علاقات » عربي

هل يمنح الناتو السعودية غطاءً جوياً حال تدخلها في سوريا؟

في 2016/02/09

أحمد أبو الخير - الخليج أونلاين-

نقلت وسائل إعلام محلية سعودية، عن مصادر في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن ولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان، سيشارك في اجتماعات الحلف المقررة يومي الأربعاء والخميس 10 و11 فبراير/ شباط بالعاصمة البلجيكية بروكسل.

ويناقش الاجتماع الخاص، الذي سينضم إليه وزراء دفاع دول التحالف الدولي لمواجهة تنظيم الدولة، الخميس، مبادرة المملكة بالمشاركة بقوات برية لمحاربة التنظيم في سوريا.

وطبقاً للمصادر ذاتها، فإن مسؤولي الحلف سيستمعون لرؤية المملكة حول كيفية محاربة التنظيم، وتفاصيل التحالف الإسلامي الذي أعلنت المملكة تشكيله مؤخراً.

استراتيجية سعودية

لدى المملكة العربية السعودية خطة استراتيجية واضحة، تعمل عليها بدأب، وفي حين لم تكشف عنها دفعة واحدة، إلا أن ملامحها بدأت تنجلي شيئاً فشيئاً مع المضي في تكتيكاتها التي بدأت بإعلان تأسيس التحالف العسكري الإسلامي الذي يعد لمواجهة الإرهاب في المنطقة "بمختلف أشكاله، وأياً كان مذهبه"، وليس انتهاءً بإعلان الرياض عزمها التدخل في سوريا بقوة برية لمواجهة تنظيم الدولة.

وأبدى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، السبت 6 فبراير/ شباط، استعداد بلاده للتعاون مع "العرب والمسلمين في كل العالم، في الدفاع عن بلدانهم وضمان استقلالها، والحفاظ على أنظمتها كما ارتضت شعوبهم".

وتأتي تصريحات العاهل السعودي بعد أيام من إعلان السعودية استعدادها للتدخل البري في سوريا ضد تنظيم "الدولة"، والذي جاء على لسان المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، العميد الركن أحمد عسيري، حيث قال: "إن السعودية على استعداد للمشاركة في أي عملية برية ضمن التحالف الدولي في سوريا".

ويأتي هذا في ظل مناورات عسكرية واسعة تشارك فيها العديد من الدول العربية والإسلامية، بمشاركة نحو 150 ألف جندي من تلك الدول، تستبق التدخل البري السعودي المحتمل في سوريا، على ما أفادت مصادر سعودية لشبكة "سي إن إن".

الناتو يبحث

إعلان السعودية استعدادها التدخل براً في سوريا حظي بترحيب أمريكي سريع على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش آرنست، الذي أشاد بـ"الجيش السعودي المتطور جداً".

وكشف أن "وزير الدفاع الأمريكي كارتر، سيبحث هذا الموضوع مع باقي نظرائه من دول التحالف، أثناء حضوره لاجتماع وزراء دفاع التحالف ببروكسل، الأسبوع الجاري، الذي يهدف إلى المساهمة في تسريع الحرب ضد تنظيم الدولة وتفعيلها على نطاق أوسع".

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أفاد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن بلاده تدرس إمكانية "إرسال قوات خاصة إلى سوريا".

وكان الجبير كرر في أكثر من مناسبة، إحداها في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن أمام نظام بشار الأسد أحد خيارين: الرحيل بالمفاوضات، أو بهزيمة عسكرية، والآن وقد تسببت "وحشية الأسد" (والتعبير لستافان دي مستورا المبعوث الأممي أمام جلسة مجلس الأمن الأخيرة) في تعليق مفاوضات جنيف 3، وربما إفشالها، فيبدو أن الخيار الثاني الذي تحدث عنه الجبير بات أقرب، بالأخص مع اشتداد القصف الروسي على سوريا، كما يرى مراقبون.

أما وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، فقد اعتبر بعد يوم من المحادثات، الهجمات المستمرة لقوات النظام السوري بدعم من ضربات جوية روسية على مناطق تسيطر عليها قوات المعارضة، "تشير إلى نيتها السعي إلى حل عسكري وليس إلى حل سياسي للصراع في سوريا".

إذن، يبدو أن واشنطن والرياض متفقتان على أن نظاماً لا يفهم إلا لغة القوة يجب تنحيته لكي يمكن القضاء على الإرهاب.

- الحاجة لمنطقة آمنة أو حظر جوي

يطرح مشروع دخول قوات برية سعودية أو عربية وإسلامية إلى سوريا، أسئلة حول المخاطر التي ستعترض تلك القوات على الأرض، فهي في حال دخولها بهدف مواجهة تنظيم الدولة، ستجد أيضاً بالمرصاد قوات نظام الأسد بجيشه البري وطيرانه، كما ستجد المقاتلات الروسية فوق رأسها طوال الوقت، فضلاً عن المليشيات الشيعية، ومليشيات ما بات يعرف بقوات سوريا الديمقراطية.

أمام كل هؤلاء الأعداء تحتاج القوة البرية السعودية إلى ما يحميها من الإبادة الجوية، وفي الواقع تحتاج إلى ما طالب به الشعب السوري والمعارضة منذ وقت مبكر من عمر الثورة السورية، وإلى ما دأبت تركيا خلال العامين الماضيين، تطالب به بإلحاح دون جدوى.

واليوم، باتت روسيا في الأجواء، وهذه الأخيرة قبل أن تدخل سماء سوريا كانت حمت الأسد بـ 4 من الفيتو بمجلس الأمن، فكيف لا تفعل وهي الآن تحميه في الميدان؟

ويتطلب فرض الحظر الجوي، أو منطقة آمنة، إقامة دوريات على مدار الساعة فوق المجال الجوي للدولة المستهدفة، كما يتطلب قراراً من مجلس الأمن الدولي.

ويجوز لمجلس الأمن الدولي- بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة- أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء المنظمة تطبيق هذه التدابير وبينها الحظر الجوي، وفق ما تنص المادة 41.

وفي 18 مارس/ آذار 2011، وافق مجلس الأمن الدولي على القرار 1973، القاضي بفرض حظر جوي على ليبيا بسبب استخدام النظام الليبي الطائرات الحربية لقمع المظاهرات في ليبيا المطالبة بإسقاط نظام معمر القذافي، وتمت الموافقة على القرار الذي تقدمت به كل من بريطانيا وفرنسا والمجموعة العربية بأغلبية عشرة أصوات مقابل امتناع خمسة أعضاء عن التصويت، منها روسيا والصين وألمانيا، وهو ما أبدت موسكو ندمها عليه لاحقاً بعد التدخل العسكري الغربي.

التنسيق مع روسيا أو نظام الأسد مستبعد للغاية، بشأن دخول قوة برية عربية، إذ إن إرهابه غير مستثنى- على ما يُستشف من التصريحات السعودية- من المواجهة، وكان وزير خارجية النظام قد هدد وتوعد أي قوات تدخل سوريا لا تنسق مع نظامه، وهو ما يعزز خطورة الموقف.

وفي بعض الحالات، لم تحتج بعض القوى الكبرى إلى قرار مجلس الأمن لفرض حظر جوي، حدث مثلاً عام 1991 أن فرضت أمريكا وبريطانيا وفرنسا حظراً جوياً على العراق، فيما عرف بمناطق الحظر الجوي شمالي العراق وجنوبه؛ بحجة حماية الأكراد والشيعة من نظام صدام حسين، واستمر هذا الحظر حتى بدء الغزو الأمريكي عام 2003.

ومن دون قرار من أحد سوى السلطات الشرعية اليمنية، أعلنت السعودية أجواء اليمن منطقة محظورة أثناء عملية عاصفة الحزم بعد احتلال مليشيات الحوثي لأجزاء من البلاد.

وإذن، يُنتظر من اللقاء المزمع في بروكسل، للتحالف الدولي والناتو، والذي سيطلع على رؤية السعودية حول كيفية التدخل الممكن في سوريا للقضاء على "الإرهاب"، أن يحدد بدوره رؤيته لكيفية حماية تلك القوة من مباغتة الطيران الروسي والسوري.

يشارك التحالف الدولي الستيني منذ أكثر من عام ونصف في غارات جوية قوية ضد التنظيمات التي تصنفها دوله كمنظمات إرهابية، ويمكن حال أراد، أن ينشئ منطقة آمنة مجاورة لتركيا، تكون منطلقاً للعمليات البرية العربية من جهة، وملاذاً للهاربين من حمم الموت من جهة أخرى.

نجحت المملكة العربية السعودية، وعبر مؤتمر الرياض الذي استضافته أواخر العام المنصرم بتكليف دولي، في جمع كلمة المعارضة السورية السياسية تحت مظلة "الهيئة العامة للمفاوضات" التي اعترف العالم بتمثيلها الوحيد للشعب السوري في المفاوضات مع نظام الأسد، فهل يكلفها العالم حسم الموقف العسكري أيضاً؟