متابعات-
طالب زعماء وقادة دول عربية وإسلامية، بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، توفير ممرات إنسانية للتعامل مع الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الفلسطينيون في القطاع، محذرين من أن إسرائيل تمارس عقابا جماعيا لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال، دون أن يعاقبها أحد.
جاء ذلك في كلمات ألقوها خلال القمة العربية الإسلامية الاستثنائية وغير العادية المشتركة، التي انطلقت أعمالها السبت في العاصمة السعودية الرياض، لبحث التطورات التي تشهدها غزة والأراضي الفلسطينية والحرب الإسرائيلية على غزة، التي دخلت يومها الـ36.
وشدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في كلمته التي ألقاها نيابة عن الملك سلمان بن عبدالعزيز، على رفض المملكة لما وصفه بـ"الحرب الشعواء التي يتعرض لها أشقائنا في فلسطين، وراح ضحيتها آلاف المدنيين من الأطفال والنساء والعزل".
وطالب ولي العهد السعودي، بـ"الوقف الفوري للعمليات العسكرية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي" و"توفير ممرات إنسانية للتعامل مع الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة".
كما دعا إلى العمل على فك الحصار المفروض على قطاع غزة، مشيراً إلى أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو "إنهاء الاحتلال والحصار والاستيطان".
وشدد ولي العهد السعودي، على رفض السعودية للتهجير القسري، محذرا من "كارثة إنسانية تشهد على فشل مجلس الأمن والمجتمع الدولي في وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقوانين والأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني وتبرهن على ازدواجية المعايير وانتقائية تطبيقها".
وفي كلمته، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن الشعب الفلسطيني يتعرض لـ"إبادة لا مثيل لها"، مضيفاً: "قلبي يعتصر ألماً وحزناً وغضباً على قتل آلاف الأطفال، وإبادة أسر بكاملها وتدمير المستشفيات والمساجد والمدارس والكنائس، وكل هذا على مسمع ومرأى من العالم".
وتابع: "إلى متى هذا الاضطهاد وغياب العدالة بحق الشعب الفلسطيني. نحن أصحاب الأرض والمقدسات، إسرائيل تخطت الخطوط الحمراء بالقتل والتدمير".
وطالب عباس، مجلس الأمن الدولي بأن "يتحمل مسؤولياته لوقف العدوان (الإسرائيلي) الغاشم على شعبنا وعلى الفور"، كما دعا إلى تأمين إدخال المواد الطبية والغذائية وتوفير المياه والكهرباء والوقود إلى قطاع غزة.
كما شدد على رفض "تهجير أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة الغربية"، داعياً إلى منعه.
في غضون ذلك، حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، من اتساع نطاق حرب إسرائيل على غزة، مطالباً بالوقف الفوري لها.
وأضاف أن "الحرب ليست وليدة اليوم بل هي منذ 75 عاماً"، مشيراً إلى أن "إسرائيل تسعى لجعل القطاع غير قابل للحياة من خلال تدمير البيوت والمقدسات والمستشفيات".
وأردف: "هل على العالم انتظار المأساة والدمار ليدرك أن السلام العادل هو من يمنح الفلسطينيين السلام عبر حل الدولتين. الظلم الواقع يدل على فشل المجتمع الدولي في ضمان حقوق الفلسطينيين وقيام الدولة المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس".
ولفت العاهل الأردني، إلى أنه "لا يمكن السكوت على الأوضاع في غزة، ويجب أن تبقى الممرات الإنسانية مستدامة وآمنة لتوصيل المساعدات الغذائية والطبية"، لأن منعها "جريمة حرب".
وأكد أن "الأردن سيواصل مد القطاع بالمساعدات بكافة الوسائل الممكنة".
من جانبه، قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إنه يجب وقف "جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في غزة فوراً"، مطالباً بـ"موقف صارم".
وتساءل: "كيف تبرر إسرائيل قصف المستشفيات. هذه أمور غير مسبوقة، متى ستبقى إسرائيل فوق القانون الدولي؟".
وتابع: "هناك دول تمتنع عن إدانة الأعمال والانتهاكات الإنسانية من خلال قصف الأحياء السكنية ومخيمات اللاجئين وإجبار السكان على التهجير كل ذلك على مرأى العالم".
وزاد: "دولة قطر ثابتة في موقفها الداعم للقضية، وستستمر في مواصلة إيصال المساعدات مع الشركاء ونطالب بفتح ممرات آمنة دون عوائق وشروط، ونرفض التعسف واستخدام الابتزاز السياسي من قبل إسرائيل".
وأكد مضي قطر في دعم الجهود الدولية لخفض التصعيد وحماية المدنيين وإطلاق سراح الرهائن، مضيفا: "نأمل التوصل إلى هدنة إنسانية في القريب العاجل، لتجنب تفاقم الكارثة الإنسانية التي حلت بالقطاع.. وندين استهداف المنشآت الصحية والتعليمية، ونطالب بالتحقيق الدولي".
وشدد على ضرورة اتخاذ موقف صارم تجاه حرب غزة، قائلاً: "علينا اتخاذ خطوات رادعة تبرز ثقل الدول الإسلامية"، معتبراً أن "ارتكاب إسرائيل لجرائم الإبادة باستهتار، لا يلحق الضرر بالأمن العربي والإسلامي فحسب، بل بالأمن الوطني لدولنا".
واعتبر الشيخ تميم أن "عدم إلزام المجتمع الدولي لإسرائيل بوقف الجريمة الجارية في غزة، هو رخصة للإمعان في هذا النهج الكارثي".
أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقال إن صمت العالم إزاء حرب غزة "مخجل ويعد فقداً للضمير"، مشدداً على ضرورة وقف النار الدائم وإيصال الوقود للمستشفيات.
وأضاف: "باتت الكلمات عاجزة عن وصف ما يجري في غزة منذ 7 أكتوبر مع استهداف المدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف بشكل بربري، ورأينا جثث الأطفال الأبرياء وأمهات مع أولادهن فارقن الحياة، وآباء يبحثون عن ذويهم. إسرائيل تنتقم من أحداث 7 أكتوبر بقتل الأبرياء".
وتابع: "لا يمكن القبول بذلك أبداً. لا شك أن أهل الضفة يتأثرون أيضاً، 73% من القتلى من النساء والأطفال، ولا يمكن اعتبار الدفاع عن النفس ذريعة لقتلهم".
واعتبر الرئيس التركي أن المدافعين عن أميركا والغرب ويدعون إلى حقوق الإنسان "نسوا ذلك أمام حرب غزة، وهذا يتجلى في تصويت مجلس الأمن. ننتظر من الدول الداعمة لإسرائيل الإصغاء إلى النداءات".
وزاد: "يجب توحيد المواقف إزاء هذا الحدث وبذل الجهود لإيصال المساعدات".
وأردف: "بالتعاون مع مصر أرسلنا 10 شاحنات، وأطلقنا سفينة ستصل اليوم إلى ميناء العريس سنستمر في علاج المرضى.. ستعقد تركيا في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، اجتماعاً الهدف منه إيصال المساعدات دون توقف"، يجب إعادة إعمار غزة عبر إنشاء صندوق بهذا الشأن.
كما حذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، من أن "التخاذل" في حرب غزة، ينذر بتوسع المواجهات العسكرية في المنطقة.
وأضاف أن "مصر أدانت منذ البداية ترويع المدنيين والأعمال المنافية للقانون الدولي، ونجدد ذلك الآن، ونؤكد أن سياسة العقاب الجماعي غير مقبولة، ولا يمكن تبريرها، ويجب أن تتوقف فوراً".
وأشار الرئيس المصري، إلى أن "المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مباشرة لتحقيق الوقف الفوري والمستدام دون شرط، ووقف الممارسات التي تستهدف التهجير القسري"، مشدداً على ضرورة "اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته، وضمان النفاذ الآمن للمساعدات الإنسانية".
وقال السيسي، في كلمته، إنه يجب أن "تتحمل إسرائيل مسؤوليتها"، "كما يجب التوصل إلى صيغة تقوم على حل الدولتين، وإجراء تحقيق دولي في انتهاكات إسرائيل".
واعتبر الرئيس المصري أن ما يحدث في قطاع غزة، "يكشف سوءات المعايير المزدوجة واختلال المنطق السليم وتهافت الادعاءات الإنسانية التي مع الأسف، تسقط سقوطاً مدوياً في هذا الامتحان الكاشف".
وأكد أن مصر "أدانت استهداف وقتل الأبرياء وترويع جميع المدنيين من الجانبين، وجميع الأعمال المنافية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ونؤكد اليوم من جديد هذه الإدانة الواضحة مع التشديد في الوقت نفسه على أن سياسات العقاب الجماعي لأهالي غزة من قتل وحصار وتهجير قسري غير مقبولة، ولا يمكن تبريرها بالدفاع عن النفس ولا بأي دعاوى أخرى، وينبغي وقفها على الفور".
وشدد السيسي كذلك على ضرورة "محاسبة إسرائيل على هذه الجريمة من قبل مجلس حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية، والنظر بموضوع الأسلحة النووية من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية التي تملكها"، واصفاً إسرائيل بـ"الفتى المدلل الذي لا يُحَاسَب".
فيما اعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أن الولايات المتحدة، "شريكة لإسرائيل" في الجرائم التي يشهدها قطاع غزة، إذ "شجعت على الانتهاكات مبررة ذلك بالدفاع المشروع عن النفس"، مؤكداً أن الهيئات الدولية "عجزت عن منع ووقف آلة الحرب".
وأضاف أن "الولايات المتحدة شاركت بالحرب مع إسرائيل، ومنعت المصادقة على قرارات لمنع قتل الفلسطينيين، كما سلحت إسرائيل بأدوات فتاكة، والوقود، وشحنات السلاح الكبيرة يومياً"، مشدداً على ضرورة أن تأخذ الجهات الدولية موقفاً من ذلك.
وقال رئيسي إن "المنظمات الدولية عاجزة عن ممارسة دورها في غزة.. ويجب وقف النار والهجمات العشوائية ضد المدنيين، وإنهاء آلة الحرب وتوفير المساعدات، علينا كدول إسلامية الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل وقطع العلاقات التجارية مع الكيان الصهيوني".
ودعا الرئيس الإيراني إلى اعتبار الجيش الإسرائيلي "منظمة إرهابية"، و"معاقبة القادة المشاركين في عمليات القتل الجماعي"، مضيفاً: "يمكننا معالجة المشكلات بالوحدة، من خلال الاعتماد على قدرات الدول الإسلامية، التي تلعب دوراً صحيحاً".
وحذر كذلك من إطالة أمد الحرب، قائلاً إنه "يجب علينا كدول إسلامية أن نسلح الشعب الفلسطيني، ونطرد الكيان الإسرائيلي من خلال المقاومة التي حطمت الرقم القياسي بصمودها لأكثر من 30 يوماً"، مشدداً على ضرورة تطبيق حل الدولتين.
ولفت إلى أن "ما شهدناه في القطاع جسد البشاعة في تنفيذ إسرائيل لتلك المجازر، الكيان الإسرائيلي انتهك الحقوق الإنسانية واستخدام القنابل الفوسفورية المحظورة. هذا مرفوض، خصوصاً مع وجود أكثر من 3 آلاف شخص تحت الأنقاض وقتل أكثر من 11 ألف فلسطيني".
أما ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، فقال إن جرائم إسرائيل في غزة "تنذر بتداعيات سلبية على أمن واستقرار المنطقة والعالم أجمع"، لافتا إلى أن "إسرائيل تمارس عقابا جماعيا لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال".
ولفت إلى أن هذه المأساة نتيجة لعدم سعي المجتمع الدولي لإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية، داعيا إلى البدء في أولى خطوات إحلال السلام في المنطقة، عبر حل القضية الفلسطينية حلا شاملا ونهائيا.
وجدد مطالبة بلاده بدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وقبل انطلاق القمة المشتركة، عقد وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية اجتماعهم الوزاري التحضيري للقمة في الرياض بهدف "التوافق بشأن مشروع البيان الختامي للقمة حول الموقف العربي والإسلامي الجماعي الموحد"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء المصرية.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الخارجية السعودية دمج القمتين العربية والإسلامية في قمة واحدة مشتركة تعقد اليوم السبت في الرياض، لبحث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأفادت وزارة الخارجية السعودية، التي تتولى الرئاسة الدورية للقمتين، بأنه "تقرر عقد قمة عربية إسلامية مشتركة غير عادية بشكل استثنائي في الرياض السبت".
وأشارت الوزارة إلى أن القمة ستكون عوضا عن "القمة العربية غير العادية" و"القمة الإسلامية الاستثنائية" اللتين كان من المقرر أن تعقدا في التاريخ نفسه.
ووفق البيان، يأتي هذا الدمج "استشعارا من قادة جميع الدول أهمية توحيد الجهود والخروج بموقف جماعي موحد يعبر عن الإرادة العربية الإسلامية المشتركة بشأن ما تشهده غزة والأراضي الفلسطينية من تطورات خطيرة وغير مسبوقة تستوجب وحدة الصف العربي والإسلامي في مواجهتها واحتواء تداعياتها".
وقبل أيام، دعت فلسطين والسعودية، بصفتها تتولى الرئاسة الدورية للجامعة العربية، إلى عقد قمة عربية طارئة على مستوى القادة بشأن غزة، وتلتها دعوة من المملكة منظمة التعاون الإسلامي إلى عقد اجتماع مماثل كونها تترأس الدورة الحالية أيضا.
والجمعة، عبر ولي العهد السعودي -في كلمة أمام القمة السعودية الأفريقية المنعقدة في الرياض- عن إدانته "ما يشهده قطاع غزة من اعتداء عسكري واستهداف المدنيين واستمرار انتهاكات سلطة الاحتلال الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني".
من جهته، أجرى أمير قطر مباحثات مع ولي العهد السعودي الجمعة في قصر اليمامة بالعاصمة السعودية الرياض تناولت تطورات الأوضاع في غزة، وذلك بعد لقاءات أجراها في القاهرة مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وفي أبوظبي الخميس مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ومنذ 36 يوما يشن الجيش الإسرائيلي حربا جوية وبرية وبحرية على غزة "دمر خلالها أحياء سكنية على رؤوس ساكنيها"، وقتل 11 ألفا و78 فلسطينيا -بينهم 4506 أطفال و3027 سيدة و678 مسنا- وأصاب 27 ألفا و490 بجروح مختلفة، بحسب مصادر رسمية.