ما بين مغادرة أوباما للبيت الأبيض واستلام دونالد ترامب مكانه، يترقب قادة دول الخليج سياسات الرئيس الجديد بكثير من الآمال والمواقف التي تحسم قضايا باتت سبباً لعلاقات متأزمة بين الطرفين؛ نتيجة سياسات أوباما التي حملت قدراً كبيراً من المحاباة لإيران، والتغاضي، وأحياناً دعم أذرعها في المنطقة.
فترامب، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أثار ذهول العديد من السياسيين في العالم؛ بعدما كانت نتيجة فوزه مستبعدة تماماً اعتماداً على معظم التحليلات والتنبؤات، فشكّل ترامب بنجاحه مساراً مغايراً ليفرض أمراً واقعاً يلزم الجميع ضرورة استيعابه والتعامل معه، فضلاً عن فرض تمايز بين ترامب الرئيس وترامب المرشح.
وتعتبر منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي من المناطق الحيوية التي توليها الإدارة الأمريكية اهتماماً خاصاً، والأحداث الملتهبة والمتصاعدة فيها جعلتها دوماً في بؤرة الاهتمام الأمريكي، ويأمل قادة الخليج في أن يتجه ترامب الرئيس إلى إعادة التوازن الداخلي للمنطقة عبر حلفاء الولايات المتحدة، والضغط على الداعم الرئيس لحركات التمرد والانقلاب ممثلاً في إيران، خاصةً أن ملف الاتفاق النووي يدخل تحت سلطاته إلغاؤه وإعادة الأمور إلى سابق عهدها من العداء الأمريكي الإيراني.
-ترامب.. إيران والأزمة السورية
وتأمل دول الخليج أن يتخذ ترامب قراراً حازماً لإنهاء الأزمة السورية، وممارسة ضغط حقيقي على رئيس النظام السوري بشار الأسد، وإنهاء معاناة الشعب السوري، حيث تتماشى هذه الرغبة الخليجية مع ما ذكره وليد فارس، مستشار الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، من عدم وجود مشروع أمريكي يدعو إلى تقسيم سوريا، بالإضافة إلى سعي ترامب لتشكيل ناتو عربي يضم مصر وتونس وليبيا ودول الخليج.
التهديد الإيراني المستمر لدول الخليج، والمحاولات المتعددة للاستفزاز من آن لآخر، كانت من الملفات الشائكة التي اهتم ترامب بتوضيحها، مؤكداً أنه في حال فوزه بالرئاسة فسيعيد التفاوض مع إيران بشأن ملفها النووي، حسبما أشارت أيضاً صحيفة الحياة السعودية.
وهو نفس ما أكده فارس في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؛ من أن الاتفاق النووي مع إيران سيتغير بشكل يضع في الحسبان دول المنطقة التي تضررت من التدخلات الإيرانية، وهو ما يوحي برغبة أمريكية بالضغط على إيران بسبب تدخلاتها في دول الخليج ودعمها للمليشيات.
ومما يشير إلى رغبة ترامب في ممارسة ضغوط أكبر على إيران هو اختياره في إدارته الجديدة لأكثر الشخصيات تشدداً ضد طهران، ما يطرح تساؤلاً حول مستقبل العلاقة بين الطرفين، وما مدى تأثر الاتفاق النووي المبرم سابقاً، خاصةً أن ترامب ما زالت لديه قناعة بأن طهران دولة داعمة للإرهاب ولنظام الأسد، وأنه لولا دعمها المادي له لفشل في صموده أمام المقاومة، بالإضافة إلى تواتر وجود علاقة تجمع بين إيران وتنظيم القاعدة، ومن ثم فهناك دلائل حول احتمال فرض مزيد من القيود على طهران والتشدد في تطبيق الاتفاق، إن لم يصل إلى مرحلة الإلغاء.
نائب رئيس مركز كارنيغي للدراسات، وزير الخارجية الأردني الأسبق، مروان المعشر، اعتبر أن هناك الكثيرين في الشرق الأوسط ممن هم "راضون" بفوز الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، حيث اتفق مع فكرة أن دولاً في المنطقة ستشعر أنها استعادت مركزيتها؛ لأنها شعرت أنها فقدت هذه المركزية لمصلحة دول أخرى خلال إدارة أوباما، وأن "معاداة الخليج وترامب لإيران" قاسم مشترك بينهما، ما يعزز الخطوات التي قد يتخذها ترامب ضد إيران لاحقاً.
هذا القاسم المشترك بدا جلياً في رفض رؤساء مجالس دول التعاون الخليجي، الذين جددوا الأربعاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رفضهم لقانون جاستا، والذي أقره الكونغرس الأمريكى، حيث أكدوا دعمهم "التام والمطلق" للسعودية ضد كل ما يمس استقرارها، بحسب ما أوردت وكالة أنباء البحرين، حيث دعوا الرئاسة الأمريكية المنتخبة إلى تجديد استخدام الفيتو ضد هذا القانون لمخالفته القانون الدولي، ومحذرين في آن معاً من تبعات القانون دولياً، ما قد يؤدي إلى زعزعة الثقة بين الدول الحلفاء.
وبرغم التوتر المأزوم والحالي بين دول الخليج وإيران في مناطق عدة، فإن أزمة اليمن تعتبر البؤرة الأكثر سخونة بين السعودية وإيران، والتي تجاوز الحوثيون فيها بأعمالهم لتسقط صواريخهم على المدنيين السعوديين، فضلاً عن وصولها إلى المدينة المنورة التي تعتبر من أقدس بقاع الأرض، وفيها حرمة الدم منصوص عليه دينياً، ما يدفع نحو البحث عن مخرج لحل هذه المعضلة في ظل الجهود السياسية التي ينتظرها الخليج من إدارة ترامب.
محمد عبّود - الخليج أونلاين-