علاقات » عربي

لماذا تشك السعودية في أهلية العراق للوساطة بينها وبين طهران؟

في 2016/01/07

خالد عمر- الخليج اونلاين-

لدى المملكة العربية السعودية تاريخ طويل من السياسات الحذرة تجاه العراق منذ غزو الكويت عام 1990، فيما ازدادت العلاقة معه سوءاً خلال السنوات الماضية عقب هيمنة مسؤولين شيعة مرتبطين بإيران على الحكومة العراقية ومناصبها السيادية بدعم أمريكي.

على الضفة الأخرى؛ ورغم وجود عداء تاريخي بين العراق وإيران، فإن علاقات الطرفين تحسّنت بعد غزو العراق عام 2003، بعد أن نال الشيعة حصة الأسد من الكعكة العراقية، حيث أقامت إيران علاقات مع الفصائل السياسية الشيعية العراقية المُهيمنة حالياً، بيد أن هذه العلاقات أثارت الشكوك بين جيران العراق ومعظمهم من السنّة، وحالت دون إعادة دمج العراق في المنطقة بشكل كامل.

وعلى مدى أكثر من عشر سنوات مضت، بنت إيران شبكة نفوذ قوية في العراق مع الجماعات والمليشيات الشيعية، وكذلك مع الكرد السنة الذين قدمت لهم طهران مساعدات في ثمانينيات القرن الماضي بمواجهة نظام صدام حسين، رسخت هذه العلاقات بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق، لكنها بدأت باضطهاد السنة لاحقاً.

* زيارة الجعفري

وصرح وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، يوم الأربعاء، من إيران، بأن بلاده ستتوسط لحل الخلاف الدبلوماسي بين الرياض وطهران، وذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف.

وتعد زيارة الجعفري الأولى لمسؤول عربي إلى طهران عقب إعلان السعودية، الأحد الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، ويرى مراقبون أن إيران قد تكون استدعت الجعفري من أجل إيجاد خط رجعة مع المملكة، أو إظهار حسن النوايا الإيرانية على أقل تقدير.

ولا يوجد لدى السعودية قائد في مجال تطوير سياستها تجاه إيران، لكنها ترى في العراق خياراً مستبعداً للقيام بدور الوسيط بين البلدين اللذين تأزمت العلاقات بينهما مؤخراً على خلفية الاعتداء على بعثات السعودية الدبلوماسية في إيران، كرد إيراني على إعدام المملكة للمواطن السعودي نمر النمر.

لكن السعودية إذا ما رأت وجود ضرورة لتخفيف التوتر، فإن مفتاح الوساطة سيكون من خلال دولة من داخل البيت الخليجي، كسلطنة عمان التي تتميز سياستها الخارجية بالحيادية على المستوى الدولي، إذ غالباً ما يكون موقفها من الأحداث الخارجية رافضاً للانحياز لأي طرف في الصراعات.

وترتبط عُمان بعلاقة قوية مع إيران، أهلتها لأن تصبح حاضنة لعدة جولات من المفاوضات النووية، وعملت على تقريب وجهات النظر بين طهران والدول الغربية، لذلك فمن المستبعد أن تكون هناك استجابة سعودية لتصريحات العراق بشأن الوساطة.

* كيف تأزمت العلاقات السعودية العراقية؟

وازدادت العلاقات تعقيداً بين السعودية والعراق، عندما كان نوري المالكي رئيساً للوزراء، إذ هاجم السعودية مراراً، ووصفها بأنها "دولة مشاكل، ومنطلق للإرهاب، وجذر للتطرف والتكفير"، حسب تعبيره، وانتقد كذلك إعدام نمر النمر بشدة.

ومن الجدير بالذكر أن التحالف الإسلامي العسكري الذي شكلته السعودية مؤخراً، لم تنضم له عدة دول، من بينها العراق وإيران وعُمان وسوريا.

* هدف التشييع

ويقول الباحث الإيراني صادق زيبا: إن "الصحوة الشيعية لم تُفلح كعقيدة سياسية في استقطاب الشيعة الآخرين في المنطقة خارج إيران؛ لأن الشيعة بالخارج لا يستحقون الدعم الإيراني إلا إذا كانوا معادين للولايات المتحدة، وإلا فإن النظام الإسلامي في طهران سيتجاهلهم".

ويشكّل الشيعة في العالم باختلاف فرقهم ما بين 7.6% و13% كحد أقصى من مجموع المسلمين أجمعين، ويتمركز أكثر من ثلث هؤلاء في إيران وحدها. وعليه، فإن إيران تشكّل مركز الجاذبية لهؤلاء، ليس على المستوى المذهبي فقط وإنما على المستوى السياسي أيضاً، على اعتبار أن السياسة والدين متمثلان في الولي الفقيه المرشد الأعلى.

وبطبيعة الحال، تشكّل هذه القوّة التي تعتمد عليها إيران تحدّياً كبيراً للأنظمة السنيّة الحاكمة في العالم العربيّ وخصوصاً دول الخليج، وقد تجاوز التحدّي مجرّد الاختلاف الدينيّ، حيث أدّى صعود الموجة الطائفيّة ضمن مشاريع سياسيّة تنافسية لكلّ من إيران والسعوديّة، إلى تصادم بين تلك الأنظمة.

وأحد أشكال تصاعد القلق خلال السنوات الأخيرة كان في العراق واليمن، خاصة مع التخوف الخليجي من وجود روابط قوية بين شيعة الخليج ونظرائهم في تلك البلدان التي تقف على رأس هرمها إيران.

لكن يواصل الإيرانيون توفير الدعم الاستراتيجي واللوجستي للقوات المسلحة في العراق وسوريا لمحاربة تنظيم الدولة، ويبدو أن وعي الإيرانيين بحجم التهديد الذي يشكله المشروع التوسعي للتنظيم الموجود في سوريا والعراق وليبيا، قد أدى إلى زيادة التعاون مع بغداد، وأبقى نقطة اتفاق وحيدة مع الخليج الذي يريد إنهاء وجود "داعش".

وكان باعتقاد إيران أن نجاح الاتفاق النووي العام الماضي، سيكون فرصة لدول الخليج لتدعم نشاط الحكومة العراقية في حربها ضد تنظيم الدولة، لكن تدخلات طهران في المنطقة التي كانت قاب قوسين أو أدنى من ابتلاعها، جاءت بما لم يكن متوقعاً فيما يخص مستوى انحدار العلاقات.

وتبعث زيارة الجعفري إلى إيران في هذا الوقت بالذات، رسالة مفادها أن هذا البلد سيظل نقطة تحول في العلاقات بالشرق الأوسط، لكنه بالنسبة للسعوديين لن يكون عامل بناء أو وساطة إذا ما بقيت مدينة النجف، عاصمة الشيعة المقدسة، هي المفتاح لاستقرار العراق.