 بما يُعرف بـ"اتفاق مكة".

واستطرد بالقول: "السعودية ربما تهدف إلى تهيئة موقف فلسطيني موحد يضمن إنهاء الانقسام برعاية سعودية جديدة، يكون أحد أهم الملفات التي تتصدر القمة العربية الثانية والثلاثين بالمملكة العربية السعودية في مايو المقبل، لغرض توفير غطاء عربي موسع يضمن تحقيق المصالحة عملياً، ويعطي السعودية دوراً وزخماً وحضوراً جديداً في القضية الفلسطينية".

خلافات الجانبين

كانت آخر زيارة من حركة "حماس" للرياض في عام 2015، حينما التقى وفد بقيادة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي للحركة آنذاك، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ومسؤولين سعوديين في مكة المكرمة، إلا أنها لم تثمر شيئاً.

وكانت الرياض تقيم علاقات طيبة مع حركة "حماس"، إلا أنها دخلت في مرحلة فتور ثم قطيعة خلال السنوات الأخيرة.

ووصلت إلى أسوأ مراحلها على خلفية اعتقال الرياض القيادي بالحركة وممثلها في المملكة محمد الخضري ونجله، ضمن حملة طالت عشرات الفلسطينيين، يحمل بعضهم الجنسية الأردنية، وإصدار أحكام حبس بحقهم.

واستمرت الحركة في التقرب من السعودية ضمن استراتيجيتها المتمثلة في الانفتاح على الدول والأنظمة، حيث أرسل هنية رسالة إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان؛ لتهنئتهما بنجاح "قمة العلا" ورأب الصدع الخليجي في التاسع من يناير 2021.

في أكتوبر من عام 2022، أعلنت حركة حماس أن السعودية أفرجت عن ممثل الحركة السابق في الرياض محمد الخضري ونجله.

كما رحَّلت السعودية، في فبراير الماضي، عدداً من الفلسطينيين المعتقلين، بينهم القيادي سليمان حداد ونجله محمد إلى تركيا، ومحمد فطافطة، ومحمد أسعد إلى الأردن، فيما أشارت وسائل إعلام فلسطينية لاحقاً، إلى أنها رحلت آخرين، دون الكشف عن أسمائهم، وتستعد للأفراج عن آخرين.