علاقات » ايراني

سوريا مقابل اليمن.. صفقة روسية لتخفيف التوتر بين السعودية وإيران

في 2019/10/14

صامويل رحماني - لوب لوغ-

في 3 أكتوبر/ تشرين الأول، نشرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية مقابلة مع وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، كرر فيها دعم روسيا لعودة سوريا إلى الجامعة العربية وأثنى على قدرة المملكة العربية السعودية على التأثير في مستقبل سوريا. وبينما من المقرر أن يزور الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الرياض الأسبوع المقبل، أثارت مقابلة "لافروف" تكهنات بأن "بوتين" سيثير مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية مع المسؤولين السعوديين.

رغم أن السعودية رفضت إعادة العلاقات الدبلوماسية مع حكومة "بشار الأسد"، إلا أن صانعي السياسة الروس ينظرون إلى النغمة المعتدلة المتزايدة لخطاب الرياض بشأن سوريا منذ أوائل عام 2018 بتفاؤل.

وفي مارس/ آذار 2018، صرح ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" أن "بشار الأسد" سوف يبقى رئيسا لسوريا، وفي أغسطس/ آب 2018، أبلغ وزير الخارجية السعودي آنذاك "عادل الجبير" نظيره الروسي أن المملكة العربية السعودية ستتعاون مع روسيا في عملية السلام السورية.

ودفعت هذه التصريحات، بالإضافة إلى قرار اثنين من أقرب حلفاء المملكة، البحرين والإمارات، إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، روسيا إلى تكثيف تواصلها مع الرياض حول عودة سوريا للجامعة العربية.

إشكاليات وفوائد

لكن على الرغم من جهود روسيا وتعبير الرياض عن تضامنها مع دمشق ضد التوغلات العسكرية التركية، فمن غير المرجح أن تغير المملكة تفكيرها بشأن عضوية دمشق في الجامعة العربية على المدى القصير. وبما أن السعودية أصرت على أنه لا يمكن إنهاء الحرب الأهلية السورية حتى يتم طرد الميليشيات الإيرانية من جنوب سوريا، يخشى صناع السياسة السعوديون من أن تغيير موقفهم من "الأسد" يمكن أن يقنع إيران بفعالية استراتيجية المقاومة القصوى.

ويمكن لانعدام الثقة الشديد بين السعودية وحكومة "الأسد" أن يعرقل التطبيع الحقيقي بين الجانبين. وقال "أندريه باكلانوف"، سفير روسيا لدى المملكة في تصريحات خاصة إلى "لوب لوغ" إن "الأسد" ينظر إلى جهود المملكة للإطاحة بحكومته كخيانة، بعد أن وقفت دمشق إلى جانب الرياض خلال حرب الخليج عام 1991، وأن تصورات "الأسد" السلبية حول الرياض سوف تستمر في تقييد التعاون المحتمل بين البلدين.

في حين أن هذه القضايا يمكن أن تظل نقاط خلاف في المستقبل المنظور، إلا أن هناك فوائد استراتيجية واضحة مرتبطة بتطبيع المملكة للعلاقات مع "الأسد". وسوف تسمح هذه العلاقات للسعودية بالاستثمار في عملية إعادة الإعمار في سوريا، إلى جانب مصر والإمارات.

وتعتقد مصر أن مشاريع التشييد والهندسة في سوريا قد تكون مربحة وسوف ترحب بدخول السعودية إلى السوق السورية.

وتتخذ الإمارات أيضًا خطوات للاستثمار في عملية إعادة الإعمار في سوريا، حيث التقى وفد سوري مع كبار المستثمرين الإماراتيين في دبي في شهر يناير/ كانون الثاني في حين سافرت مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الإماراتيين إلى دمشق في 30 أغسطس/ آب. ويمكن لشراكة استثمارية سعودية مصرية إماراتية في سوريا مواجهة تأثير إيران على عملية إعادة الإعمار السورية ومع مرور الوقت، ستساعد على تخفيف تحالف "الأسد" القوي مع طهران.

وسيكون دعم عودة "الأسد" إلى جامعة الدول العربية أيضًا وسيلة فعالة للمملكة لتعزيز علاقتها مع روسيا، دون المخاطرة بخوض التداعيات المرتبطة بشراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي "إس - 400". ويعد استقرار ميثاق "أوبك بلس" واهتمام صندوق الاستثمار المباشر الروسي المتزايد بالتعاون مع الشركات السعودية علامتان على قيمة روسيا كشريك دولي محتمل للمملكة العربية السعودية. وبالنظر إلى تعزيز العلاقات الروسية الإماراتية بعد تطبيع أبو ظبي للعلاقات مع "الأسد"، فإن علاقة السعودية مع موسكو يمكن أن تتحسن بالمثل وتسمح للرياض بالتحوط جزئياً من التوترات المتزايدة في علاقتها مع الكونغرس الأمريكي.

سوريا مقابل اليمن

على الرغم من هذه الفوائد الاستراتيجية، فإن سياسة الرياض تجاه دمشق من المرجح أن تتأثر بتقدم الحوار السعودي الإيراني أكثر من الظروف على أرض الواقع في سوريا. وفي حين أن السعودية لديها العديد من الشروط المسبقة للمشاركة الجادة مع إيران، والتي تشمل إنهاء دعم طهران للحوثيين في اليمن ووقف الهجمات الإيرانية على منشآت النفط السعودية، إلا أنها لديها عددا قليلا نسبيا من أوراق المساومة لعرضها على إيران بالمقابل. ويعد الإغراء الأكثر قيمة الذي يمكن أن تقدمه السعودية لإيران، إذا استمرت المفاوضات الثنائية في بغداد، هو عكس معارضتها القديمة لاحتفاظ "الأسد" بالسلطة في سوريا.

ولكن بالنظر إلى المستويات العالية من عدم الثقة بين السعودية وإيران، فمن غير المرجح أن تقدم الرياض تنازلاً أحاديًا لطهران بشأن سوريا، ولكنها بدلاً من ذلك تستخدم التطبيع مع دمشق كورقة مساومة لإلغاء دعم إيران للحوثيين في اليمن.

وخلق العرض الأخير الذي قدمه الحوثيون لتعليق ضربات الطائرات دون طيار على الأراضي السعودية فرصة نادرة للمملكة لإخراج نفسها من التدخل العسكري في اليمن. وإذا اتخذت السعودية خطوات ملموسة نحو وقف تصعيد المواجهة في اليمن، فبإمكانها المساومة على صفقة سورية مقابل اليمن مع إيران لاستعادة الاستقرار في الخليج.

في حين أن وضع سوريا مقابل اليمن قد يدفع مصالح السعودية إلى الأمام، فإن إيران تنظر إلى هذا الاحتمال بتشكك. وقد أخبر "حميد رضا عزيزي"، أستاذ بجامعة شهيد بهشتي في طهران موقع "لوب لوغ" أن إيران تشعر أن السعودية في وضع ضعيف في كل من سوريا واليمن، لذلك فإنها قد لا ترى تغير الموقف السعودي تجاه سوريا كتطور حاسم.

كما أشار "عزيزي" إلى أن الرأي السائد في إيران هو أن البحرين والإمارات طورتا العلاقات مع "الأسد" بالتنسيق مع السعودية، وبالتالي فإن اعتراف الرياض بشرعية "الأسد" لن يعتبر بادرة لحسن النية، ولكنه اعتراف عملي بفوز "الأسد" بالحرب الأهلية السورية.

واختتم "عزيزي" بالقول إن "تفسيرات إيران والمملكة العربية السعودية للنصر والهزيمة في المنطقة مختلفة تمامًا" ، وهذه الهوة تعرقل الحوار الحقيقي بين الرياض وطهران.

على الرغم من أن "بوتين" سيحث السعودية على الأرجح على تطبيع العلاقات مع سوريا والإعلان عن دور روسيا كقناة محتملة للحوار الخلفي مع إيران، فإن موسكو سوف تكافح لتأمين دعم الرياض الفوري لعودة "الأسد" إلى جامعة الدول العربية.

ولأسباب استراتيجية، يمكن أن يتقارب موقف السعودية مع الموقف الروسي على المدى الطويل. لكن طالما حافظت السعودية وإيران على نهج صفري في الدبلوماسية الإقليمية، فإن التحول في السياسة السعودية تجاه سوريا قد لا يؤدي إلى تنازلات متبادلة من طهران أو تخفيف كبير للتوترات في الخليج.