- ستذعن الحكومتين الإيرانية والسعودية لضغط الرأي العام من أجل تحسين مستوى وصول المواطنين إلى شبكة الإنترنت وتطبيقات الهاتف المحمول، وهو ما يخاطر بإثارة هجوم مضاد من المحافظين.
- ستواجه طهران أوقاتا أصعب من الرياض بينما تدشن بنية تحتية أفضل لشبكة الإنترنت، رغم أن رفع العقوبات ينبغي أن يجعل هذا الأمر أسهل إلى حد ما.
- أدوات الطرف الثالث في منصات التواصل الاجتماعي مثل واتس آب وتليجرام ستنقذها من الحظر في كلا البلدين، حتى في ظل استمرار الجدل الدائر حول المخاطر التي تمثلها على الاستقرار.
* التحليل:
في ظل التقدم التكنولوجي، اكتسب مستخدمو الإنترنت والهاتف المحمول المزيد من الحرية والخصوصية. لكن في الوقت ذاته، يمكن للحكومات استخدام بعض هذه الأدوات ذاتها لتحقيق أغراضها الخاصة، سواء كانت اتصالًا بسيطًا أو مستوى أفضل من المراقبة. وبالنسبة لدول مثل إيران والسعودية- رغم منافستهما الشرسة، يتشاركان الكفاح لمواجهة المعارضة في الداخل- تمثل هذه التقنيات فرصة وتحديًا للقادة الذين يجاهدون لإبقاء الأمور تحت السيطرة.
ورغم العداء المتبادل، تتبع طهران والرياض استراتيجيات متشابهة لتنظيم التفاعل الإلكتروني: إذ تراقب البلدين البريد الإلكتروني ووسائل الإعلام الاجتماعية والرسائل النصية باسم حماية نسيج الدولة الأخلاقي وأمنها القومي. وفي ظل غياب القدرة على تطوير ما يضاهي البرامج المشهورة، مثل: تويتر وتليجرام وواتس آب وفيس بوك، اضطرت البلدان إلى قبول مخاطر هذه التطبيقات إلى جانب مزاياها، باذلة قصارى جهدها لإدارة آفاق أوسع للخطاب العام، وأيضا المعارضة.
استراتيجية واحدة ورؤى متباينة
بينما تواجه إيران والسعودية تحديات داخلية متماثلة ضد شرعية حكومتيهما، إلا أن قدراتهما على رصد التهديدات مختلفة، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى الاختلافات النوعية بين البنية التحتية التكنولوجية في كلا البلدين. ويمكن تفسير هذه الفجوة، جزئيًا على الأقل، بالعلاقة الفريدة بين طهران والرياض مع بقية العالم.
ورغم الأشواط التي قطعتها إيران، فإن الطريق أمامها لا يزال طويلا. ذلك أن شبكة الاتصالات بأكملها في البلاد تخضع لرقابة الدولة وسيطرتها، ومن المرجح أن تكون أي تحسينات في المستقبل محسوبة وتدريجية.
وتشير التقارير إلى أن الحكومة الإيرانية تواصلت مع الشركات الصينية لإيجاد أفضل السبل لمراقبة الشعب الإيراني. لكن حتى بالنسبة للتكنولوجيا التي لا علاقة لها بالمراقبة، ستواصل عقبات كبرى الوقوف في طريق طهران بينما تعمل على تحسين بنية اتصالاتها التحتية. على سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة مؤخرًا عقوبات على شركة ZTE الصينية للعمل مع صناعة الاتصالات الإيرانية، بينما كانت طهران لا تزال تخضع لبعض العقوبات الأمريكية.
(مقارنة بين السعودية وإيران من حيث عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي للفرد)
لكن حتى إيران تمثل مصدر تهديد أقل لـ آل سعود من تلك التي تحدق بالعائلة الحاكمة من داخل المملكة. وترى العائلة الملكية أن معظم التهديدات الخطيرة التي تواجه هيمنتها على السلطة تكمن في المنطقة الشرقية، حيث تسكن المجتمعات الشيعية منذ قرون. ولأن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعية تمثل عنصرا هاما من النشاط الشيعي المعاصر في هذه المنطقة، ترى الحكومة السعودية إسلاء أولوية كبرى لعمليات الرصد والرقابة. ومثل طهران، استخدمت الرياض برمجيات طرف ثالثخارجية وأجهزة تحكم عن بعد للمساعدة في جهود الرصد التي تقوم بها.
لكن خلالفا لإيران، كانت المملكة قادرة على تطوير بنية اتصالات تحتية أكثر تقدما. ويرجع ذلك جزئيًا إلى تعاونها الوثيق مع دول يمكنها توفير التكنولوجيا والخبرة اللازمة.
تشفير البيانات: نعمة ونقمة
رغم الجهود المضنية التي تبذلها الحكومتين الإيرانية والسعودية، يستخدم الشعبين بشكل متزايد أشهر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي في العالم، وأحيانا تحت الأعين الرسمية.
وعلى عكس موقف المتشددين الإيرانيين، الذين يعتبرون الإنترنت يمثل تهديدًا لشرعية الحكومة، يرى حكام السعودية أنه وسيلة لاسترضاء الشعب. وبينما تشرع الحكومة في تطبيق برنامج إصلاحي طموح خلال السنوات المقبلة، سوف يتاح للمواطنين السعوديين وصولا أكبر للتكنولوجيا والاتصالات، وبالتالي التواصل مع بقية العالم.
في الوقت ذاته، سوف يتواصل تقييد فرص الإيرانيين تحت رحمة المسئولين في الدولة، في ظل وجهات نظر متعارضة، يرجع سببها دائما إلى تقلب السياسة الإيرانية.
ستراتفور- ترجمة: علاء البشبيشي- شؤون خليجية-