الراي الكويتية-
دقّ سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد جرس الإنذار، داعياً سموه من «بيت الأمة» الى المزيد من اليقظة والانتباه، مفتتحاً دور الانعقاد الجديد للمجلس (تفاصيل وصور ص 16 - 20) بنداء جعل أمن الوطن وسلامة المواطنين همنا الأول، مطالباً أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية والمواطنين الى أن يعوا دائماً أبعاد الأخطار التي تهدد أمننا ووجوب الحرص على وحدتنا الوطنية.
ومن «العرين» انفردت عباءة والد الجميع لتظلل الجميع، دعوة الى اليقظة، لأن وباء الإرهاب وجد طريقه الينا واقترف جريمته الشنعاء بتفجيره مسجد الإمام الصادق، وأن هذه الجريمة والخلايا الارهابية ومخازن الأسلحة والمعدات الإرهابية التي كشفتها العيون الساهرة على أمن الوطن تدق عاليا أجراس الخطر، مع إطلاق التحذير بأنه إن حدث أن أخطأ فرد في حق الوطن أو المجتمع، أو خان الأمانة وفرّط بشرف الانتماء الوطني، فلا يجوز أبداً التعميم على طائفته أو قبيلته بغير سند أو دليل.
وفي المناسبة، أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أن المجلس اختار الطريق الأصعب، فآثر المصارحة على المجاملة، والمكاشفة على المداورة «ولم نؤمن يوماً باستحالة الحل، فحيث يوجد عمل ثمة أمل بالحل»، معلناً أنه «إذا كان لا بد من التغيير، فهو التغيير الهادئ التدريجي واضح الأهداف في إطار الدستور والنظام والشرعية»، ومؤكداً أن الكويت ستنتصر على جرثومة الإرهاب المستنسخة، ومشدداً على أن «تصنيف الارهاب حسب الهوية أو الطائفة خطيئة بالغة الضرر، ومهما اكتوينا بنار الإرهاب فإن الكويت تداوينا وتحتوينا».
وأشار سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الى أن «العمل بدأ في تفعيل قوانين مهمة لحماية أمن الوطن والمواطن، ومنها البصمة الوراثية وتركيب أجهزة مراقبة أمنية وجمع الأسلحة»، وشدد على أن «الدستور مرجعنا، وقضاءنا العادل الملاذ للفصل في ما قد يقع من خلاف».
وأكد سمو الأمير في النطق السامي مفتتحاً دور الانعقاد العادي الرابع للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة «أنه لأمر خطير حقاً ان وباء الارهاب وجد طريقه الينا واقترف جريمته الشنعاء بتفجيره مسجد الامام الصادق رضي الله عنه وارضاه في شهر الصيام والقيام، ولم يراعِ لبيوت الله حرمة ولم تأخذه بالركع السجود رحمة، واسقط عشرات القتلى والمصابين، غير ان تلاحم شعبنا فوّت الفرصة على من يريد النيل منا وسطر اروع صور للوحدة الوطنية».
وشدد سموه على أن «هذه الجريمة النكراء والخلايا الارهابية ومخازن الاسلحة والمعدات الارهابية التي كشفتها أخيراً العيون الساهرة على أمن الوطن، والتي نسجل لها الشكر والتقدير تدق عالياً اجراس الخطر تحذيراً وانذاراً، وتوجب علينا المزيد من اليقظة والانتباه، وان نجعل أمن الوطن وسلامة المواطنين همنا الاول وشغلنا الشاغل الذي يتقدم على كل ماسواه».
وقال سموه «إن الأمن والاستقرار وسيادة القانون والمبادئ التي جسدها الدستور هي الأسس والقواعد التي نرتكز عليها لانطلاق عجلة الحياة العامة واستمرارها بكافة خدماتها ومرافقها في سائر مناحي الحياة، وانه من منطق الحرص على حماية وحدتنا الوطنية فلن نسمح ابداً بإثارة الفتنة والبغضاء أو العزف على أوتار الطائفية البغيضة أو استغلال النزعات القبلية والفئوية والعرقية والطبقية، وإذا حدث أن اخطأ فرد في حق الوطن أو المجتمع أو خان الامانة وفرط بشرف الانتماء الوطني فلا يجوز ابداً التعميم على طائفته أو قبيلته بغير سند أو دليل».
وأكد سموه «أنني كوالد للجميع ادعو، بل اطلب منكم وسائر اخواني وابنائي المواطنين ان يعوا دائماً ابعاد الاخطار التي تهدد امننا ووجوب الحرص على وحدتنا الوطنية والمشاركة بدورهم المسؤول في حماية أمن الوطن لانه أمنهم وحماية لانفسهم واهلهم واموالهم، ولن ندخر وسعاً ولن نضن بجهد أو مال في سبيل حماية امننا الوطني وتعزيز اجهزة الأمن وزيادة قدراتها وكفاءتها».
وقال سموه «لعلكم تذكرون أيها الاخوة ما سبق ان حذرت منه و نبهت إليه من هذا المنبر من مخاطر النمط الاستهلاكي في مجتمعنا وتزايد الانفاق الحكومي الاستهلاكي الذي لا طائل منه ولا عائد وذلك على حساب مجالات التنمية والاستثمار في الانسان الكويتي، وهو ما يشكل القيمة الحقيقية المضافة لبلدنا والدعامة الأساسية لاستقراره وتقدمه وتطوره».
ولفت سموه الى أن «انخفاض اسعار النفط عالمياً أدى الى تراجع في ايرادات الدولة بحوالي ستين في المئة، في حين استمر الانفاق العام على حاله بدون أي تخفيض يتناسب مع انخفاض سعر النفط، وهذا ولد عجزاً في ميزانية الدولة يثقل كاهلها ويحد من طموحاتنا التنموية، ولذلك لا بد من المسارعة الى مباشرة اجراءات جادة وعاجلة لاستكمال جهود الاصلاح الاقتصادي، وانجاز اهدافه التي تستهدف ترشيد وتخفيض الانفاق العام والتصدي على نحو فعال لمظاهر الفساد واسبابه ومعالجة الاختلالات التي تشوب اقتصادنا الوطني، حيث ان التأخير يزيد العجز تراكماً والوضع تفاقماً مما يتطلب جهوداً اكبر وكلفة اعلى في المستقبل».
وأوضح سموه «ان ثقتي وثقة اهل الكويت بكم كبيرة، ولا شك بأنكم حريصون على الارتقاء لحجم تلك التحديات وتأمين متطلبات مواجهتها وتجاوزها بإذن الله، والعمل من اجل بناء حاضر الكويت ومستقبلها وتلبية آمال وطموحات أهلها الاوفياء».
وشدد سموه على أن «الولاء للوطن فوق كل ولاء، ومصلحة الوطن تتقدم على كل مصلحة، والانتماء للكويت يعلو كل انتماء، فاحرصوا على حماية أمن الوطن وصونوا وحدتنا الوطنية، وافتحوا ابواب المستقبل بالعمل الجاد المخلص، واطلقوا مسيرة البناء والتنمية والتقدم وصولاً الى غد زاهر مشرق بإذن الله، لتظل الكويت دائماً بعون الله حرة أبية كاملة السيادة عالية الراية مرفوعة الراس، دار أمن وامان وديرة رخاء وازدهار».
وأكد رئيس مجلس الأمة في كلمته، أن «الكويتيين انتصروا على الإرهاب الجبان وعلى كل المحاولات التي تستهدف استقرار الكويت بفضل وحدتهم وتماسكهم والتفافهم حول قيادتهم السياسية».
ودعا الغانم المواطنين إلى تحمل المسؤولية الوطنية وعدم الالتفات إلى من يريد استثمار الأوضاع الأمنية لإشاعة الفتنة والمتاجرة بالأزمات، مستذكراً انتصار الكويتيين في كل المحطات التاريخية التي واجهوا فيها أصعب التحديات.
وتطرق الغانم إلى حادث الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجد الإمام الصادق في شهر رمضان الماضي، وإلى ملف قضية الخلية الإرهابية، مثمناً عاليا تعامل سمو أمير البلاد مع الهجوم الإرهابي من خلال وجوده الفوري والعفوي في مكان التفجير رغم المخاطر واحتضان سموه السريع لكافة أبناء الكويت.
ووصف الغانم موقف سموه بأنه «مشهد سيبقى خالداً في تاريخ الكويت، وشاهداً صادقاً على وعي شعبها وأبوة قائدها».
وقال الغانم «يبدو أن قدرنا يا صاحب السمو أن يكون ترحيبنا بكم في بيت الشعب مختلفاً كل عام، وهو أمر مرتبط بقدركم السامي ارتقاء من مقام عال إلى مقام أعلى، ونستقبلكم في بيت الأمة ليس كأمير للدولة ورأس للسلطات وحام للدستور وقائد إنساني فقط، بل نستقبلكم إضافة إلى كل ما سبق من المقامات التي تستحقونها، أباً مجرداً ورب أسرة بالمعنى الذي يتربع عرش قلوبنا، فأهلاً بك في عرينك وبين عيالك إنساناً وأباً عطوفاً حانياً».
وشدد الغانم على أن «الوحدة الوطنية كانت سبباً في انتصار شعبنا العظيم خلال كل المحطات الحاسمة عبر تاريخنا القديم والمعاصر، وستكون سلاحنا الفتاك ضد الإرهاب الجبان تجسيداً لقناعة كل فئات الشعب، أن لا دولة ولا تنظيم ولا حزب ولا فكر يعلو فوق مصلحة الوطن الغالي، حيث تنطلق المواقف هنا من قاعدتين لا يماري فيهما عاقل، تطبيق العقوبة على من تثبت إدانته، وألا تؤخذ الجماعة بجريرة الفرد، ذلك أن تصنيف الإرهاب حسب الهوية أو الطائفة خطيئة بالغة الضرر وأخذ الجماعة بجريرة الفرد انحراف مدمر، وسننتصر في معركتنا على جرثومة الإرهاب المستنسخة، لأننا نقف على الجانب الصحيح من التاريخ، ولأن الكويت هي قضيتنا وقدرنا، ومهما اكتوينا بنار الإرهاب فإن الكويت تداوينا وتحتوينا».
وقال الغانم «لابد لكل دولة مهما كان حجمها و نظامها من ان تقف أمام استحقاق التغيير كشرط للاستمرار، وأكاد اجزم حين ازعم اننا في الكويت نواجه اليوم مثل هذا الاستحقاق، والتغيير الذي نقصده هنا ليس التغيير الأهوج العاصف الذي يدمر كل ما يمر به ثم يقف على أطلاله نادما وهو حسير، بل التغيير الهادئ، متدرج الخطوات، واضح الأهداف والبدائل والآليات، في إطار الدستور والنظام والشرعية، التغيير الذي يؤصل الديموقراطية و يعززها، ويحميها من أدعيائها ويذود عنها أمام من ينصبون أنفسهم أوصياء عليها».
وأشار الغانم الى أن «مجلس الأمة على قدر المسؤولية خلف أمير البلاد، رئيس السلطات معيناً له، متحملاً أدواره التاريخية وواجباته الوطنية، فحماية حقوق الوطن هي بالدرجة الأولى والأهم مسؤولية الشعب كله، وإن ثقتنا الكاملة المطلقة بفزعة الكويتيين جميعاً لوطنهم هي التي تبقينا رغم خطورة ما يحيط بنا، مسكونين بحب وطن ليس لنا بعد الله سواه وليس لنا ولو ملكنا الدنيا مثيله أو بديله، فلنتق الله في وحدته وفي شرعيته، ولنتق الله في أولادنا بناة غده وأساس ثروته».
وقال الغانم «ذكرت أمامكم يا صاحب السمو أن مجلس الأمة قد اختار الطريق الأصعب، فآثر المصارحة على المجاملة، والمكاشفة على المداورة، ولم نؤمن يوماً باستحالة الحل، فحيث يوجد عمل ثمة أمل بالحل، لقد التزم المجلس الطريق الذي اختاره، فأنجز تسعة وأربعين قانوناً عاماً وهو الرقم الأعلى في تاريخ أدوار الانعقاد المتعاقبة».
وأكد سمو رئيس الوزراء التزام الحكومة بالتركيز على أولوية القضايا التي سبق أن حددتها في برنامج عملها وما تضمنته الخطة التنموية.
وقال سموه في كلمته «إن الحرص المشترك على التعاون والتشاور بين مجلس الأمة والحكومة هو السبيل لتحقيق المصلحة والخير للوطن والمواطنين».
وشدد المبارك على أن «الدستور دائماً هو مرجعنا جميعا الذي يحكم بيننا وينير لنا معالم الطريق، وقضاؤنا العادل المشهود له بالحياد والنزاهة هو الملاذ للفصل في ما قد يقع من خلاف، ونحن جميعاً نعتز بقضائنا ونحمل له كل التقدير والاحترام».
وشدد المبارك على أن الأوان قد حان «ليلمس الجميع ترجمة عملية تكفل تنفيذ التوجيهات السامية كواقع فعلي لمعالجة وضعنا المالي وكافة الاختلالات التي يشهدها اقتصادنا الوطني، وقد باشرت الحكومة فعلياً اتخاذ اجراءات جادة في هذا الخصوص بهدف تخفيض الهدر في الانفاق وترشيده، وسيشهد القادم من الأيام المزيد منها بما يضمن حسن استثمار مواردنا في قنواتها الصحيحة ولا يمس الاحتياجات الأساسية للمواطن ولا يزيد الأعباء المالية عليه».
وأوضح المبارك أن «الحفاظ على المال العام ومنع المساس به هو أحد الأوجه الضرورية لبناء اقتصاد وطني قوي، بالإضافة الى مكافحة مظاهر الفساد والقضاء على أسبابه»، مؤكداً أن «انطلاق مسيرة الاصلاح يتسع نطاقها لمشاركة كافة أبناء الوطن بجهودهم ومشورتهم التي لا غنى عنها باعتبارها مشروعاً وطنياً مشتركاً يحقق الخير والمصلحة للجميع».