إنترناشونال بوليسي دايجست-
بعد إعاقة الحوثيين المؤقتة لشحنات النفط عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي، قد يكون الارتفاع في أسعار النفط الناتج عن ذلك قصير الأجل، ومع ذلك، فإن الحدث برمته قد يكون نقطة تحول محتملة في حرب اليمن المنسية منذ ثلاث سنوات.
تهديد للتجارة الدولية
وتأتي الإعاقة بعد تأكيد سعودي بأن المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن هاجموا ناقلتي نفط سعوديتين كانتا تعبران المجرى المائي وهو تطور يوضح حجم التهديد الذي يشكله الصراع على التجارة الدولية وتدفق نفط الخليج إلى الأسواق العالمية، لكن الحوثيين أكدوا إنهم هاجموا سفينة حربية سعودية وليس ناقلات للنفط.
ويتم شحن ما يقدر بنحو 4.8 مليون برميل من النفط يوميا عبر باب المندب الذي يربط البحر الأحمر ببحر العرب قبالة سواحل اليمن وجيبوتي وإريتريا.
وقد يؤدي وقف شحنات النفط إلى تصعيد النزاع مع تدخل قوى خارجية في محاولة لمساعدة السعودية والإمارات في هزيمة الحوثيين وتوجيه ضربة إلى الوجود الإقليمي لإيران.
وعلى نفس المنوال، من المحتمل أن يتيح التوقف للسعودية والإمارات فرصة لتركيز الاهتمام الدولي على حل حرب أهلية تفاقمت وتحولت إلى صراع إقليمي بسبب التدخل العسكري للدولتين في مارس/أذار 2015، فبدلاً من أن يكون التدخل حملة سريعة تُخضع الحوثيين، تحول إلى مستنقع وفشل في العلاقات العامة بالنسبة للسعودية والإمارات.
فالانتقاد الدولي لسلوك الدولتين في التعامل مع الحرب يتصاعد نتيجة لتكلفته البشرية المدمرة، وأصبحت الأصوات التي تنادي بوقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية، في الكونغرس الأميركي والبرلمان البريطاني وغيره من الهيئات التشريعية الغربية وجماعات حقوق الإنسان أعلى من أي وقت مضى.
وأصدرت لجان الخدمات المسلحة في مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكي في وقت سابق من هذا الأسبوع تشريعًا دفاعيًا مشتركًا يطالب البنتاغون بإخبار الكونغرس عما إذا كانت قوات التحالف الأمريكية أو العربية تنتهك القانون الفيدرالي أو سياسة البنتاغون. وهناك بند آخر يقيد إعادة تزويد الولايات المتحدة لطائرات التحالف بالوقود في الجو إذا فشلت الإمارات والسعودية في إثبات دعمها لمحادثات السلام التي تدفعها الأمم المتحدة، وحل الأزمة الإنسانية المتنامية، وخفض الوفيات بين المدنيين.
وقتلت الحرب ما لا يقل عن 10 آلاف يمني وخلفت أكثر من 22 مليون شخص - ثلاثة أرباع سكان اليمن - في حاجة إلى مساعدات إنسانية، هناك ما لا يقل عن 8 ملايين يمني على حافة المجاعة، ومليون مصاب بالكوليرا.
نقطة تحول محتملة
وكرد سريع على إعاقة نقل النفط، من المرجح أن تعزز الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتان تتوقان إلى الاستفادة من زيادة مبيعات الأسلحة، دعمهما للجهود السعودية الإماراتية في حرب اليمن.
وتعد الحرب جبهة أخرى في الجهود الأمريكية لإجبار إيران على وقف دعمها للحروب بالوكالة في الشرق الأوسط كما تراها واشنطن والرياض، ومنذ أن بدأت الحرب، باعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أكثر من 12 مليار دولار من الأسلحة للسعودية وحدها، بما في ذلك بعض الطائرات الحربية والمتفجرات التي تسقطها.
علاوة على ذلك، يزور الجيش الأمريكي الطائرات السعودية والإماراتية بالوقود في الجو، ويساعد المستشارون البريطانيون والأمريكيون السعوديين في هجماتهم المستهدفة.
ويمكن للولايات المتحدة وبريطانيا وقوى أخرى النظر في توسيع عمليات تحالف مكافحة القرصنة في المنطقة الذي تم إنشاؤه في عام 2008 رداً على القرصنة الصومالية. ويضم التحالف سفنا حربية تقوم بدوريات في المياه الإقليمية من جميع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن - الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا - بالإضافة إلى دول أوروبية وأمريكية لاتينية أخرى بمشاركة أستراليا واليابان وباكستان وسنغافورة وتركيا والسعودية وتايلاند.
وتزداد احتمالية حدوث انفراجة في جهود السلام مع اقتران إعاقة شحنات النفط، بالتهديد السعودي الإماراتي بمحاصرة ميناء الحديدة الاستراتيجي الذي قد يعرض تدفق المساعدات الإنسانية للخطر، وهو ما قد يخلق فرصة لجهود أكثر قوة للوصول بحرب اليمن إلى نهايتها.
وفي خطاب إلى قادة الكونجرس الأمريكي، قال سفير الإمارات في الولايات المتحدة، «يوسف العتيبة»، في يونيو / حزيران إن القوة العربية المقاتلة في اليمن والتي تقودها السعودية، تعطي المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران «أكبر فرصة ممكنة» الانسحاب السلمي من الحديدة.
وكان مبعوث الأمم المتحدة، «مارتن غريفيث»، قد طرح الأسبوع الماضي اقتراحاً من شأنه أن يحول دون نشوب حرب من أجل الحديدة لكن لم يتم قبوله بعد من قبل جميع الأطراف.
وبحسب ما ورد تدعو الخطة إلى انسحاب الحوثيين على مراحل من الحديدة ومينائين آخرين مجاورين، والانسحاب التدريجي للقوات الإماراتية، ومساعدة الأمم المتحدة في إيصال المساعدة لليمنيين في المدينة وإحياء محادثات السلام المتوقفة.
الدفع لإنهاء الحرب
إن إمكانية تسبب إعاقة شحنات النفط في دفع الجهود لإنهاء الحرب، تعززها حقيقة أن التحرك السعودي له تداعيات تتجاوز أمن الطاقة.
فصراعات الشرق الأوسط المتعددة، بما في ذلك التنافس السعودي الإيراني والنزاع بين قطر امتدت إلى القرن الأفريقي مع تنافس الإمارات والسعودية وقطر وتركيا والصين على النفوذ من خلال السيطرة على الموانئ وإنشاء القواعد العسكرية.
إن الوجود العسكري والتجاري القوي لدولة الإمارات في المنطقة هو أحد الأسباب التي جعلت الرئيس الصيني «تشي جين بينغ» يتوقف في الإمارات لمدة ثلاثة أيام في طريقه للقيام بجولة في إفريقيا.
ومن المرجح أن الصين تفضل الاستفادة من إعاقة نفط السعودية لدفع جهود السلام، في حين أن إدارة «ترامب» على الأرجح ستميل نحو التدخل العسكري الذي يواجه إيران.
وتقول الباحثة والمؤلفة إلين ر. والد: «البحر الأحمر هو ممر شحن مهم للغاية، إذا كان هناك تعطل كبير للقوى الأوروبية، سيكون لدى كل من مصر والولايات المتحدة سبب للتدخل، لديهم مصالح كبيرة في حماية حرية البحار من خلال الممر، والتدخل الدولي ضد الحوثيين قد يكون ما تتطلع إليه السعودية».