يوسف حمود - الخليج أونلاين-
في إطار من التحركات المختلفة تستمر الاتصالات بين كل من الرياض ومسقط من ناحية، وصنعاء من ناحية أخرى، بغية التوصل إلى معالم محددة لخارطة طريق تتوافق عليها الأطراف اليمنية تمهيداً للوصول إلى حل سياسي سلمي مقبول وشامل ودائم للصراع اليمني.
وعلى الرغم من عدم توصل الأطراف إلى اتفاق موحد حول آلية البدء بتنفيذ اتفاق تحت عنوان "خريطة الطريق الأممية"، في سبيل وقف الحرب في اليمن المستمرة منذ العام 2015، بدأت مبادرات فردية بفتح طرق رئيسية مغلقة منذ سنوات بين مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في اليمن، ومناطق سيطرة المتمردين الحوثيين شمال البلاد.
وأمام هذه الخطوات بدأت التساؤلات حول إمكانية فتح المنافذ الحدودية التي تربط اليمن بالسعودية للتخفيف من معاناة المسافرين، خصوصاً أنها تقع تحت سيطرة القوات الحكومية الموالية للشرعية، في وقتٍ بدأ التقارب بين الرياض والحوثيين منذ نحو عام، فهل يتحقق ذلك، أم أن الأمر لا يزال بعيداً؟
طرقات تعود للحياة
مرت نحو 9 سنوات منذ بدء إغلاق عدة طرق رئيسية في اليمن من قبل أطراف الصراع نتيجة الحرب الدائرة بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي الموالية لإيران، ما أدى إلى عرقلة تنقل المواطنين بين المحافظات.
وأغلقت هذه الطرقات في عدة محافظات بشمال البلاد وجنوبها؛ ما جعل بعض المناطق والمدن تعيش ظروفاً صعبة تشبه الحصار، كمدينة تعز التي تنفست الصعداء جزئياً مع إعلان فتح طريق يربط تعز (المدينة) مع منطقة الحوبان التابعة لمحافظة تعز (13 يونيو 2024).
ومطلع الشهر الجاري أعلن محافظ مأرب وعضو مجلس القيادة الرئاسي الحاكم في اليمن، سلطان العرادة، عن فتح طريق "مأرب - البيضاء – صنعاء"، بعد استكمال الترتيبات اللازمة لذلك.
وخلال السنوات الماضية، جرت عدة جولات مفاوضات بين الحكومة وجماعة الحوثي تناولت عدة قضايا، بينها ملف الطرقات الإنسانية الذي لم يتم حله حتى اليوم، وسط اتهامات متبادلة بين طرفي النزاع بشأن عرقلة إحراز تقدم في هذا الشأن.
المنافذ اليمنية
وبدأت تساؤلات تطرح حول إمكانية إعادة فتح المنافذ الحدودية البرية بين اليمن والسعودية والمغلقة منذ بداية الحرب، حيث يرتبط البلدان بعدة منافذ عبر حدود وشريط فاصل يقدر بنحو 1,460 كيلومتراً من ساحل البحر الأحمر غرباً إلى عُمان شرقاً.
لكن أغلب تلك المنافذ مغلقة، فيوجد منفذ "الخضراء" وفق التسمية السعودية في منطقة نجران، فيما تطلق عليه اليمن اسم "البقع"، ويقع في محافظة صعدة، مركز الحوثيين في اليمن، لكنه حالياً يقع تحت سيطرة القوات الحكومية.
والمنفذ الثاني "علب" يتواجد أيضاً في صعدة اليمنية يقابلها الظهران في عسير السعودية، وحالياً يقع تحت سيطرة الحكومة اليمنية أيضاً.
أما منفذ "الطوال" في جازان السعودية (وحرض اليمنية) فيعد أحد المنافذ الحدودية البرية التي تربط جنوب المملكة باليمن، وهو الأكبر بين البلدين، وكان حتى عام 2015 معبراً للركاب والبضائع، ومع إطلاق عملية عاصفة الحزم من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية، تم إغلاق المنفذ وتأمينه واقتصار عمله على إيصال المساعدات الإنسانية لأبناء محافظة حجة.
مطمح صعب المنال
يرى الصحفي اليمني عبد الله المنيفي، أن الفتح الجزئي للطرقات "خطوة جيدة بلا شك، لكنها لا تلبي حاجة الشعب اليمني بفتح كافة الطرق التي أوصدتها المليشيات الحوثية في وجوههم لأغراضها وأجندتها الخاصة".
ويلفت إلى أن فتح الطرق كلياً "ليس إلا قضية في ملف القضايا الإنسانية التي كان يجب حلها منذ سنوات ورفضت مليشيا الحوثي ذلك"، مضيفاً: "يظهر ذلك أن الأمور ما تزال معقدة، وأن مليشيا الحوثي في تعاطيها الأخير وقعت تحت ضغوط كبيرة وحاولت من جهة أخرى تحسين صورتها".
وحول فتح المنافذ الحدودية مع السعودية يقول لـ"الخليج أونلاين": إن ذلك "ما يزال مطمحاً صعب المنال"، موضحاً بالقول: "من جهة لأن شروطه لم تنضج بعد، ومن جهة أخرى لإشكالية إدارة هذه المنافذ".
وأكمل: "لا يمكن أن تسمح الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً أن تمنح مليشيات متمردة إدارة أي من هذه المنافذ حتى لو كانت تحت سيطرتها".
وفي حال بذلت جهود إقليمية مكثفة وضغوط دولية على التوافق لإدارة هذه المنافذ، فإنه يرى "أن المنهجية الحوثية القائمة على السيطرة والاستحواذ ومنح عناصرها الطائفية سلطات ستطيل بقاء الانقلاب، وهذا النهج سيفشل أي جهود".
إغلاق ومنفذ وحيد
ولعل المنفذ الوحيد العامل منذ بدء الحرب هو منفذ "الوديعة" في محافظة حضرموت اليمنية، يقابله ذات الاسم في "شرورة" السعودية، وهو بمنزلة الشريان الرئيسي للمسافرين والواردات التجارية عبر الحدود، في ظل وجود مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين في المملكة.
وميناء الوديعة يبعد عن العاصمة صنعاء ما يقرب من 500 كيلومتر، يمر فيها المسافر بعشرات حواجز التفتيش على جانبي الصراع العسكري والسياسي، الحوثيين والقوات الحكومية، أبرزها في محافظة البيضاء، حيث الحد الذي يفصل بين سيطرة الجانبين.
وأغلقت المنافذ بشكل شبه رسمي منذ بدء الحرب في الـ26 من مارس 2015، قبل أن يعلن التحالف العسكري بقيادة السعودية إغلاقاً مؤقتاً لجميع المنافذ الجوية والبرية والبحرية المؤدية إلى اليمن لوقف تدفق السلاح على الحوثيين من إيران، في نوفمبر من العام 2017.
وجاء ذلك الإعلان حينها، عقب اعتراض صاروخ وإسقاطه قرب مطار الملك خالد الدولي في الرياض، وحينها وصف التحالف إطلاق الصاروخ بأنه تصعيد خطير من جانب الحوثيين المتحالفين مع إيران، والذين يسيطرون على مناطق واسعة في اليمن.