علاقات » عربي

دور سعودي "هام".. هل يخفف الاتفاق المالي مع الحوثي التوتر في اليمن؟

في 2024/07/24

متابعات-

بعد أن وصفت جماعة الحوثي قرارات البنك المركزي اليمني الرامية إلى محاصرتها اقتصادياً بـ"المخطط الأمريكي الغربي"، وهددت باستئناف الحرب، وسط ضغوط أممية، يبدو أن الحكومة اليمنية تنازلت عن تلك القرارات، ولجأت إلى لغة الحوار مجدداً برعاية سعودية.

وبرز الصراع الاقتصادي بشكل كبير مؤخراً، بعدما قرر البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً وقف التعامل مع ستة من أكبر بنوك البلاد؛ بسبب عدم نقل مقراتها الرئيسية من العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، ووقف شركات صرافة واتخاذ قرارات أخرى تحاصر الحوثيين اقتصادياً.

هذا الصراع الذي دخلت في إطاره أزمة الطيران الوطني (الخطوط الجوية اليمنية) حمل جذوراً تاريخية، ابتداء بنقل الحكومة الشرعية البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن جنوبي البلاد، مروراً بخلافات متعددة على مدار سنوات الحرب.

مفاجأة أممية

بينما كان اليمنيون المعارضون للحوثي ينتظرون مزيداً من الضغوط الاقتصادية ضد الجماعة، فوجئوا ببيانٍ عن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، يتحدث عن توصل الحكومة والحوثيين إلى اتفاق يقضي بخفض التصعيد.

المكتب، في بيان له (23 يوليو 2024)، قال إن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي أبلغتا المبعوث الأممي بأنهما اتفقتا على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية، وفق نص مكتوب تسلمه من الطرفين. 

وفقاً للبيان فإن الاتفاق تضمن:

إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة.

استئناف طيران "اليمنية" للرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يومياً.

تسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً، أو بحسب الحاجة.

عقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الخطوط الجوية اليمنية.

البدء بعقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.

طلب الطرفان دعم الأمم المتحدة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

أثنى المبعوث الأممي على "الدور الهام الذي أدته المملكة العربية السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق".

ترحيب واستقالة ورفض

وعقب الإعلان الأممي، رحبت الحكومة اليمنية بما ورد في إعلان المبعوث الأممي، وقالت إن ذلك تم "نظراً للظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب اليمني، خصوصاً في المناطق الخاضعة بالقوة للمليشيات الحوثية الإرهابية".

وأضافت في البيان أن "الحكومة اليمنية إذ تنظر إلى هذه المبادرة من جانبها كمدخل للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، فإنها تأمل أن يقود الاتفاق المعلن إلى تهيئة الظروف المواتية من أجل حوار بناء لإنهاء كافة الممارسات الحوثية التدميرية بحق القطاع المصرفي، والاقتصاد والعملة الوطنية".

أما الحوثيون فقد قال رئيس الوفد التفاوضي لهم، محمد عبد السلام، إنه تم التوصل إلى اتفاق "بين اليمن والسعودية"، متجاهلاً الإعلان الأممي الذي ذكر أن الاتفاق بين الحكومة والحوثيين.

وبعد ساعات من الإعلان نشرت صورة استقالة قدمها محافظ البنك المركزي اليمني أحمد المعبقي للرئاسة بسبب الضغوط التي مورست عليه، قبل أن يخرج مجلس الرئاسة الشرعي معلناً رفض الاستقالة قائلاً إن "محافظ البنك باقٍ في منصبه لاستكمال مسيرة ما قام به خلال الأشهر الماضية".

من المستفيد؟

حول الإعلان الأممي والترحيب الحكومي، يرى الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله المنيفي، أن المستفيد منه "هي مليشيا الحوثي، التي تمارس بلطجة على الحكومة اليمنية والأمم المتحدة والوسطاء"، مشيراً إلى أنه "وللأسف أن الحوثي أدرك أن هذه التصرفات تلقى استجابة في كل مرة".

ويعتقد أن تراجع الحكومة اليمنية عن إجراءاتها، التي قال إنها "كانت حاسمة، تحت ضغط مبعوث الأمم المتحدة والوسطاء، لن ينهي الأزمة الاقتصادية، بل واضح أنه يؤجل إنهاءها إن لم يزدها تعقيداً".

وأضاف لـ"الخليج أونلاين" بقوله: "الأسوأ أنه يفقد الحكومة الشرعية ثقة جمهورها بها، لا ليكسبها ثقة بمليشيا الحوثي، وإنما يعطيها انطباعاً أن قيادة الشرعية باتت غير مؤهلة لمواجهة صلف وغطرسة الحوثي، وأصبح دورها في نظر اليمنيين تقديم التنازلات للمليشيا التي تحقق مكاسب عبر بلطجتها وإطلاق يدها تحت رعاية المبعوث".

المنيفي أكد أن الحوثي "عود اليمنيين أنه لم يكن صادقاً في يوم من الأيام منذ نشأت مليشياته وحروب صعدة إلى اليوم، ومن ثم فالمؤكد لدى غالبية اليمنيين أنه لن يصدق اليوم، ولن يستجيب لمطالب الإصلاحات الاقتصادية، وأنه يستغل كل محطة لتحقيق مكاسب خاصة لجماعته السلالية تقوي موقفها في أي مفاوضات".

ويوضح الكاتب رأيه بأن ما حدث من تراجع الحكومة اليمنية عن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي، "يمثل نسخة ثانية من اتفاق استوكهولم، الذي قيد الشرعية وأطلق يد المليشيا المتمردة".

وأكمل: "يبدو أن هذا توجه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في المنطقة العربية، حيث تشجع المليشيا والأقليات المتمردة، وتقيد السلطات الشرعية التي تمثل غالبية المجتمع، لخلق بيئة تمكن من استمرار الفوضى لاستثمارها لاحقاً".

بين التهديد والإجراءات

ولعل هذه الخطوة ومحاولة إثبات جماعة الحوثي أن الاتفاق كان مع السعودية، وتجاهلها للحكومة، يأتي في سياق تصعيده بعد أن كان زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، أطلق تهديدات تجاه الرياض.

زعيم الجماعة هدد، في خطاب له بمناسبة العام الهجري الجديد، بمهاجمة مطارات وبنوك السعودية، متهماً إياها بالضلوع فيما أسماها "الحرب الاقتصادية" على جماعته، في خطوة تتناقض مع حالة الهدوء التي سادت العلاقة بين الجانبين، خلال الأشهر الماضية.

وكان حديث الحوثي يتعلق بالإجراءات التي اتخذها البنك المركزي اليمني، أواخر مايو الماضي، التي نصت على وقف التعامل مع 6 بنوك لديها تعاملات مع الحوثيين، وما تلاها من إجراءات اعتبرها خبراء بمنزلة ضربة لاقتصاد الحوثيين.

كما أنها جاءت بعد تصريحات، مطلع يوليو الجاري، لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الذي قال إن خريطة الطريق لحل الأزمة اليمنية أصبحت جاهزة، مؤكداً استعداد المملكة للعمل وفقاً لها.