لوفيجارو- محمد بدوي- شؤون خليجية-
لطالما قدمت قطر دعما كبيرا للحركات المسلحة المعارضة لنظام بشار الأسد، وهاهي تلمح إلى أنها قد تتدخل عسكريا بجوار السعودية وتركيا في الأراضي السورية لحماية الشعب السوري من "وحشية النظام" وردا على التدخل العسكري الروسي، وفي نفس الوقت تعلن أنها تفضل التوصل إلى حل سياسي للأزمة.
هذا التلميح الذي أدلى به وزير الشؤون الخارجية القطري خالد العطية في مقابلة مع قناة سي إن إن الأمريكية، أثار ردا فوريا من مسؤولي نظام الأسد حيث قال فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري إن دمشق سترد بحزم على هذا "العدوان المباشر" في حال وقوعه.
وقد أصبحت قطر داعما أساسيا للمعارضة السورية وأمدتها بالأسلحة والموارد المالية والدعم السياسي. ولكن تدخل روسيا لحماية نظام الأسد واسترداد الأراضي التي سيطرت عليها حركات المعارضة، سيعيد تمكين الأقلية العلوية من البلاد على حساب الأغلبية السنية، وهو الأمر الذي ترفضه كل من السعودية وقطر وتركيا.
وأكد الوزير القطري موافقة بلاده لموقف المملكة العربية السعودية التي لوحت بالخيار العسكري في سوريا ردا على التدخل الروسي. قائلا "إننا لن ندخر جهدا على الإطلاق مع إخوتنا السعوديين والأتراك لعمل كل ما يلزم لحماية الشعب السوري والحفاظ على وحدة سوريا".
وأضاف خالد العطية أنه "إذا كان التدخل العسكري سيحمي الشعب السوري من وحشية النظام السوري فبالطبع سنقوم به"، وردا على سؤال بشأن الدور القطري في سوريا، قال العطية "إن مجلس الأمن لا يقوم بما فيه الكفاية بحماية الشعب السوري، لذلك حملنا على عاتقنا مع أصدقاء سوريا مهمة حماية الشعب السوري عبر دعم المعارضة المعتدلة".
كيفية التدخل العسكري
وردا على سؤال عن كيفية التدخل العسكري السعودي القطري في الأراضي السورية؟ أجاب العطية بأن "هناك العديد من الطرق، ولا يمكنني القول بالتفصيل عن كيف سيكون ذلك، والشعب السوري يقاتل على جبهتين، يقاتلون النظام ويقاتلون الجماعات الإرهابية في الوقت ذاته ومستمرون منذ سنتين، وهناك العديد من الطرق لدعم جهودهم باسترجاع بلدهم".
وفي حقيقة الأمر فإن هذه التصريحات لا تشكل جديدا على صعيد الواقع، حيث تقدم قطر والسعودية وتركيا دعما عسكريا لفصائل المعارضة المسلحة وبعض الفصائل الإسلامية منذ سنوات، لكن أن يعلن وزير الخارجية القطري رسميا استعداد بلاده مع السعودية وتركيا للتدخل العسكري في هذا الوقت تحديدا فإنه يفهم منه أنه يأتي كرد مباشر على التدخل الروسي السافر في سوريا.
قلق تجاه إيران
وقامت قوات إيرانية كبيرة بالانتشار في أنحاء متفرقة من سوريا بشكل أكبر خلال الفترة الأخيرة إلى جانب قوات أخرى روسية أو تابعة إلى حزب الله اللبناني أو مليشيات عراقية مدعومة من إيران، وذلك تحت غطاء المقاتلات الروسية التي تواصل قصفها المواقع والمناطق التي تسيطر عليها حركات المعارضة.
وفيما يتعلق بقلق السعودية وقطر من نهوض روسيا وسوريا وإيران وحزب الله اللبناني، قال العطية إن "لدينا خياران في المنطقة، لدينا صراعات نحاول تجنبها أو الخيار الثاني المتمثل بالحوار الجاد لمشاكلنا".
وأضاف وزير الخارجية القطري: "وفي الوقت نفسه نحن لا نخشى المواجهة ولهذا عندما ندعو للحوار فنحن ندعو له من منطلق قوي لأننا نؤمن بالسلام ونعلم أن الطريق الأقصر للسلام هو بالحوار المباشر".
ونفى العطية أن يكون فتح باب الحوار مع إيران بسبب خشية الدوحة من التنافس القطري الإيراني في قضية بيع الغاز ، وقال إن "من يوجهون هذه الانتقادات إلى قطر "جاهلون" لأنهم لم يمتلكوا الوقت لقراءة رؤية قطر 2030 وإذا جاء هذا اليوم الذي لن يتبقى عندنا نفط أو غاز فإننا سنستمر بالمحافظة على المستوى المعيشي لشعبنا كما هي اليوم".
إفشال خطة روسيا
الجديد الذي تحمله تصريحات العطية هو إمكانية قيام قطر والسعودية وتركيا بأي شيء في سوريا لمنع تحقيق أهداف الغارات الروسية، في إشارة إما إلى تزويد الفصائل المسلحة بالسلاح اللازم للحيلولة دون تغيير في معادلة الميدان شمالي سوريا، أو إمكانية نقل تجربة "عاصفة الحزم" في اليمن إلى سوريا بشكل أو بآخر.
ويبدو أن الاحتمال الأرجح هو رفع وتيرة تسليح الحركات المسلحة، حيث تشير تقارير إلى قيام الدوحة وأنقرة بزيادة عملية التسليح في الشمال على أن تتولى الرياض هذه المهمة في الجنوب السوري.
ولعل تصريح العطية من أن بلاده تدعو للحوار من موقع القوة لحل هذه الأزمة، يوحي بأن العواصم الإقليمية الثلاثة (الرياض وأنقرة والدوحة) لا تريد أن تسمح لموسكو باستثمار تدخلها في سوريا عسكريا في الجانب السياسي من خلال أي صفقة مع واشنطن حيال أي تسوية محتملة للقضية السورية.