أندرياس كريج - ميدل إيست آي-
تحولت سياسة أبوظبي فيما يتعلق بطهران من الضغط والتصعيد إلى الدبلوماسية والمشاركة، وقد شهدنا تحولًا كبيرًا في السياسة في أبوظبي تجاه إيران في الأسابيع الأخيرة.
وبينما كانت أبوظبي تضغط في واشنطن من أجل اتخاذ موقف أكثر تشددًا من طهران وتدعم سياسة الرياض الراديكالية المناهضة لإيران فقد تسبب تصاعد التوترات الأخير في إعادة التفكير الاستراتيجي بشكل كبير.
وأدركت دولة الإمارات العربية المتحدة أن إيران تصبح أكثر عزمًا على القتال عندما يتم حصرها في الزاوية.
القوة الناعمة
وقد أوحى الرد الغامض من قبل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على هجمات الناقلات الأخيرة وإسقاط طائرة بدون طيار لأبوظبي بأنها قد تضطر إلى تحمل العبء الرئيسي للصراع إذا تصاعدت الأمور أكثر من ذلك.
وتدل حقيقة أن الإمارات لم توجه أصابع الاتهام مباشرة إلى إيران في تحقيقات الأمم المتحدة في هجمات الفجيرة، على أن أبوظبي تتحول عن مسار التصعيد مع طهران وتنتقل من سياسة الضغط والتصعيد إلى الدبلوماسية والمشاركة، ومن استخدام القوة الصلبة إلى القوة الناعمة.
وتخشى أبوظبي من أن المواجهة مع إيران يمكن أن تقوض كل شيء راكمته الإمارات على مر السنين، ومنذ شهر يونيو/حزيران، توجه أكثر من وفد رفيع المستوى من الإمارات إلى إيران، دون صدور تصريحات رسمية من أبوظبي.
وناقشت الوفود السياسة الإقليمية مع التركيز على اليمن وسوريا، وكذلك أمن الحدود البحرية وأمن المجال الجوي والتجارة.
وكانت الرسالة النهائية من أبوظبي إلى طهران هي أننا "لسنا مهتمين بالصراع"، ولم تنسق أبوظبي تحركاتها مع واشنطن، حيث ترى الدائرة الداخلية لأبوظبي أن هذه مسألة تتعلق بالأمن القومي، ولابد أن يتم التعامل معها بشكل أحادي الجانب.
واعتمدت الإمارات على عذر "الأمن القومي" في العديد من القضايا التي تتباين فيها السياسة الخارجية الإماراتية مع نظيرتها الأمريكية، مثل اليمن وليبيا وقطر، ومنذ عام 2014، حاولت دولة الإمارات بشكل متزايد أن تصبح مستقلة في مسائل السياسة الخارجية والأمنية.
على الخطوط الأمامية
وقد أثار موقف إدارة "ترامب" غير الواضح حول إيران قلق أبوظبي، ويبدو أن هناك إجماعًا على أنه، بالنسبة للولايات المتحدة، قد تكون هذه اللعبة ذات عواقب مباشرة قليلة، وستكون الإمارات ودول الخليج الأخرى على الخطوط الأمامية لأي حرب.
وبالمثل، لم تنسق الإمارات هذه الخطوة مع الرياض، حيث تشعر أبوظبي أن ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" يفتقر إلى الإستراتيجية، في اليمن وفي التعامل مع إيران.
وفي حين تعاونت أبوظبي والرياض بعمق منذ عام 2015 بشأن اليمن وإيران على نطاق أوسع، كانت دبي ترى دائمًا أن المقاربة المتشددة للغاية بشأن إيران تصنع مشاكل في عالم التجارة والأعمال، حيث تعد الإمارات هي أهم شريك تجاري لإيران في الخليج، ما يجعل من الصعب للغاية على أبوظبي التعامل مع العقوبات ضد إيران.
وتعاني دبي بالفعل كثيرا نتيجة العقوبات الأمريكية على إيران، وتشير الأدلة إلى أن الإمارات لم تكن صارمة في تطبيق العقوبات على المعادن والصلب، كما أرادت واشنطن.
وتتناقض العديد من أنشطة الإمارات بشكل مباشر مع النهج الذي تتبعه السعودية تجاه إيران، وفي الوقت الذي تتسع فيه هذه الفجوة، فإن التحالف الاستراتيجي بين البلدين لم يتم تقويضه بعد.
خطر الصراع
في النهاية، تشعر أبوظبي بالخوف من أن المواجهة مع إيران يمكن أن تقوض كل شيء راكمته دولة الإمارات على مر السنين، من حيث التجارة والعلاقات التجارية والسياحة والضغط السياسي، وحتى جيشها، وإن كان فعالاً بالنسبة لحجمها، فإن إيران تتفوق عليه بالكامل.
وتعرف أبوظبي أنها لا تستطيع أن تقاتل إيران بدون مساعدة أمريكية، لكن مع تردد "ترامب"، أصبح لديها يقين أن استمرار العداء مع إيران سيجعلها تعاني بشكل أكبر من قدرتها على التحمل.