علاقات » عربي

هل يعود منبر جدة مجدداً لإنهاء الأزمة في السودان؟

في 2025/01/01

متابعات

يعلق السودانيون آمالاً كبيرة على استئناف المفاوضات في منبر جدة بين طرفي النزاع، حيث لم يطرأ أي تغيير على موقف قيادة الجيش من التفاوض تحت سقف هذا المنبر.

وظل رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، يصر ويردد دائماً أنه لن يدخل في مباحثات سلام مع قوات الدعم السريع إلا بعد تنفيذ اتفاق جدة، وأبدى الجيش السوداني جدية في هذا الأمر من خلال التصريحات الحديثة، فضلاً عن مقاطعة مباحثات رعتها الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية في أغسطس الماضي، بمدينة جنيف السويسرية.

ومع تسارع التحركات الدولية بشأن السودان مؤخراً، تطرح تساؤلات، مفادها: هل يمكن أن تفضي جهود تنسيق المساعي والوساطات إلى رؤية موحدة بشأن إقرار منبر تفاوضي موحد يمثل مدخلاً للحل ويفتح أفقاً جديداً لوقف الحرب في السودان، أم أنه لا شيء سيتغير؟

لا بديل لمنبر جدة

في 11 مايو من العام الماضي، وبعد مرور شهر من اندلاع الحرب، توصل الجيش وقوات الدعم السريع إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وذلك بعد وساطة سعودية-أمريكية مشتركة في مدينة جدة السعودية، والذي عُرف إعلامياً باسم "إعلان جدة". لكن لا شيء تحقق منه حتى اليوم.

وبعد مرور نحو عام ونصف العام من ذلك الاتفاق، يعود الحديث مجدداً حول الاجتماع بتأكيد سوداني، على لسان وزير الخارجية السوداني علي يوسف، (21 ديسمبر)، حيث قال إن الحكومة لن تشارك في أي اجتماعات خارج نطاق منبر جدة، وإنهم ليسوا معنيين بـ"اجتماعات جنيف"، ولا بالمشاركين فيها، مؤكداً ضرورة العودة إلى المسار نفسه.

وأكد وزير الخارجية في تصريح لقناة "الشرق" السعودية، أن السودان مستعد للعودة إلى منبر جدة، إذا تم العمل على تنفيذ مخرجات الاتفاق، مشيراً إلى أنه أبلغ المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، هذه الرغبة.

ولم يكن هذا هو التأكيد الأول للحكومة السودانية، فقد سبقته تصريحات متكررة، كان أبرزها على لسان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي أكد في أغسطس الماضي، عدم مشاركته في المحادثات التي جرت في سويسرا برعاية أمريكية لوقف الحرب في السودان مع قوات الدعم السريع، مشدداً في الوقت ذاته على أنه لن يسمح كذلك بتوسعة "منبر جدة" التفاوضي.

تأكيدات ولقاءات

في الـ24 من ديسمبر 2024، قالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" إن مجلس الوزراء أكد ضرورة إنهاء الصراع في السودان وتعزيز الاستجابة الإنسانية، والعمل على تمهيد مستقبل سياسي يضمن أمنه واستقراره، ووحدته وسيادته واستقلاله.

وقبلها بثلاثة أيام، زار وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، مدينة بورتسودان شرقي السودان، وبحث مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، بجانب مجالات التعاون المشترك بين البلدين.

وأنهت الأطراف الإقليمية والدولية من أصحاب المبادرات اجتماعاً تشاورياً في العاصمة الموريتانية نواكشوط (منتصف ديسمبر)، بمشاركة المبعوث الأممي رمطان لعمامرة، مشددة على ضرورة العمل عبر آليات فعّالة لضمان التكامل وتجنب تكرار المبادرات؛ من أجل مساعدة السودان على تجاوز أزمته الراهنة.

وأواخر نوفمبر الماضي، دعا اجتماع رباعي انعقد في روما الإيطالية، بشأن السودان أطراف النزاع لتنفيذ الالتزامات الواردة في "إعلان جدة" بشأن حماية المدنيين ووقف إطلاق النار، بمشاركة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ونظيريه المصري بدر عبد العاطي، والأمريكي أنتوني بلينكن، إضافة إلى وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشم.

الحل والضامن

يرى الكاتب والصحفي وليد سيد، أن إصرار الحكومة السودانية على تنفيذ مخرجات منبر جدة؛ لكونها "الحلَّ والضامن لها للحصول على مكاسب سياسية، وأن تلك المخرجات إذا نُفذت فستنهي الحرب سريعاً". 

ويرى سيد أن المحاولات المتكررة للهروب من مخرجات المؤتمر والبحث عن مؤتمرات أخرى كما حدث في جنيف؛ لأن "إعلان جدة لا يلبي طموحات من يدعمون الحرب، والذين يسعون لإطالة أمدها بفتح مسارات جديدة للتفاوض".

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يؤكد أن نجاح أي محادثات "رهين بوجود الحكومة السودانية، وأن على الولايات المتحدة وشركائها الاستجابة لمطالب الجيش، بإبعاد الإمارات التي تشارك بصفة مراقب، وكذلك إلزام قوات الدعم السريع بتنفيذ اتفاق جدة".

ويشير في الوقت ذاته إلى أن أي منبر، دولي أو إقليمي أو سوداني، يسعى لوقف حرب السودان، "يجب أن يستند إلى إعلان مبادئ يشكل المدخل الأساس والأرضية الضرورية لعملية التفاوض حول وقف الحرب وإنهائها شريطة موافقة جميع الأطراف".

ويؤكد أن ما يحدث في السودان ليس أزمةً وليدة اللحظة؛ "بل نتيجة مسار طويل منذ عشرات السنين وتراكمات منذ عهد البشير مروراً بإسقاط نظامه وعودة سيطرة الحكم وانتشار الجماعات المسلحة كالدعم السريع، إضافة إلى وجود عوامل إقليمية ودولية ترتبط بالصراع الدولي حول الأمن الغذائي والأراضي الزراعية والسيطرة على الموانئ والممرات المائية والثروات".

ويضيف: "لا أحد يستطيع أن يلغي الطرف الآخر في الصراع الداخلي، كما أن ارتباط الحرب في السودان بدول إقليمية وعالمية، يجعل حلها صعباً دون توافق بين جميع الأطراف لإنهاء معاناة ملايين السودانيين الذين يتجرعون هذه المأساة الكبيرة".

منبر جدة

استضافت جدة، في 6 مايو 2023، جولة مفاوضات بين طرفي الصراع السوداني بدعوة من السعودية والولايات المتحدة، وركزت على قضايا أساسية هي:

- تحقيق وقف فعال قصير المدى لإطلاق النار.

- العمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة، واستعادة الخدمات الأساسية.

- وضع جدول زمني لمفاوضات موسعة للوصول لوقف دائم للأعمال العدائية.

وفي 11 مايو 2023 توصلت الوساطة لاتفاق مبادئ أولي يشمل التزاماً بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية، وتم التوقيع على الاتفاق وهدنة قصيرة لوقف إطلاق النار، لكن لم يتم تفعيله وتم اختراق الهدنة.

وفي 14 مايو 2023 انطلقت الجولة الثانية من المحادثات وناقشت تفاصيل هدنة جديدة، إلا أن وفد القوات المسلحة السودانية علق مشاركته في المحادثات، متهماً "الدعم السريع" بعدم تنفيذ البند الخاص بانسحابهم من المستشفيات ومنازل المواطنين، وخرقهم المستمر للهدنة.

في 2 يونيو 2023 علقت السعودية والولايات المتحدة مفاوضات جدة، متهمةً طرفي الصراع بارتكاب "انتهاكات جسيمة" للتهدئة.

وبدأت الجولة الثالثة للمحادثات في 25 أكتوبر 2023 بعد توقفٍ دامَ 5 أشهر، وركزت على أهداف رئيسة هي: تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وتحقيق وقف إطلاق النار، وإجراءات بناء الثقة، وإمكانية التوصل إلى وقف دائم للأعمال العدائية.

التزم الطرفان بتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية وتنفيذ إجراءات بناء الثقة، ولم يتمكنا من الاتفاق على اتفاقات لتنفيذ وقف إطلاق النار خلال هذه الجولة.