سي إن إن- الخليج الجديد-
أعلنت المملكة العربية السعودية، أول أمس الثلاثاء، على لسان وزير خارجيتها من باريس، تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب ستحتضن الرياض مقر قيادته، ويتألف هذا التحالف من 34 دولة عربية وإسلامية، واستثنيت منه دول أخرى لها ثقل وإلمام بملف الإرهاب على غرار الجزائر.
ككل مرة، ترفض الجزائر أن تشارك بجيشها في تحالفات عربية أو إقليمية أو دولية التزاما بدستورها الذي ينص على عدم انخراط الجيش الجزائري في أي مهام قتالية خارج الحدود، مما شكّل عقيدة راسخة في السياسة الخارجية، مفادها عدم السماح بخروج قوات مقاتلة جزائرية خارج الوطن، إلا أن هذه العقيدة لم يتم الثبات عليها سنتي 67 و73 خلال الحروب العربية-الإسرائيلية.
الدستور الجزائري يمنع
وفقا للعقيدة نفسها التي تُبنى عليها السياسة الخارجية للبلد، فقد سبق للجزائر وأن امتنعت عن المشاركة في القوة العربية المشتركة التي تسعى الجامعة العربية لتشكيلها والتي تهدف إلى مواجهة تهديدات التنظيمات الإرهابية والمساس بأمن وسلامة واستقرار أي من الدول المشاركة في القوة العربية وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي.
كذلك هو الشأن بالنسبة للتحالف العربي في اليمن التي شاركت فيه بعض الدول العربية تحت قيادة السعودية في حربها على الحوثيين في اليمن، حيث عبّرت الجزائر وقت ذاك عن رفض المشاركة فيها امتثالا لمبدأ «الجزائر لديها موقف سياسى يقضي بعدم مشاركة جيشها في حرب خارج أراضيها»، حسبما ورد على لسان وزير الخارجية «رمطان لعمامرة» في تصريحات صحفية سابقة.
وفي إطار محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه في دول الساحل الإفريقي، أسست الجزائر لجنة الأركان العملياتية المشتركة عام 2010 ومركزها مدينة تمنراست جنوب الجزائر، والتي تهدف إلى التنسيق الأمني والمعلوماتي لجيوش الدول الأربعة (الجزائر، مالي، موريتانيا، النيجر)، دون تدخل هذه الجيوش خارج أراضيها.
والمتتبع للمسار التاريخي للسياسة الخارجة الجزائرية يتوصل إلى حقيقة أن الجانب الديني لا يعد محورا أساسيا في الموقف الجزائري وهذا ما تعكسه مواقف البلد من عدة قضايا كوقوفها إلى جانب تيمور الشرقية بعد احتلالها من قبل إندونيسيا (دولة إسلامية)، وكذا وقوفها مع بلغاريا ضد الأقلية المسلمة.
وفي ذات الإطار، فان الجيش الجزائري لم يشارك في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ومشاركة الجزائر مرة واحدة كملاحظ في الكونغو الديمقراطية، وهذا ما ينسحب أيضا على القوات نفسها في إطار الاتحاد الإفريقي.
وحول عدم انضمام الجزائر لـ«لتحالف الإسلامي» ضد الإرهاب، قال الضابط السامي السابق في جهاز المخابرات الجزائرية العقيد «محمد خلفاوي» لـ«CNN» بالعربية «مبدئيا الدستور الجزائري لا يسمح للجيش أن يتدخل خارج تراب بلاده"، وأضاف: «الجزائر لا تساعد أي بلد من أجل احتلال بلد آخر».
تحالف سياسي أكثر منه عسكري
وتساءل «خلفاوي»: «هل التحالف الدولي الغربي بكل ترسانته العسكرية فشل حتى نذهب إلى تحالف أضعف منه على كل المستويات وما هو المراد من هذا التحالف»، التساؤل ذاته طرحته «CNN» بالعربية على المحلل السياسي المصري الدكتور «حسن نافعة» حيث قال: «هو تحالف شكلي عبارة عن تحالف سياسي أكثر منه عسكري».
وتابع «نافعة» قائلا: «هذا التحالف يحاول تجميع الدول السنية ضد الشيعة، وهو تحالف خطر مبني على الطائفية ويعمق الحرب الطائفية ولا يساعد على احتواء المشكلة».
وبرأي رئيس ديوان الحكومة السابق الدكتور «منصور قديدير»، فإن الجزائر لديها نهج مختلف لمكافحة الإرهاب خلافا للسعودية وعدد من الدول العربية الأعضاء في التحالف والتي تستبعد الحوار السياسي مع الجماعات الإسلامية، فالجزائر –حسبه- تعمل بطريقتين «العمل السياسي مع الخصوم والوسائل العسكرية والأمنية لمكافحة العنف الإرهابي».
ويؤكد «قديدير» أن التحالف جزء من الصراع الجيوسياسي في المنطقة بين المملكة العربية السعودية وإيران فلهذا الجزائر تفضل البقاء خارج الصراع، لأنها تخشى أن يجرها التحالف إلى حرب طائفية في المنطقة».
وحسب «أبصير أحمد طالب» الباحث في الشؤون الأمنية و الإستراتيجية فان التحالف جاء «في اطار استباقية للتطورات الحاصلة في الفضاء الأوروبي والذي بدوره قرر تشكيل قوة عسكرية حمائية لفضاء شنغن»، خصوصا أن إعلان التحالف كان من باريس وهذا ما يوحي حسب محدثنا إلى وجود «تقارب فرنسي سعودي».
وعن رفض الجزائر المشاركة في التحالف، يقول «أبصير»: «الجزائر شكّلت تحالفات إقليمية في حربها على الإرهاب مع بعض من الدول المشاركة في ذلك التحالف على غرار التشاد ومالي والنيجر ونيجيريا ومصر والسودان»، وتساءل «أبصير»: «كيف سوف تقبل بلعب دور أقل من ذلك الذي تلعبه فيما سبق ذكره».