علاقات » عربي

السعودية توجه صفعة قوية لحكام الإمارات ومصر

في 2015/10/06

ترجمة وإعداد: سامر إسماعيل- شؤون خليجية-

وجهت المملكة العربية السعودية صفعة لكل من الإمارات العربية المتحدة والنظام الحاكم في مصر، بعد استقبال سفارة المملكة في الدوحة للشيخ يوسف القرضاوي المحكوم عليه غيابيا بالإعدام في مصر، والذي تربطه علاقة وثيقة بالإخوان المسلمين، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المصنف من قبل الإمارات باعتباره تنظيمًا إرهابيًا بجانب الإخوان المسلمين.

ويأتي ظهور "القرضاوي" في حفل السفارة السعودية بقطر تتويجًا لسلسة من الخطوات التي أقدمت عليها المملكة مؤخرًا، عبر التقارب مع الإخوان المسلمين بهدف تشكيل حلف سني يواجه النفوذ الإيراني الشيعي في المنطقة.

وينظر البعض إلى التقارب السعودي مع الإخوان باعتباره استراتيجية جديدة لا تعني أن المملكة لم تعد تتخوف من الإسلام السياسي، وإنما ترغب في استخدامه لتحقيق مصالحها في المنطقة بدلًا من الصدام معه.

وشهدت المملكة مؤخرًا لقاءات جمعت مسؤولين سعوديين بقيادات من الإخوان في اليمن والأردن وتونس وفلسطين، كما حضرت قيادات في "تحالف دعم الشرعية" الذي يسعى لإعادة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي للسلطة، اجتماعًا لرابطة العالم الإسلامي مؤخرًا بالمملكة.

ويبدو أن التحركات السعودية للتقارب مع الإخوان ناجمة جزئيًا عن عدم وضوح الموقف المصري بشأن عدد من القضايا التي تشغل بال المملكة، كالحرب في اليمن وسوريا، وهي التحركات التي جعلت السلطة في مصر تسمح للإعلام بمهاجمة المملكة.

 

"القرضاوي" في السفارة السعودية بالدوحة

ووفقًا لقرير أوردته وكالة أنباء "رويترز"، فإن الشيخ يوسف القرضاوي الذي تربطه صلات وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين، حضر حفلًا للسفارة السعودية، في قطر في مؤشر على تخفيف حدة العداء من جانب الرياض تجاه الجماعة.

ووفقًا لـ"رويترز"، ظهر القرضاوي- المقيم بقطر، والذي تسببت خطبه الحادة في توتر العلاقات مع الجيران الخليجيين- إلى جانب رئيس الوزراء القطري والسفير السعودي في الدوحة، احتفالًا باليوم الوطني للمملكة.

ومنح اعتلاء الملك سلمان- الذي يعتبر أكثر تعاطفًا مع الإسلاميين المحافظين من سلفه الملك عبد الله- عرش السعودية في يناير الماضي بصيص أمل لأعضاء الإخوان الهاربين في قطر، بأن رياح السياسة في الشرق الأوسط بدأت تتحول لصالحهم، مما قد يمنح الجماعة مزيدًا من حرية التحرك.

وبينما أحجم الملك سلمان عن الظهور كصديق للإخوان، فإنه عمل على تخفيف حدة التوتر مع حلفاء الجماعة، فعزز علاقات الرياض مع تركيا وقطر، وتواصل مع حزب الإصلاح ذراع الإخوان في اليمن.

وقال مصري من أعضاء الإخوان الذين يعيشون في قطر طلب عدم نشر اسمه "نحن الآن متفائلون".. "القيادة (السعودية) الجديدة قد تعني حقبة جديدة للشرق الأوسط، حيث يتم التعاون مع الإسلاميين باعتبارهم شركاء.. بدلًا من شيطنتهم".

ودأب القرضاوي- الذي ولد في مصر- في خطبه على انتقاد السلطات في السعودية والإمارات، التي ترى في الإخوان تهديدًا للاستقرار الإقليمي ينطوي على غدر، من خلال أنشطتها في مصر ودول عربية أخرى.

وفي مايو الماضي حكمت محكمة مصرية بالإعدام غيابيًا على القرضاوي، في قضية تتعلق باقتحام سجون أثناء الانتفاضة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق حسني مبارك في 2011.

وكان الجدل بشأن الإخوان وهي الجماعة الإسلامية الأشد تأثيرًا في العالم، محور خلاف بين دول الخليج العربية، وصل في 2014 لحد سحب السعودية والإمارات والبحرين لسفرائها من الدوحة.

ولم يعد السفراء الثلاثة إلا بعدما قالت قطر إنها لن تسمح لجماعة الإخوان باستغلالها لممارسة أنشطتها.

 

محور سني جديد

ورصدت صحيفة "تليجراف" البريطانية، وجود ما يشبه التحالف السني في المنطقة بين أطراف كانت العلاقات متوترة بينها حتى مطلع العام الجاري.

وأبرزت الصحيفة جلوس السفير السعودي في الدوحة، ورئيس الوزراء القطري، والشيخ يوسف القرضاوي جنبًا إلى جنب في احتفال السفارة السعودية بالعيد الوطني.

وأضافت أن السعودية حتى مطلع العام الجاري، كانت قوة قيادية معارضة للإخوان المسلمين والإسلام السياسي الذي دعمته قطر، إلا أن التقارب الجديد يدل على أن الحرب ضد إيران الشيعية ووكلائها كنظام بشار الأسد استدعت تنحية الخلافات السنية جانبًا.

وتحدثت الصحيفة عن أن روسيا التي تدخلت عسكريًا لتقوية الموقف التفاوضي لبشار الأسد، ربما تجد أن قوى أخرى على الجانب الآخر تحذو حذوها، لكن في دعم قوى المعارضة السورية.

 

تفاؤل حذر

و نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مقالًا لـ"حسين إبيش" الباحث في معهد دول الخليج العربي بواشنطن، تحدث فيه عن ملامح التحالف السني الجديد الذي تقوده المملكة العربية السعودية لمواجهة إيران وحلفائها في المنطقة.

وأشار الكاتب إلى أن الاتفاق النووي مع إيران إذا كان يشبه الزلزال في الشرق الأوسط، فإن زيارة وفد حماس للسعودية مؤخرًا، أشبه بأقوى توابع هذا الزلزال.

وأضاف أن تلك الزيارة أحدث دليل على تغير السياسة السعودية، التي تسعى حاليًا للتقارب مع حركة الإخوان المسلمين التي تنتمي إليها حماس.

وذكر أن السعودية لا تثق منذ أمد بعيد في الإخوان، حيث تعتبر المملكة الإسلاميين تهديدًا سياسيًا لها ومنافسًا لها كذلك على السلطة الدينية في الشرق الأوسط، وهو ما تحول إلى عداء معلن بعدما أصبح الإخوان على حافة السيطرة على دول عربية كبرى بعد ثورات الربيع العربي، في تونس ومصر وأماكن أخرى في 2011م.

وتحدث عن أنه وعلى الرغم من تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، عن أن زيارة وفد حماس الأخيرة للمملكة كانت لأغراض دينية وليست سياسية، وأن موقف المملكة بالنسبة لحماس لم يتغير، إلا أن العمرة إلى مكة لا تشمل في العادة إجراء لقاءات مكثفة مع القيادة السعودية كاملة، ممثلة في العاهل السعودي الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وذكر أن وفد حماس شمل جناحيه في مصر وتركيا، مما يعني أن فصائل الحركة القيادية كانت ممثلة كلها في الاجتماع بالمملكة، مضيفًا أن الزيارة صاحبها إطلاق السعودية سراح 8 من أعضاء حماس سجنوا بتهمة القيام بأنشطة سياسية غير قانونية في السعودية.

وتحدث عن وجود دليل آخر على الانفتاح السعودي على الجماعات التابعة للإخوان، وذلك بتعيين القوى الداعمة للسعودية في اليمن، نايف البكري من التجمع اليمني للإصلاح المحسوب على الإخوان المسلمين في اليمن والمصنف كمنظمة إرهابية في السعودية، كمحافظ لعدن التي سيطرت عليها مؤخرًا قوات مدعومة من المملكة.

وأشار إلى الزيارات التي قام بها قيادات من الإخوان في المنطقة إلى السعودية خلال الأشهر الأخيرة، كزيارة الشيخ راشد الغنوشي من حركة النهضة في تونس، وعبد المجيد الزنداني من التجمع اليمني للإصلاح، وهمام سعيد من الإخوان المسلمين بالأردن، فضلًا عن وجود شائعات عن قيام المملكة برفع اسم الإخوان المسلمين من قائمة المنظمات الإرهابية.

واعتبر الكاتب أن الإخوان أصبح تهديدهم أقل بالنسبة للمملكة حاليًا، مقارنة بتهديد "داعش" وإيران، في وقت يوصف فيه الملك سلمان بالمتعاطف مع الإسلاميين على عكس الملك الراحل عبد الله.

وذكر أن الرياض تقوي علاقاتها حاليًا مع دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة قطر التي قيل إنها وراء زيارة حماس للمملكة، كما عززت المملكة علاقاتها مع تركيا والسودان، في خطوة ينظر إليها باعتبارها محاولة من قبل المملكة لجمع أكبر حشد ممكن من اللاعبين السياسيين السنة في الشرق الأوسط، لمواجهة إيران وحلفائها الشيعة.

ونقل الكاتب عن الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، أن السعودية مهتمة بالعمل مع الإخوان لأنهم فاعلين سياسيين في أماكن كسوريا واليمن.

واعتبر الكاتب أن السياسية السعودية الجديدة تحتاج للإخوان لمواجهة إيران وحلفائها الشيعة، كحزب الله والحركات الجهادية، كتنظيم القاعدة وداعش وغيرهما.

وذكر الكاتب أن كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس قريبة من إيران، وتخشى قيادتها من أن الخليج مصدر جيد للمال وليس للسلاح.

وأشار إلى أن التقارب مع حماس يتطلب براعة ومهارة سياسية من السعودية، حتى لا تضر بعلاقاتها مع مصر أو حركة فتح الفلسطينية.

واعتبر أن التحالف السعودي الجديد أفضل وسيلة لتقوية يد المملكة ضد الكتلة الإيرانية الشيعية، لكنه يعني كذلك تعزيز الانقسامات الطائفية الحادة في الشرق الأوسط، وهو ما سيصعب الأمور بشكل أكبر للقوى الخارجية كالولايات المتحدة وكذلك لشعوب المنطقة، فقيام نظام إقليمي جديد على أسس الهوية الطائفية أمر خطير.