علاقات » عربي

جولة مفاوضات جديدة في الدوحة.. هل تنجح بالتوصل لصفقة حول غزة؟

في 2024/10/29

إبراهيم شاكر \ الخليج أونلاين

بينما تقف المنطقة على شفا حرب شاملة، تأتي جولة المفاوضات الجديدة التي تحتضنها العاصمة القطرية الدوحة، لمناقشة الخيارات المتاحة لإمكانية التوصل إلى صفقة لإيقاف الحرب، وإطلاق سراح الأسرى.

جولة يشارك فيها مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، وجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي "الموساد"، إلى جانب الوسطاء في قطر ومصر.

لكن ورغم الضغوطات والمطالبات الدولية للتوصل إلى هدنة، ورغم الحديث الإسرائيلي عن اقتراب الحرب من نهايتها، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف لا يزالون يضعون العراقيل أمام التوصل إلى صفقة تنهي الحرب الدائرة منذ أكثر من عام.

ويستند نتنياهو وفريقه إلى قائمة الإنجازات التي تعتقد "إسرائيل" أنها حققتها في الميدان، مثل استهداف السنوار وقادة "حزب الله" اللبناني، الأمر الذي يضع كثيراً من التساؤلات حول جدوى هذه الجولة، وما إذا كانت ستفضي إلى الصفقة المنشودة؟

جولة جديدة

في مؤتمر صحفي عقداه الخميس الماضي (23 أكتوبر)، أكد وزيرا خارجية قطر والولايات المتحدة أن الدوحة ستحتضن جولة محادثات جديدة، هي الأولى بعد جملة التطورات الخطيرة التي شهدتها الأسابيع الماضية في غزة ولبنان.

وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء وزير خارجية قطر، إن مفاوضات صفقة التبادل ستستأنف في الدوحة، كاشفاً في الوقت ذاته عن اجتماعات جرت مع المكتب السياسي لحركة "حماس"؛ لبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق ينهي معاناة سكان غزة.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قال في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره القطري، إن خطة وقف إطلاق النار التي طرحها الرئيس جو بايدن أواخر مايو الماضي، لا تزال على الطاولة، لكنه لمَّح إلى الاستعداد لاستكشاف أطر جديدة للسعي إلى الإفراج عن المحتجزين.

بدورها قالت القناة 12 العبرية، إن جولة المفاوضات التي ستنطلق، يشارك فيها رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، ورئيس المخابرات العامة المصرية الجديد حسن رشاد.

وأشارت إلى أن هذه الجولة تستند إلى مقترح محدّث مع الأخذ في الاعتبار الخطوط العريضة المصرية، في إشارة إلى مقترح القاهرة المتمثل في عقد صفقة مصغّرة لتبادل الرهائن مع "حماس"، مع وقف إطلاق نار محدود في غزة، وهو المقترح الذي سلّمه رشاد إلى رئيس جهاز "الشاباك" الإسرائيلي الذي زار مصر قبل أيام.

موقف حماس

وأعلنت قيادة حركة "حماس" بدء تحركات واتصالات دبلوماسية وسياسية مكثفة لإجهاض مخططات الاحتلال الإسرائيلي، ووقف الجريمة المركبة التي يقوم بها في إطار حرب الإبادة والمجازر المفتوحة على مستوى قطاع غزة، وتحديداً شماله.

"حماس" قالت في بيان لها يوم الخميس (24 أكتوبر)، إن "إسرائيل" تسعى لتطبيق خطة الجنرالات في شمال غزة، كاشفة عن سلسلة من اللقاءات والزيارات إلى تركيا وقطر وروسيا، بالتزامن مع اتصالات مع مصر والأمم المتحدة وإيران.

وكان بلينكن قال في لقاء سابق مع عائلات الأسرى، إن إدارة بايدن اقترحت خطة تهدف إلى إطلاق سراح محدود من الرهائن في المرحلة الأولى، مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار من قبل "إسرائيل".

بلينكن قال إن المقترح والخطة يمثلان "اختباراً لجدية حماس"، بهدف التوصل إلى اتفاق أوسع، في الوقت الذي يسود فيه اعتقاد داخل الإدارة الأمريكية أن الحركة ستصبح أكثر مرونة بعد استشهاد رئيس مكتبها يحيى السنوار، في اشتباك قبل أيام، في غزة.

عرقلة إسرائيلية

وعلى الرغم من توجه رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي إلى الدوحة لحضور جولة المفاوضات الجديدة، فإن ثمة تشاؤماً في "إسرائيل" حول إمكانية التوصل إلى اتفاق، خصوصاً في أوساط أهالي الأسرى والمعارضة.

ونقلت هيئة البث العبرية، مساء الجمعة (25 أكتوبر)، عن مصادر مطلعة، قولها إن شروط الخطوط العريضة لا تلبي طلبات "حماس"، كما أن "إسرائيل" لا تُظهر أي استعداد لأن تكون مرنة، في الوقت الذي قالت فيه القناة 12 الإسرائيلية، إن رئيس "الموساد" دافيد برنياع لم يحصل بعد على التفويض والصلاحيات التي تمكنه من التوصل إلى اتفاق في مفاوضات الدوحة.

وإلى جانب غياب الجدية لدى الجانب الإسرائيلي، لا يتوقف اليمين المتطرف عن التعريض بدور قطر في المفاوضات، فعلى سبيل المثال انتقد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، توجه رئيس "الموساد" إلى الدوحة، واصفاً إياه بأنه "قرار خاطئ".

مراوغة نتنياهو

الموقف الإسرائيلي الملتبس والمراوغ، يمثل أكبر عائق أمام أي صفقة تبادل، من شأنها أن تضع حداً لمأساة سكان غزة، ولمخاوف دول المنطقة بخصوص الحرب.

ويرى القيادي بحركة "حماس" تيسير سليمان، أن "نتنياهو بطبعه حتى داخلياً، في حزب الليكود، أو مع الائتلاف الحكومي، أو مع الأحزاب الإسرائيلية، أو مع الكنيست، وحتى في حياته الشخصية، معروف عنه أنه مراوغ، ويميل إلى فكرة كسب الوقت، وإلى فكرة تأجيل ما يمكن تأجيله والانتقال إلى المرحلة التي تليها".

وأضاف القيادي سليمان في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أنه في مفاوضات 2 يوليو، "اعتقد نتنياهو أنه بإمكانه أن يستخدم ورقة رفح ونتساريم في الضغط أكثر على حماس إلا أنه لم يحقق أي شيء".

وقال القيادي بـ"حماس" تيسير سليمان لـ"الخليج أونلاين":

أي مفاوضات تعتمد على حالات من التفاهمات المتراكمة، والاحتلال الإسرائيلي مشكلته أنه خلال سنة من الحرب، لم يتمكن من تحقيق أي شيء من أهدافه المعلنة، كتحرير الأسرى، أو القضاء على كتائب "القسام" أو "حماس" إن جاز التعبير، وبدلاً من ذلك ذهب لتحقيق أهدافه غير المعلنة، والمتمثلة في قتل الأطفال وتدمير قطاع غزة، ومن ثم فقد نجح في القتل والتدمير، وفشل في الأمور الأخرى المعلنة.

لم ينجح الاحتلال في تحرير الأسرى، كما أن المقاومة لا تزال تضرب وتنفذ عمليات، بينما الاحتلال ما يزال يقتل الأطفال، ويدمر المدارس ويدمر كل شيء، وهذا ليس جديداً، فهذه عادة الاحتلال في كل مكان.

حركة "حماس" لديها خطوط خمسة رئيسية: وقف إطلاق النار، صفقة تبادل، إدخال مساعدات، عودة النازحين، والحديث عن فك الحصار عن غزة وتعمير القطاع، وأي خطوات تؤدي إلى تحقيق تلك المطالب والشروط، سوف تكون موضع ترحيب لديها.

لكن الجو العام، جو الضربات والضربات المقابلة، جو الانتخابات الأمريكية، حالة التنافسية الداخلية الإسرائيلية، ولجان التحقيق الداخلية، كل هذا يدفع الاحتلال إلى المراوغة؛ في محاولة لكسب أمور مثل صفقات جزئية، ووقف إطلاق نار جزئي.

موقف واضح

حركة "حماس" تبدي بوضوحٍ مرونتها في التعاطي مع الوسطاء بقطر ومصر، لكنها ثابتة على موقفها بخصوص الشروط السابقة، وحول هذا يقول القيادي تيسير سليمان لـ"الخليج أونلاين": "باعتقادي أن حركة حماس موقفها واضح، والوسطاء في قطر ومصر يعرفون ذلك جيداً، إن الحركة تريد وقف إطلاق نار، وصفقة تبادل أسرى مقابل أسرى، بما لدى المقاومة من الأسرى، وعودة النازحين، وإدخال المساعدات، وفك الحصار عن قطاع غزة، والإعمار".

وأضاف سليمان:

الاحتلال لم يقتنع بعد أنه قد تورط بجبهات متعددة في المنطقة، من جبهة غزة إلى الضفة، إلى جبهة الداخل الفلسطيني، إلى جبهة لبنان إلى اليمن إلى العراق، وآخرها كانت الضربات المتبادلة مع إيران.

واستشهد بصحفية إسرائيلية، قالت في أثناء الضربات السابقة من إيران: "كنا نشتبك مع الفلسطينيين بالحجارة، ونقول عليهم إنهم مخربون، اليوم تُقذف علينا الصواريخ برأس متفجر!".

باعتقادي أن الاحتلال غير جاهز لإعطاء ما تريده "حماس" لمصلحة الشعب الفلسطيني، ويسعى إلى محاولة الأخذ دون إعطاء شيء.