في 25 حزيران/يونيو، وصف المرشد الأعلى الايراني علي خامنئي قرار البحرين الأخير بسحب الجنسية عن الزعيم الديني الشيعي في الجزيرة بأنه "حماقة فجة وبلاهة". وعلى الرغم من أنه أضاف أن الشيخ المذكور، عيسى قاسم، "كان ينصح بعدم اللجوء إلى الأعمال المتطرفة والمسلحة"، إلا أنه تم توضيح الطبيعة المهددة لخطاب طهران قبل ذلك بستة أيام، عندما حذّر قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني، بأن التعرض للشيخ عيسى هو "خط أحمر لدى الشعب وتخطيه سيشعل البحرين ......... ليجعل آل خليفة [الأسرة السنّية الحاكمة في البحرين] تختفي".
ويناسب مثل هذا الخطاب السرد الذي يعتمده حكام البحرين السنّة، الذين يشعرون بخوف شديد من نفوذ إيران الإقليمي منذ الثورة الاسلامية عام 1979. وفي عام 2011، اندلعت مظاهرات في شوارع الجزيرة ذات الغالبية الشيعية، بتقليدها أحداث "الربيع العربي" في بلدان أخرى. وقد قمعت السلطات البحرينية تلك المظاهرات بدعم من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في محاولة منها لإنهاء النشاط السياسي الجماعي وفصل السياسة تماماً عن الدين.
لقد كانت وتيرة الإجراءات التي اتخذتها المنامة في الآونة الأخيرة غير عادية. ففي 30 أيار/مايو، زادت محكمة [بحرينية] عقوبة السجن السابقة، التي كانت قد فُرضت على الزعيم المعتقل لـ "جمعية الوفاق" بتهمة التحريض، بأكثر من الضعف - و "جمعية الوفاق" هي الجماعة السياسية الشيعية الرئيسية في البلاد وأكبر حزب في الجمعية الوطنية قبل انسحابها احتجاجاً [على ذلك] في عام 2011. وفي 14 حزيران/يونيو تم إغلاق مكاتب الحزب، وبعد ستة أيام، تم سحب جنسية الشيخ عيسى، الأمر الذي يجعله بلا وطن. وفي الوقت نفسه، اعتقُل مؤخراً ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان بسبب إطلاقه تغريدات اتهم فيها قوات الأمن بتعذيب المعتقلين - ويجدر بالذكر أن وهناك أكثر من 3000 شيعي محتجز في الجزيرة بسبب مشاركتهم في مظاهرات غالباً ما كانت عنيفة، وفي نشاطات أخرى مناهضة للحكومة.
والمسألة التي ضاعت تقريباً في هذه الدوامة، والتي بالتأكيد لم يتم الإعلان عنها بما فيه الكفاية خارج البحرين، هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ضد المتطرفين السنّة. ففي 23 حزيران/يونيو، حُكم على أربعة وعشرين متآمراً من تنظيم «الدولة الإسلامية» لضلوعهم في مجموعة متنوعة من المؤامرات، من بينها شن هجمات على الشيعة. ومَثلهم مثل الشيخ عيسى، تم تجريد ثلاثة عشر متهماً من جنسيتهم.
لقد أدى هذا الوضع إلى خلق معضلة بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي أوباما. فعلى الرغم من أنها تشعر بالقلق إزاء [أوضاع] حقوق الإنسان - حيث أن التقرير الذي أرسلته وزارة الخارجية الأمريكية إلى الكونغرس الأسبوع الماضي شمل انتقادات للمنامة - إلا أن الإدارة الأمريكية تقدر أيضاً استضافة الجزيرة للأسطول الخامس الأمريكي، الذي هو عنصراً جوهرياً في طمأنة الولايات المتحدة لحلفائها في المنطقة. وحالياً، تجد الإدارة نفسها واقعة تحت ضغوط متزايدة للتحرك ضد البحرين - وفي هذا الصدد، كتبت صحيفتا الـ "واشنطن بوست" و "فايننشل تايمز" افتتاحيتهما في الأيام الأخيرة [مطالبتان] بتجميد شحنات الأسلحة إلى البحرين.
بيد، إن وضع مثل هذه الضغوط على المنامة دائماً ما تشكل مشكلة عسيرة. فالملك حمد يحاول عموماً الوقوف بعيداً عن الخلافات - وكان أبرز ظهور له مؤخراً هو وقوفه إلى جانب ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية في يوم الاحتفالات بعيد ميلادها التسعين في نيسان/أبريل. وقد أدى الفراغ الناتج عن ذلك إلى إطلاق العنان للمتشددين في عائلة آل خليفة، المعروفين بعدم تأثرهم بأعمال التحريك التي تقوم بها الولايات المتحدة. ويوفر دعم واشنطن لولي العهد الأمير سلمان بن حمد ذو العقل المتحرر، أداة قوية ويمنح بعض النفوذ.
يتعين على الإدارة الأمريكية على أقل تقدير، أن تنصح البحرين بشدة بعدم طرد الشيخ عيسى البالغ من العمر تسعة وسبعين عاماً، وأن تطلب من الرياض وأبو ظبي إرسال نفس الرسالة. وحتى إذا تراجعت طهران والمنامة عما يبدو وكأنها فوضى عارمة، يكمن الخطر في اتخاذ المتطرفين الإجراءات الخاصة بهم. وقد يتم دفع الجماعات الشيعية نحو القيام بالمزيد من أعمال العنف في الوقت الذي تم إغلاق مكاتب "جمعية الوفاق"، التي تشكل الخيار المعتدل، في حين يمكن زيادة التطرف في صفوف السنّة بسبب مخاوف من إثارة رد فعل شيعي عنيف أو من عوامل أخرى. وفي كلتا الحالتين، فإن سمعة البحرين كونها دولة آمنة نسبياً في منطقة الخليج، والتي تُرحب بالأجانب بشكل عام وبالقوات الأمريكية أيضاً، يمكن أن تُشوَّه بلاعودة.
سايمون هندرسون- معهد واشنطن-