علاقات » عربي

دمشق توسع الهوة بين الرياض والقاهرة

في 2015/10/19

ترجمة: محمد بدوي- لوريان لوجور - أنتوني سامراني

بينما تتخذ مصر في عهد السيسي "مكافحة الإرهاب" أولوية لها، نجد أن المملكة العربية السعودية تولي اهتمامها الأكبر تجاه مواجهة توسع النفوذ الإيراني في المنطقة.

على عكس القوى السنية الأخرى في الشرق الأوسط، بقيادة أنقرة - الرياض، دعمت مصر العدوان الروسي على الأراضي السورية، واعتبرت أن التدخل الروسي "يستهدف مكافحة الإرهاب في سوريا ويساعد في القضاء عليه". وبالنظر إلى العلاقات المتميزة بين القاهرة وموسكو منذ تنصيب المشير عبد الفتاح السيسي في يونيو 2014، فإن هذا الموقف لا يبدو مستغربا.

الكاتب كريم اميل بيطار، مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية "ايريس" كتب مقالا في صحيفة "لوريان-لوجور" وقت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر في 11 فبراير 2015 قال فيه: "اليوم يجتمع السيسي وبوتين على قاعدة العداء الشديد لكل ما هو إسلامي". وأوضح أن كل من موسكو والقاهرة ترى أنه لا فرق بين الإسلاميين "المعتدلين" و"الجهاديين"، وتعتبر في هذا الصدد أن ما يسمى بـ "مكافحة الإرهاب" بقدر ما تعني المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فهي تستهدف القضاء أيضا على حركة الإخوان المسلمين.

وبالنسبة للسيسي، فهو يتخذ من "الحرب على الإرهاب" حجة لاستمرار نظامه، ويعتبرها حجر الزاوية في سياسته الداخلية، فمن المنطقي تماما أن يرحب السيسي بالغارات الروسية ضد المعارضة السورية التي يهيمن عليها الحركات الإسلامية الجهادية.

وفي خطابه يوم الاثنين 28 سبتمبر في الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا السيسي القوى الدولية إلى تشكيل جبهة موحدة لمكافحة "الإرهاب". وهو ما اعتبر بأنه بمثابة تبرير ودعم لدعوة موسكو لتشكيل ائتلاف جديد لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

بالإضافة إلى حقيقة أن موقف السيسي يثير غضب الأمريكيين، الذين ما زالوا يحتفظون بتحالف عضوي مع مصر، فإن دعم القاهرة لهجمات موسكو في سوريا هو مثال آخر على تفكك "الجبهة السنية". فالقاهرة لا يمكن أن تتجاهل تأثير الغارات الروسية على موقف "جيش الفتح"، وهو تحالف من الجماعات الجهادية بقيادة جبهة النصرة - الفرع السوري لتنظيم القاعدة - والجماعة السلفية "أحرار الشام"، وهذا الجيش يتلقى دعما من محور أنقرة-الرياض-الدوحة.

خلافات خطيرة

وفي حين لا تزال الرياض تطالب برحيل الأسد وتعمل على ذلك، قامت أنقرة بإدانة​​ الغارات الروسية ودعت إلى إنشاء منطقة حظر جوي في شمال سوريا، فيما تقف القاهرة على النقيض وتعلن تبنيها لمعركة "مكافحة الإرهاب ". فقد حذر السيسي في خطابه أمام الأمم المتحدة "من انهيار سوريا ووقوعها في يد الإرهابيين" وهذه الكلمات تكشف تبني السيسي لنفس خطاب نظام الأسد والذي يختلف كثيرا عن الخطاب الرسمي للمملكة العربية السعودية.

وفي هذا السياق، كشفت تقارير إعلامية عديدة عن زيارة رئيس جهاز الأمن الوطني السوري "علي مملوك" إلى مصر في نهاية أغسطس، في حين ذكرت صحيفة "ديلي ستار" موافقة السلطات المصرية والسورية استئناف العلاقات الدبلوماسية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بينهما.

وإذا كان إطلاق عملية عاصفة الحزم ضد المتمردين الحوثيين في اليمن ينطوي على اتفاق حقيقي بين الرياض والقاهرة وأنقرة والدوحة لمواجهة اتساع نفوذ ايران، فإن الميادين الأخرى للعمليات العسكرية في المنطقة تشهد خلافات خطيرة في وجهات النظر بين القاهرة والعواصم الأخرى. فالأوضاع المشتعلة في سوريا وليبيا على وجه الخصوص عملت على اتساع الهوة بين الرياض والقاهرة حيث لكل منهما استراتيجية مختلفة، وربما متنافسة في هذه القضايا، وتتصاعد حدة الخلاف بين الجانبين حول تحديد مفهوم "الجماعات الإرهابية"، وما إذا كان سيتم دمج الإخوان المسلمين في العملية السياسية؟

وفي هذا الصدد، يبدو أن الرياض اتخذت موقفا مختلفا عن سياسة السيسي منذ وصول الملك سلمان إلى عرش المملكة. كما جاء في مقال آلان جريش، وهو صحفي متخصص في شؤون الشرق الأوسط، نشره على موقع "أورويون "XXI أوضح فيه أبعاد "التقارب بين المملكة العربية السعودية والإخوان المسلمين" وقال فيه إن السعودية بدأت بالتقرب بحذر من الإخوان المسلمين الذين حاربتهم بشراسة من قبل. ولجأت الرياض لذلك في إطار تصديها للنفوذ الإيراني في المنطقة. ووفقا لجريش، فإن هذا التقارب "يثير حفيظة مصر"، موضحا أن مقولة أن "الصداقة بين السعودية ومصر لا تتزعزع هي "خرافة".

على الرغم من أن التحالف بين مصر والسعودية هو مهم جدا للطرفين. إلا أن الخلافات بينهما في وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية يمكن أن تقوض العلاقة بينهما في نهاية المطاف. خاصة أن القاهرة لا تزال ترغب في تقديم نفسها على أنها جندي المنطقة الذي يحارب "الإرهاب"، بينما تسعى الرياض، على العكس من ذلك، إلى جمع القوى السنية لمواجهة "الإمبريالية الشيعية".