علاقات » عربي

أمير الكويت في أول زيارة له إلى مصر.. نظرة على العلاقات بين البلدين

في 2024/05/01

طه العاني - الخليج أونلاين- 

تربط مصر والكويت روابط الأخوة والتاريخ المشترك، حيث جسدت علاقتهما روح التضامن والتعاون القائمة بين البلدين على مدى عقود من الزمن.

وفي هذا السياق، تأتي زيارة أمير الكويت إلى مصر، في 30 أبريل الماضي، لتبرز عمق العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزز الروابط الاقتصادية والسياسية والثقافية بينهما.

إذ بحث الشيخ مشعل الأحمد الصباح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سبل تعزيز العلاقات وتطويرها، وتطورات قضايا المنطقة، حيث أكدا أهمية دعم العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات الراهنة.

علاقات متينة

تعتبر العلاقات بين مصر والكويت أحد أهم روافد التعاون العربي، حيث جسدت قيم التضامن والتعاون في مواجهة التحديات ودعم القضايا العربية، كما تعكس الأخوة بين البلدين التواصل الثقافي العميق والتبادل الاقتصادي الذي استمر على مر الزمن.

وتؤكد زيارة الشيخ مشعل الأحمد الجابر إلى القاهرة قوة وصلابة الروابط الوطيدة بين الكويت والقاهرة، والتي تستند إلى علاقات تاريخية فريدة، وتتميز بتطابق الرؤى في مختلف القضايا بين البلدين الشقيقين.

وذكرت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أن زيارة الشيخ مشعل تحظى باهتمام واسع من قبل الجانب المصري، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، نظراً لكونها أول زيارة له إلى مصر منذ توليه مقاليد الحكم في ديسمبر الماضي.

وتظهر الزيارة مدى تلاحم وترابط العلاقات بين البلدين الشقيقين، حيث تعتبر الكويت ومصر ذات علاقات تاريخية قوية ومتميزة، تعززت وترسخت على مر السنين على كل من المستوى الرسمي والشعبي، إذ كانت مصر من بين أوائل الدول التي اعترفت بالاستقلال الكويتي في عام 1961.

كما شهدت العلاقات تطوراً ملموساً في السنوات الأخيرة يتجسد في تبادل الزيارات الرسمية وتعزيز التنسيق السياسي على أعلى المستويات.

وأكد سفير الكويت في مصر، غانم الغانم، لوكالة "رويترز" أهمية هذه "الزيارة التاريخية"، مشيراً إلى أن الزيارة "من شأنها أن تعطي دفعة للعلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين ونقلها إلى آفاق أرحب لتغطي مجالات أوسع".

وبين الغانم أهمية الزيارة في تعزيز التواصل والتشاور بين الكويت والقاهرة، وذلك لمتابعة مستجدات الأحداث على الصعيدين الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك وتطوير العلاقات الثنائية.

كما أشار  إلى "تطابق مواقف قيادتي البلدين حيال القضايا الإقليمية والدولية كافة، لا سيما القضية الفلسطينية، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من عدوان وحشي مستمر للشهر السابع على التوالي".

أهمية الزيارة

ويقول الباحث في الشؤون السياسية والإقليمية، هاني الجمل: إن "هذه الزيارة التاريخية تأتي في ظل تشابك الموقف في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما حول الحرب على قطاع غزة، والاجتياح المرتقب لمدينة رفح الحدودية، ما ينذر بتفجّر الأوضاع والتي ستؤثر بشكل سلبي على أمن المنطقة".

ويشير، في حديثه مع "الخليج أونلاين"، إلى أن "تصاعد الأوضاع واستمرار التوتر في البحر الأحمر يقلق دول المنطقة، خصوصاً أن الدول، لا سيما الخليجية، تعمل على زيادة النمو الاقتصادي وفرص التنمية المستدامة، فالأحداث الساخنة قد تؤثر على الخطط التنموية هذه".

ويؤكد الجمل أن الكويت ومصر تمتلكان شراكة مهمة وعلاقة وطيدة من أقدم العلاقات ما بين الدول العربية، إذ إن بين الدولتين العديد من الملفات الاستراتيجية، أبرزها الملفان الأمني والاقتصادي، حيث يتمتع الجانبان بتعاون واسع منذ عشرات السنين.

كما يبيّن أن "هناك ازدياداً ملحوظاً في الاستثمار بين البلدين، حيث إن الاستثمارات الكويتية تلاقي ترحيباً كبيراً في الأسواق المصرية، تتمثل في الدعم والمرونة الكبيرة من قِبل الحكومات المصرية"، مشيراً إلى أن "مصر دشنت قانوناً جديداً داعماً للاستثمار، وهي منفتحة على جذب الاستثمارات العربية والخليجية".

وحول العمالة المصرية والقرارات الكويتية المتعلقة بإيقافها واستئنافها، يضيف الجمل أن "هناك أسباباً متباينة ومختلفة حول هذا الملف، إذ إن الجانب الكويتي يقول إنه يعمل على استحداث قوانين جديدة تتعلق بالعمالة الأجنبية"، لافتاً إلى أن "التركيبة الديمغرافية للكويت تأثرت باستقدام الأعداد الكبيرة من العمالة الخارجية".

وتحدث أيضاً عن وجود أزمات تعرضت لها العمالة المصرية في الكويت بسبب تجار استقدام العمال المصريين، وهو ما نتج عنه وجود بعضهم داخل البلاد بصورة غير مناسبة، وأصبح عدد كبير منهم لا يناسبون نوعية الأعمال المطلوبة في الكويت، ومن ثم أوقف إصدار التصريحات.

كما يشير الجمل إلى أن "هناك مطالب جديدة من السوق الكويتية بأن يكون الاستقدام لأصحاب المؤهلات العليا وبعض التخصصات المطلوبة في الكويت دون غيرهم من العاملين، وهذا سيؤثر كثيراً على توافد العمال المصريين إلى البلاد، فضلاً عن تزاحم بعض الجنسيات الأخرى على هذه التخصصات".

تبادلات تجارية مميزة

دخلت العلاقات الاقتصادية بين الكويت ومصر مرحلة شراكة قوية، حيث بلغ عدد المشروعات الاستثمارية المشتركة بين البلدين 1305 مشاريع، بقيمة استثمارات تزيد على 427 مليار دولار.

وتتوزع هذه الاستثمارات - بحسب وكالة الأنباء الكويتية - على عدة قطاعات، حيث يشكل قطاع النفط نسبة 19.7%، والقطاع المالي نسبة 39.7%.

وعلى مدار عقود، ساهم الصندوق الكويتي للتنمية في تنفيذ العديد من المشاريع في مصر من خلال تقديم 54 قرضاً بقيمة إجمالية تبلغ 3.75 مليارات دولار، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا).

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 3 مليارات دولار سنوياً، مع وجود استثمارات كويتية حكومية وخاصة في مصر بقيمة تصل إلى 15 مليار دولار، بالإضافة إلى استثمارات مصرية في الكويت تقدر بنحو 1.1 مليار دولار.

كما يتجاوز حجم الاستثمارات الخاصة الكويتية في مصر حاجز الـ10 مليارات دولار، ممتدة عبر مجموعة واسعة من القطاعات مثل السياحة والتمويل والصناعة والعقارات والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات، فيما تشير البيانات الرسمية المصرية لعام 2021 إلى وجود حوالي 1337 شركة كويتية تعمل في مصر.

وبلغ عدد القروض التي قدمها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية إلى مصر نحو 54 قرضاً، بقيمة تجاوزت 3.75 مليارات دولار، في حين بلغ عدد المعونات الفنية التي تلقتها مصر من الكويت 12 معونة، بقيمة تبلغ حوالي 13.27 مليون دولار، وفيما يتعلق بالمنح المقدمة من الكويت لمصر، فقد بلغت منحتين، بقيمة تقدر بنحو 16 مليون دولار.

مواقف متناغمة

دائماً ما تؤكد مصر تأييدها ووقوفها إلى جانب كل ما يعزز أمن دولة الكويت واستقرارها، سواء على الصعيدين السياسي والاقتصادي أو العسكري.

وكان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر من بين أوائل الزعماء الذين قدموا التهاني للكويت بمناسبة استقلالها، وأظهرت القيادة المصرية خلال الغزو العراقي عام 1990 موقفاً قوياً مناصراً وداعماً لحقوق الكويت.

وتظل الكويت من الدول الرائدة التي تقف إلى جانب مصر في جميع الظروف الصعبة، كما حدث في العديد من المواقف التاريخية الحاسمة، ومن بينها العدوان الثلاثي عام 1956، وحرب يونيو 1967، وأكتوبر 1973، حيث شارك لواء اليرموك الذي كان يمثل ثلث القوة العسكرية الكويتية آنذاك في حرب تحرير سيناء.

ولا تزال قرارات الكويت التاريخية خلال حرب أكتوبر 1973 خالدة في الذاكرة المصرية، حيث قررت حظر صادرات النفط وتقليصها إلى الدول المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي، ما أثر بشكل كبير في تحول مواقف تلك الدول.

بالإضافة إلى ذلك، تتبنى الكويت مواقف داعمة لمصر في القضايا الإقليمية والدولية، ومن بينها الأزمة المتعلقة بسد النهضة، حيث أكدت أن أمنها المائي، وأمن السودان، يعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.