الخليج اونلاين-
في العام 1951 استقبل الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود زعيم الحركة الوطنية التونسية آنذاك الحبيب بورقيبة، فكانت تلك الزيارة هي الشرارة الأولى في توجيه تونس نحو الاستقلال، بعد أن يئس التونسيون من أي دعم خارجي.
واليوم، يكرر الزيارة إلى السعودية الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي؛ بهدف تعميق العلاقات بين البلدين، ودعم تونس للتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب.
- استعداد مبكر للتعاون
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أكد وزير الشؤون الخارجية التونسي، المنجي حامدي، استعداد بلاده لمكافحة الإرهاب، داعياً إلى أن يكون التعاون قاسماً مشتركاً بين كل البلدان، فقال: "قواتنا الأمنية والعسكرية مستعدة لمكافحة الإرهاب، لكننا لا نستطيع القضاء على الإرهاب وحدنا، لأن الإرهاب آفة إقليمية ودولية، ومحاربته لا بد من أن تكون قاسماً مشتركاً بين كل البلدان".
وأضاف حامدي، في تصريحه للحياة اللندنية: "أدعو الدول العربية إلى التنسيق في مكافحة الإرهاب، وفي مجال الاستخبارات وتبادل المعلومات"، مشدداً على ضرورة التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في هذا الشأن.
- داعش في تونس
وبحسب ما أكدته وزيرة المرأة التونسية، سميرة مرعي، فإن نحو ستة آلاف تونسي في صفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا المجاورة، ومن بينهم نحو 700 امرأة تونسية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تبنى تنظيم "الدولة" إعدام الطفل مبارك السلطاني (16 عاماً)، راعي الغنم التونسي، في جبل مغيلة بمحافظة سيدي بوزيد وسط غرب تونس.
وبناءً على ذلك، أشار الدكتور لطفي المرائحي، رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري التونسي، إلى محدودية قدرة تونس العسكرية، مستدركاً: "إلا أنها لن تتردد في التعاون مع السعودية بشأن التصدي للإرهاب، بالإضافة لرمزية تونس في الالتحاق بهذا التحالف، ففيه إشارة للاهتمام بالموضوع حرصاً على وحدة الصف العربي".
وأشار المرائجي، في تصريحه لـ "الخليج أونلاين"، إلى إمكانية أن تكون استفادة التحالف من قِبل تونس عبر تبادل المعلومات الاستخباراتية والإرشاد؛ لكونها على خط مواجهة الحرب ضد الإرهاب، فضلاً عن الدعم الجماهيري والثقافي.
واستنكر المرائجي الضربات الموجعة التي تعرضت لها تونس من قبل تنظيم الدولة في العديد من المناطق.
- دعم سعودي للاقتصاد
وفي 2014، حصلت تونس، من خلال الصندوق السعودي للتنمية، على مساعدات وقروض كبيرة بلغت نحو 500 مليون دولار لتمويل مجموعة من المشاريع الكبرى، وفق ما صرح به علي العريض رئيس الوزراء التونسي لصحيفة الاقتصادية السعودية.
ويطمح المستثمرون السعوديون كثيراً إلى زيادة الاستثمارات السعودية في تونس، مطالبين في الوقت ذاته، بضرورة تطوير الأوضاع وتوفير الأمن والاستقرار، وسن تشريعات تسهم في جذب المستثمرين الأجانب للداخل التونسي.
- انفتاح تونسي نحو الخليج
وسبق لوزير الشؤون الخارجية التونسي، المنجي حامدي، أن وصف علاقات بلاده مع السعودية بالـ "ممتازة"، معلقاً على علاقة تونس بدول مجلس التعاون الخليجي: "سياستنا كانت تركز في الماضي وإلى وقت قريب على علاقاتنا مع أوروبا التي تكاد نسبة التبادل الاقتصادي والتجاري معها تتجاوز الـ80%".
وتابع: "أما سياستنا في الوقت الحاضر فتركز على المحافظة على علاقتنا الاستراتيجية مع تلك الدول التقليدية (أوروبا)، لكن يجب أن نركز بشكل أساسي وكبير على علاقتنا مع دول الخليج، وتصورنا هو أن نفتح أسواقنا للمستثمرين الخليجيين، ليستثمروا بقوة، تونس بلد منفتح، ولديه آفاق (فرص استثمارية) كبيرة".
ووقعت تونس والسعودية، الثلاثاء، اتفاقيات شراكة وتعاون في مجال الدفاع والنقل، واتفاقيتي قرض مالي مع كل من الصندوق السعودي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية.
وبحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية التونسية، جرى توقيع عدد من اتفاقيات التعاون في المجال الدفاعي، ومجال الحماية المدنية والدفاع المدني، والنقل البري للبضائع والأشخاص، إضافة إلى اتفاقيتي قرض مالي مع كل من الصندوق السعودي للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، دون الكشف عن قيمة القرض.
واستقبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الرئيس السبسي بقصر اليمامة في الرياض، الثلاثاء، بهدف التباحث بشأن المسائل العربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن استعراض سبل تعزيز العلاقات الثنائية والارتقاء بمستوى التعاون الثنائي في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية.
وتأتي الزيارة بعد أسبوع من الإعلان في العاصمة السعودية الرياض، تشكيل تحالف إسلامي عسكري من 34 دولة لمحاربة الإرهاب، حيث أكد خميس الجهيناوي، المستشار الأول للرئيس التونسي المكلف بالشؤون الدبلوماسية، أن بلاده ستشارك في التحالف الدولي، إلا أن المشاركة "لا تعني قيام تونس بتدخل عسكري في دول أخرى مثل ليبيا والعراق وسوريا لدحر خطر تنظيم داعش".
وقالت مصادر سياسية ودبلوماسية تونسية، إن الرغبة في إعادة التوازن لعلاقات تونس الخارجية، وإيجاد مُمولين ومستثمرين لإعادة تنشيط وتفعيل الوضع الاقتصادي التونسي، الذي يعاني الانكماش، تُعد واحدة من أبرز العوامل التي دفعت الرئيس السبسي إلى زيارة السعودية في هذا التوقيت الذي تشابكت فيه الأجندات الإقليمية والدولية، ارتباطاً بتداعيات الحرب المفتوحة على الإرهاب.
ومع أن مسألة الحصول على استثمارات تبدو في واجهة زيارة السبسي للمملكة، فإن وضع تونس في المعادلة الإقليمية يفرض على الرئيس التونسي التوجه إلى السعودية في هذا التوقيت بالذات، الذي يكتسي أهمية بالغة؛ بالنظر إلى أنه يأتي أيضاً بعد نحو أسبوع من زيارة رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد إلى قطر.
ورغم توجه الأنظار لنتائج زيارة الرئيس التونسي إلى المملكة، فإن علاقات التعاون بين تونس والسعودية تُنظمها 54 اتفاقية، تُطبق من خلال ثلاث آليات مُشتركة؛ أولها اللجنة المشتركة بين البلدين، والثانية تتعلق بلجنة المتابعة والتشاور السياسي، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وتتعلق الثالثة بمجلس رجال الأعمال المشترك.
وساهمت تلك الاتفاقيات في تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي بين البلدين، حتى أصبحت السعودية ثالث مُستثمر عربي في تونس، بحجم استثمارات تُقدر بـ1.697 مليار دينار (15938 مليون دولار).