ستراتفور ترجمة الخليج الجديد-
سلط تقرير نشره موقع ستراتفور الضوء على العراقيل التي من المحتمل أن تواجه أي عملية تطبيع شامل لسوريا وإعادة تأهيلها اقتصاديا ودبلوماسيا على المدى القصير والمتوسط.
واعتبر التقرير أن هذه العوامل في مقدمتها عناد الرئيس السوري بشار الأسد، إلى جانب الانقسامات الداخلية في العالم العربي ومعارضة الولايات المتحدة الأمريكية.
انقسامات عربية
وذكر التقرير أنه مع استعداد النظام في دمشق للظهور على أنه المنتصر بلا منازع في الحرب السورية المتواصلة منذ مارس/أذار 2011، سعت الدول العربية مؤخرًا إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية معه؛ كوسيلة لإعادة اللاجئين وإعادة بناء الاقتصاد السوري وتقويض المصالح الإيرانية.
وفي غضون ذلك، جادلت دول من بينها مصر والبحرين وعُمان والإمارات بأن سوريا يجب أن تستعيد مقعدها السابق في جامعة الدول العربية عندما تعقد الكتلة قمتها المقبلة في مايو/ أيار.
لكن وفقا للتقرير، فإن مساعي تلك الدول واجهت معارضة من أعضاء آخرين في جامعة الدول العربية يريدون من دمشق تقديم تنازلات سياسية للمتمردين وجماعات المعارضة قبل التطبيع على نطاق واسع.
وكانت قطر أشد المعارضين لتطبيع العلاقات دون أن يوافق نظام الأسد أولاً على نوع من عملية المصالحة السياسية، حيث تسعى الدوحة للدفاع عن سمعتها الدبلوماسية كوسيط سلام في المنطقة.
كما أعرب الأردن عن مخاوف مماثلة، مدفوعة بمخاوف من أن 1.3 مليون لاجئ سوري يعيشون في الأردن لن يعودوا إلى ديارهم دون حل للصراع السياسي الذي أجج سنوات من الصراع الدموي في البلاد.
عناد الأسد
وقال التقرير إن الأسد خاض حربًا أهلية طاحنة لأكثر من عقد أدت إلى نزوح حوالي نصف سكان سوريا، كل ذلك باسم تأمين مكانة عائلته في قلب هيكل السلطة في البلاد.
وقد أظهر الأسد القليل من الدلائل على استعداده لتقديم أي تنازلات قد تهدد هذا الهدف - خاصة مع اقترابه من تحقيق النصر الذي يلوح في الأفق الآن.
على الرغم من أن روسيا ستضغط على الأرجح على سوريا لتخفيف سيطرتها الصارمة على النظام السياسي، فإن لدى دمشق حافزًا ضئيلًا للقيام بذلك على المدى القريب، حيث تشعر بالقلق من أن عملية مصالحة جديدة قد تكشف عن انقسامات داخلية في المناطق الموالية وتنذر باضطرابات وحرب جديدة.
وبالتالي، فإن الحكومة السورية شبه متأكدة من أنها ستعارض مطالب الجديدة التي أعلنها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (ذات الطابع الكردي) بالحكم الذاتي السياسي وإجراء إصلاحات سياسية من أجل استعادة دمشق للأراضي الواقعة تحت سيطرتها.
إذ سترى دمشق أن الموافقة تلك المطالب سوف تضعف قبضة عائلة الأسد على سلطة الدولة، ومن غير المرجح أيضًا أن تقوم بجهود مصالحة سياسية أوسع ترضي الولايات المتحدة. والمتشككون العرب في تطبيع دمشق.
وسبق أن فشلت المحاولات الدولية المتعددة، بما في ذلك خطة جامعة الدول العربية ومحادثات السلام في جنيف، في إقناع الحكومة السورية بتقديم تنازلات على مدار 12 عامًا من الحرب، حتى خلال السنوات الأولى من الصراع عندما كان نظام الأسد يكافح عسكريًا. ضد التمرد.
داخل الحكومة السورية، تنافس الموالون على الموارد والسلطة، مما أدى في بعض الأحيان إلى اشتباكات عنيفة بين الخصوم في أماكن آمنة مثل اللاذقية، ويشير هذا إلى أن حكومة الأسد يمكن أن تنقسم مرة أخرى، على الرغم من انتصاراتها العسكرية.
رفض أمريكي
وتعني الترجيحات بعدم تقديم النظام السوري التنازلات اللازمة لتنفيذ عملية تطبيع واسعة النطاق، أن الولايات المتحدة لن تقوم برفع عقوباتها على دمشق وأن تظل سارية حتى لو أقدمت أي إدارة أمريكية على سحب قواتها من سوريا.
علاوة على ذلك، فإن علاقات النظام السوري الوثيقة مع روسيا في أعقاب الغزو الأوكراني من المرجح أن تزيد اعتقاد الولايات المتحدة بأن دمشق بحاجة تظل معزولة اقتصاديًا.
وهذا، جنبًا إلى جنب مع رفض الأسد التنازل عن السلطة، سيزيد من إضعاف آفاق سوريا في تخفيف العقوبات، الأمر الذي يعرقل إعادة تأهيلها اقتصاديا ودبلوماسيا على المدى القصير والمتوسط.