اليوم يراقب العالم ككل مسار الحرب الشعواء السعودية –الأمريكية بغطاء "ناتو العرب "وحربهم العدوانية على القطر اليمني الشقيق ،فهذه الحرب العدوانية تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنوانآ لمرحلة جديدة قد تسقط المنطقة كل المنطقة بمسار فوضوي قد يمتد لسنوات عدة .
اليوم من الواضح أن تأثيرات هذه المعركة بدأت تظهر على أرض الواقع خارج حدود نطاق هذه الحرب العدوانية على اليمن ،ونقرأ هذا من خلال تصريحات وتحليلات واهتمامات دوائر صنع القرار العالمية وببعض وسائل الإعلام العالمية ،وببعض أحاديث وتحليلات وكتابات قادة الرأي بالمجتمعات الغربية ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر الصحفي البريطاني روبرت فيسك الذي قال في مقال له نشر مؤخراً بصحيفة "إندبندنت" البريطانية تحت عنوان "معركة اليمن تأخذ السعودية إلى الهاوية" ،"أن الحرب ستنال رضا الغرب وإسرائيل، الذين يؤمنون بفكرة دخول العرب في حرب مع أنفسهم،وإذا أصبح هذا الأمر واقعا، فهل سيكون ما تقوم به السعودية آخر محاولة لإثبات أنها قوى عسكرية كبرى؟'.
هذا السؤال الذي طرحه فيسك يطرح بدوره مجموعة من التساؤلات التي تشتق من نمطية وتراتبية السؤال الرئيسي ،وهي ما مدى الفائدة التي ستعود على السعودية ونظامها من تداعيات هذه الحرب الشعواء التي تشن اليوم على اليمن ، فالنظام السعودي المنغمس اليوم بمجموعة أزمات أفتعلها بالاقليم بدء من الأزمة السورية وليس نهاية بانغماسه المباشر بحرب عدوانية على اليمن،والواضح اليوم ان كل الرهانات السعودية على كسب معركة واحدة من هذه المعارك والأزمات المفتعلة هو رهان فاشل ،السعوديون بدورهم يعلمون بحقيقة هزيمتهم بعدة ميادين مؤخرا ولكن هم بنفس الوقت لا يريدون ان يتلقوا هزيمة جديدة، وقد تكررت هزائمهم مؤخرا بعدة ميادين ليس أولها ولا آخرها بالميدان السوري .
اليوم من المتوقع أن يستميت السعوديون بمعركتهم العدوانية على اليمن مرتكزين على قاعدة حلفهم وتحالفهم العشري "ناتو العرب " ،فهم اليوم يعلمون جيدا ما معنى أن يفتحوا جبهة جديدة وصراعاً جديداً على حدودهم الجنوبية ويعلمون ما مدى الخطورة المستقبلية وحجم التداعيات المستقبلية التي ستفرزها هذه المعركة وبالأحرى هم يعلمون حجم الإفرازات المباشرة للانغماس السعودي بهذه المعركة على الداخل السعودي شرقا وجنوبا،ومع كل هذا وذاك قرر السعوديون أن يخوضوا هذه المغامرة والمقامرة الجديدة ،لعلهم يستطيعوا أن يحققوا انتصارا وحتى وان كان إعلاميا أو على حساب جثث أطفال ونساء مخيمات النزوح اليمنية ،لعل هذا الانتصار يعطيهم جرعة أمل بعد سلسلة الهزائم المدوية التي تلقوها بأكثر من ساحة صراع إقليمي .
أما بالنسبة لواشنطن حليف النظام السعودي منذ سبعة عقود مضت منذ أن رسخ دعائم هذا التحالف عبدالعزيز السعود وفرانكلين روزفلت ، فهي الآن تنظر وتتابع بحذر تطورات ما يجري من مستجدات بساحة الصراعات الجديدة للنظام السعودي ومسرحها الجديد هو اليمن ،واشنطن بدورها قدمت للسعوديين خدمات مجانية كثيرة بحربهم على اليمن وليس أول ولا آخر هذه الخدمات تزويد السعوديين بقائمة وبنك أهداف لقواعد عسكرية ومخازن أسلحة للجيش اليمني ولأنصار الله ،والواضح اليوم ومن خلال حديث بعض ساسة وجنرالات واشنطن أن الدعم والتأييد الأمريكي للسعوديين بحربهم على اليمن سيتواصل ،رغم قلق دوائر صنع القرار الأمريكي من التداعيات المستقبلية لهذه الحرب ،فالقلق الأمريكي ينبع من براغماتية واشنطن النفعية التي تتلخص بخشيتها من اندلاع حرب مفتوحة بالمنطقة ستضر بانسيابية تدفق النفط الخليجي من باب المندب إلى الغرب وقد تتطور إلى حرب إقليمية مفتوحة قد يكون الإسرائيليون جزء منها،وهذا ما تخشاه واشنطن اليوم وتعمل على إضعاف كل العوامل التي قد تؤدي إلى تبلور معالم هذه الحرب .
ختاما ،فإن جميع القوى ألإقليمية والدولية تدرك بأن مغامرة السعوديين ألأخيرة على حدودهم الجنوبية وإشعال فتيل حرب وصراع جديد بالمنطقة مسرحه الجديد هو الأراضي اليمنية ،سيكون له بشكل عام تداعيات خطرة على مستقبل استقرار المنطقة الهش والمضطرب بشكل عام ،وستكون لنتائج هذه المعركة الجديدة للسعوديين باليمن الكلمة الفصل وفق نتائجها المنتظرة بأي حديث قادم يتحدث عن تسويات للأزمة اليمنية ومعظم ملفات ألإقليم العالقة وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع قوى الإقليم ، فالمرحلة المقبلة ستحمل بين طياتها الكثير من التكهنات والتساؤلات بل واحتمال المفاجآت الكبرى ، حول طبيعة ومسار عدوان السعودية على اليمن، فالمعركة لها عدة أبعاد مستقبلية ومرحلية، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ مرحليا بنتائجها المستقبلية ، فمسار ونتائج المعركة تخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلآ "التدخل البري "، ومن هنا سننتظر الأسابيع الثلاثة المقبلة لنستوضح مزيدا من المعلومات التي ستمكننا من قراءة المشهد المستقبلي امنيا سياسيا بخصوص تطورات ونتائج العدوان السعودي بغطاء "ناتو العرب " على اليمن بكل أركانه .........
*كاتب وناشط سياسي-الأردن .
hesham.awamleh@yahoo.com