فورين بوليسي-
نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا لياسر زيدان، الباحث في برنامج الدكتوراة بجامعة واشنطن، والمحاضر السابق في الجامعة الوطنية بالسودان، قال فيه إن استمرار دعم الإمارات لقوات الدعم السريع، يعتبر عقبة أمام أي محاولة أمريكية لفرض عقوبات على المتحاربين في السودان.
وقال إن واشنطن فرضت في أيلول/ سبتمبر عقوبات على قادة بارزين في قوات الدعم السريع التي تدعمها شركة المرتزقة الروسية فاغنر، والتي تخوض حربا ضد القوات المسلحة السودانية منذ 15 نيسان/ أبريل.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، حظرا على الجنرال عبد الرحمن جوما، قائد الدعم السريع في غرب دارفور. وذكرت الوزارة أن السبب هو تورطه في انتهاكات حقوق إنسان. وبنفس السياق، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، عن عقوبات على نائب قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، وشقيق زعيمها، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وذلك لدور الجماعة شبه العسكرية في انتهاكات حقوق الإنسان والقتل العرقي بالسودان. ورغم أن هذه الخطوات تشير إلى تحول في السياسة الأمريكية تجاه السودان، لكن هناك المزيد يجب على واشنطن عمله لوقف العنف.
ويضيف الكاتب قائلا: “على الرغم من حملات اللوبي والدعاية في الكابيتال هيل التي قامت بها قوات الدعم السريع، إلا أن هذه القوات تظل قرينة بميليشيات الجنجويد سيئة الذكر، والتي قتلت آلافا من سكان دارفور، تحت قيادة حميدتي”، وعليه، فقد عبّرت الولايات المتحدة عن موقف واضح من خلال الموجة الجديدة من العقوبات، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي، ولن تسمح بتكرار الإبادة في دارفور، ونشر الفوضى في البلاد.
وفي الوقت الذي تشعر فيه الولايات المتحدة بالقلق من سلوك القوات المسلحة السودانية، لكنها تفرّق بين الجيش المحترف، وميليشيا عائلية تتلقى النصح والاستشارة من مجموعة فاغنر، وتعمل معها في مناجم ذهب مرتبطة بروسيا.
إلا أن العقوبات الأخيرة بدون أسنان، لسبب بسيط، وهو أنها لن تعرقل عمل قوات الدعم السريع العسكرية، أو تردعها عن مواصلة جرائمها، نظرا لشبكتها المالية الواسعة والتي تعمل من دولة الإمارات.
فقد تعلم حميدتي من شركة فاغنر، وأنشأ شبكة من شركات الظل التي يديرها شقيقه الأصغر القوني حمدان دقلو في دبي. إلا أن الولايات المتحدة تجد صعوبات في التعامل مع شريكتها الخليجية والتزامها بالعقوبات.
فقد كشفت التقارير الأخيرة، أن كيانات تابعة لفاغنر وروسيا تعمل من الإمارات رغم العقوبات الأمريكية. وزار وفد بارز من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، الإمارات بغرض الضغط على أبو ظبي بشأن توجيه السلع ذات الاستخدام المزدوج لروسيا.
ويجب على الولايات المتحدة العمل مع الإمارات لفضح إمبراطورية الدعم السريع المالية، واستهداف الكيانات التي تمول الجرائم ضد الإنسانية في السودان. وعلى الحكومة الأمريكية الضغط على الإمارات ومنعها من نقل الأسلحة لقوات الدعم السريع، كما كشف تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” عبر مطار عسكري في شرق تشاد.
وكشفت لقطات جديدة من السودان عن حصول مقاتلي فاغنر على أسلحة متقدمة. فقد كُشف عن أن مسيّرة أسقطها الجيش السوداني، مصدرها صربيا التي باعتها للإمارات. وظهر مقاتل في ميليشيا الدعم السريع وهو يحمل صاروخ كورنيت المضاد للدبابات ومصدره من فاغنر مقابل الذهب. واستخدم الدعم السريع الأسلحة في معاركه بجنوب الخرطوم، ومع ذلك، لم تشجب الحكومة الأمريكية، الإمارات ودعمها العسكري.
وفي مقابلة سابقة مع “فورين بوليسي”، أكدت سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة، ليندا توماس- غرينفيلد، دخولَ أسلحة للسودان عبر دول الجوار بدون تسميتها. ولم يكن لدى قوات الدعم السريع الأسلحة المتقدمة عندما بدأت حربها ضد الجيش في نيسان/ أبريل، ولكنها اليوم تملك تلك الأسلحة التي ساعدتها على مهاجمة القواعد العسكرية المحصنة للجيش والأحياء المدنية.
ويقول الكاتب إن استمرار وصول الأسلحة المتقدمة لقوات الدعم السريع، يطيل أمد الحرب في السودان، ويعطي منتهكي حقوق الإنسان قوة أخرى لارتكاب المزيد من الجرائم. فوقف الشحنات هذه سيحد من قدرة الدعم السريع على مهاجمة فرق الجيش السوداني وقواعده.
وخطوة كهذه، ستجمد تجارة الذهب التي تشرف عليها فاغنر في السودان، وهي تجارة تساعد موسكو في حربها ضد أوكرانيا.
ويعلق الكاتب أن واشنطن لديها نفوذ للتأثير على الإمارات، ووقف تحالفها مع قوات الدعم السريع، ومتابعة مصالحها الإستراتيجية بالمنطقة. ورغم العثرات الأخيرة في العلاقات، تظل الإمارات حليفا أمنيا واقتصاديا مهما للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
ولدى الإمارات مصالح حيوية في الموانئ والأراضي الزراعية السودانية. فقبل أشهر من الحرب، أعلنت الإمارات عن مشروع بـ6 مليارات دولار على البحر الأحمر في شرق السودان. ويضم المشروع ميناء جديدا ومطارا وطريقا للمحور الزراعي في شمال السودان.
ومن هنا، فمصالح أبو ظي يمكن أن تؤمّن بدون دعم ميليشيات حميدتي. فدولة تعيش في سلام واستقرار، مهمة لهذه الاستثمارات. وعلينا الملاحظة أن سكان شمال وشرق السودان يشتركون في عدائهم لقوات الدعم السرسع مع الضحايا الذي لجأوا إلى هناك. وبدعمها حميدتي، تقوم الإمارات بتشويه صورتها ومصالحها الإستراتيجية في السودان على المدى البعيد.
وذكّر الكاتب بما قاله جو بايدن عام 2007، عندما كان سناتورا في مجلس الشيوخ، معلقا على أحداث دارفور: “بدلا من التهديد علينا التحرك الآن”. وبعد مرور خمسة أشهر على الحرب، حان الوقت لكي تستمع الحكومة الأمريكية لأصوات المنادين في الكونغرس، والمطالبين بالتحرك ضد المعتدي الذي يرتكب جرائم ضد الشعب السوداني.
وهناك حاجة لتسمية مبعوث رئاسي للسودان لإظهار مشاركة البيت الأبيض القوية، والتنسيق مع مكتب أفريقيا والشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية. والأهم من كل هذا، على الحكومة الأمريكية منع قوات الدعم السريع من تمويل وتسليح حملتها الإبادية عبر شركات وكيلة في الإمارات، وعلى بايدن منع إبادة جديدة تقع تحت ناظريه.