متابعات-
منذ أيام، تُجرى مفاوضات بين وفد صنعاء والجانب السعودي في الرياض، من دون مشاركة أي طرف موالٍ لدول "التحالف". فـ«المجلس الرئاسي» وحكومة معين عبد الملك والأحزاب والتكتلات التي أعلنت تأييدها للحرب والحصار على اليمن، قبل تسع سنوات، تبدو بلا دور في المفاوضات التي تقول مصادر سياسية مطلعة، لـ«الأخبار»، إنها حققت تقدماً كبيراً، وحسمت عدداً من الملفات؛ أبرزها الملف الإنساني، فيما طاول النقاش الملفات الأخرى، السياسية والاقتصادية والعسكرية. ووفق المصادر، فإن المفاوضات التي تجرى بوساطة عُمانية في الرياض شبه نهائية، ولن يتجاوز دور الموالين لـ"التحالف" التوقيع وحضور المراسم. فحتى الآن، لا تعلم حكومة عبد الملك تفاصيل ما يدور من نقاشات أو حتى خطوطها العريضة، فيما تقول مصادر مقرّبة من تلك الحكومة إن الرياض تجاهلت طلباً من وزير خارجيتها، أحمد بن مبارك، لإطلاعه على ما يجري، ما أثار موجة سخط عارمة في أوساط الموالين لـ"التحالف" الذين اتهموا حكومة عدن و«المجلس الرئاسي» بالعدمية والفشل في إدارة الوضع سياسياً واقتصادياً.
وكان «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، قد لوّح بإفشال جهود السلام في اليمن، داعياً إلى تقديم ضمانات بانفصال الجنوب، معلناً في بيان أنه «يجدد تأكيد حرصه على تحقيق عملية سياسية شاملة ومستدامة تؤسّس لحوار غير مشروط لضمان معالجة جميع القضايا، وفي طليعة ذلك الإقرار بقضية شعب الجنوب». إلا أن الرياض قابلت تلك المطالب بالتجاهل، ورفضت عرضاً تقدم به رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، يتضمن ضمه إلى المفاوضات، وهو ما ردّ عليه نائب رئيس «الانتقالي» السابق، هاني بن بريك، بالتعهد بالتصدي لأي محاولات لفرض أمر واقع على الجنوبيين، بينما لوح الأمين العام لـ«الانتقالي»، فضل الجعدي، بورقة الشارع لفرض مطالب المجلس، والتي سبق أن قوبلت برفض "مجلس التعاون الخليجي" الشهر الفائت.
وعلى رغم التزام الأحزاب السياسية الأخرى الصمت، إلا أنها دفعت ناشطيها إلى شن هجوم على السعودية على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهمت الرياض بالتخلي عن حلفائها وتقزيم دورهم في مفاوضات السلام. واتهم رئيس تحرير صحيفة «الثوري» السابق، خالد سلمان، في منشور له على منصة «X»، الرياض باستخدام أسلوب الحملات الإعلامية كثيراً مع حلفائها في الداخل اليمني. ولمّح إلى أن الرياض ستجرّد حلفاءها من أي مكاسب سياسية، وستجبرهم على التوقيع على الاتفاقات مقابل البقاء على قيد الحياة في مستقبل اليمن السياسي الذي رُسم مسبقاً في مفاوضات طويلة ومعقدة أُجريت بين الرياض وصنعاء. وأشار إلى أن «السعودية تسعى بشكل جدّي إلى سلام طويل الأمد مع صنعاء بأسلوبها الخاص بعيداً عن الضغط الأميركي، لإفقاد واشنطن أيّ أوراق ضغط عليها قد تُستخدم ضدها مستقبلاً في صراع القوة الدولي، وخصوصاً أن هناك رغبة جامحة لدى الرياض في الخروج من العباءة الأميركية».
وعلى رغم تراجع الثقة بين صنعاء والرياض خلال الأشهر الماضية جراء نكوص الأخيرة عن تنفيذ التفاهمات التي جرى التوصل إليها أواخر شهر رمضان الفائت، إلا أن سقف التوقعات باقتراب الحل النهائي لأزمة اليمن ارتفع أخيراً. ويرجع ذلك إلى أن المفاوضات تجرى بين أطراف الحرب بشكل مباشر من دون تدخّلات، ولا سيما بعد التقارير التي تحدّثت عن لقاء جمع وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، بوفد صنعاء المفاوض في سلطنة عُمان خلال زيارته لها الأسبوع المنصرم. ونُقل عن مصدرين، أحدهما يمني موالٍ لحكومة الطرف عدن، وآخر المستشار في وزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي، القول إن ولي العهد الذي توجّه مباشرة من الهند حيث شارك في "قمة العشرين إلى السلطنة، استدعى اللجنة الخاصة بالملف اليمني" بقيادة شقيقه خالد الذي يشغل منصب وزير الدفاع، إلى مسقط للمشاركة في الاجتماع. وأشار اليامي إلى أن ثلاث نقاط خلافية نوقشت خلال لقاء ابن سلمان مع وفد صنعاء؛ أبرزها الموازنة العامة للدولة، والتنقل بين المحافظات، ورفع الحصار عن الموانئ، مبدياً ارتياح بلاده لنتائج اللقاء. ولفتت المصادر إلى تقديم ابن سلمان ضمانات لصنعاء حول نقاط الخلاف كافة، بما فيها الموقف الأميركي المعارض للسلام.