تعكف إيران وبكل ما أوتيت من قوة؛ بالمكر والحيل، للانقضاض على ما يتاح لها من بلدان الجوار العربي ولا سيما الخليجي أو التدخل في شؤونه، وكانت أزمتها مع السعودية دافعاً للقيام بمزيد من ذلك، ومن أبرز إساءاتها الهجمات الإلكترونية ومحاولات اختراق متكررة لمؤسسات رسمية ومصارف سعودية، قدمت مؤشرات على أن المملكة مقبلة على حرب إلكترونية، بحسب مراقبين.
وتعتمد إيران على مواجهة الآلات الإعلامية المعارضة لها بصورة "لا مهنية"، إذ أطلقت منذ عام 2011 عملاءها لتجنيد قراصنة محترفين، بإغرائهم بمبالغ مالية طائلة، للعمل ضمن فريق الجيش الإلكتروني أو السايبر الإيراني، وعزز من صحة خطوات التجنيد ما قاله العضو السابق في الحرس الثوري الإيراني، محسن سازيغارا، من أن النظام الإيراني يدفع نحو 10 آلاف دولار شهرياً لهؤلاء.
ووفق تقارير إسرائيلية فإن إيران رصدت على الأقل مليار دولار للحصول على تقنيات وتكنولوجيا، وتجنيد خبراء وتدريبهم لتطوير قدراتها في الحرب الإلكترونية، عزز ذلك ما صرح به العميد "قولامريزا جلالي" من أن بلاده ستقاتل العدو حتى في الفضاء الإلكتروني وعبر حروب الإنترنت.
- حرب إلكترونية مرتقبة
يؤكد خبير أمن المعلومات السعودي، خالد العيسى، أن الهجمات التخريبية وتكرارها، مثل الهجمات التي كانت موجهة لقطاع المصارف قبل فترة، "تعطينا مؤشراً بأننا مقبلون على حرب إلكترونية".
وينبه العيسى مديري أمن المعلومات في الجهات الحكومية والقطاعات المالية إلى الحرب الإلكترونية "كوننا مستهدفين، ويستوجب عليهم الاستعداد الكامل وتوعية الموظفين ليكونوا على دراية ووعي بأساليب الهجوم".
وعن الطريقة التي تم بها الاختراق الذي تعرضت له المصارف مؤخراً، يقول العيسى لصحيفة عكاظ: "الاختراق تم عن طريق ملف اكسل، فعند التشغيل يطلب من المستخدم تفعيل الماكروز ليتمكن من رؤية كامل المعلومات، وعملية التفعيل تسمح للفيروس أن يعمل ليقوم بجمع المعلومات والتخريب أيضاً في الوقت نفسه".
وتعي دول الخليج تماماً قوة هذه الحروب وأهميتها، وتدرك أيضاً أنها مهددة بتلك الحرب، وتتعرض لها، وكانت قد أطلقت في 25 مارس/آذار 2015، الشبكة الخليجية التي تربط بين دول مجلس التعاون، التي تسمح وتسهل عملية التبادل الآمن لبيانات الخدمات الحكومية الإلكترونية؛ بوصفها حلقة وصل للشبكات الوطنية لدى دول مجلس التعاون الخليجي بعضها مع بعض، وتلتها بتدشين "جيوش إلكترونية"، تأخذ على عاتقها حماية مصالح البلاد من الثغرات التقنية.
وفي حين تدعم إيران الحوثيين في المعارك الميدانية وتقدم لهم السلاح والمستشارين، فإنها في معارك الإنترنت أخذت على عاتقها قيادة المعركة كلها؛ ذلك بسبب ضعف الإنترنت في اليمن وقلة خبرة جماعة الحوثي بهذا النوع من الحروب، حيث لا تسعف الجبال والكهوف والجغرافية المعقدة في صناعة استراتيجيات وتكتيكات.
ومنذ ان انطلقت عمليات عاصفة الحزم العسكرية بقيادة المملكة العربية، السعودية ضد مليشيات الحوثيين وفلول المخلوع علي عبد الله صالح؛ لإعادة الشرعية في اليمن، اندلعت معها معارك اختراق منصات شبكات التواصل ووسائل الإعلام.
وتتصدر المملكة العربية السعودية قائمة الدول الخليجية التي تتعرض للتهديدات والحوادث الإلكترونية، بحسب فريق البحث والتحليل العالمي بشركة "كاسبرسكي لاب"؛ إذ تصل نسبة تهديدها مقارنة ببقية دول الخليج إلى 39%، تليها الإمارات بنسبة 29%، فقطر بـ8%، في حين احتلت عمان المرتبة الرابعة بنسبة 6%، والكويت بـ5%، والبحرين أخيراً بنسبة لم تتجاوز الـ3%.
وتستهدف الهجمات الإلكترونية القطاعات الحيوية؛ كالقطاعات المالية، والتجارة الإلكترونية، والاتصالات، والمؤسسات الحكومية.
وتكشف تقارير صدرت في أوقات سابقة أن إيران تقف وراء شن هجمات إلكترونية على بلدان خليجية، وهو ما أكده جيمس لويس، المسؤول الأمريكي بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، حين أظهر ضلوع إيران في تدبير فيروس شامون، الذي أدى إلى شل عشرات الآلاف من أجهزة الحاسب في الشركة السعودية أرامكو، وشركة رأس غاز القطرية للغاز الطبيعي، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتسعى إيران، منذ عقود، إلى ترسيخ فكرة أنها أكبر الجيوش الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل، وهو ما أكده نائب ممثل المرشد الأعلى في الحرس الثوري، العميد محمد حسين سبيهر، بأن "الحرس الثوري يمتلك رابع أكبر قوة إلكترونية في العالم".
الخليج اونلاين-