ماجد محمد الأنصاري- الشرق القطرية-
بعد أن زار وفد أمني إماراتي طهران يوليو الماضي بات واضحاً أن أبوظبي قررت خفض التصعيد مع إيران وخاصة بعد تراجع الرئيس الأمريكي عن هذا التصعيد، وبذلك تركت الرياض وحيدة في مواجهة إيران!
ومنذ ذلك الحين بدأت التكهنات حول إمكانية أن يكون هناك اتفاق بين الرياض وطهران مشابه لذلك الذي يبدو أنه تم بين أبوظبي وهذه الأخيرة، خلال الأيام القليلة الماضية سمعنا العديد من التصريحات التي تشير إلى وجود تواصل بين الطرفين.
فرغم الإنكار السعودي للادعاءات الإيرانية حول طلب سعودي للتفاوض في البداية إلا أن أكثر من مصدر يشير إلى أن عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني أوصل رسالة سعودية إلى طهران في معرض زيارته للمنطقة.
لا شك أن مثل هذا الاتفاق سيمر بمخاض صعب وربما لا يرى النور، ولكن في حال تم ذلك ما هي أهم تداعيات مثل هذا الاتفاق على القضايا الإقليمية؟
لا شك أن اليمن هي المتأثر الأول بإبرام اتفاق بين البلدين، رغبة الرياض في إنهاء ملف اليمن هي دافع أساسي للتفاوض مع طهران، وسيكون الوضع المستقبلي في اليمن أحد أعمدة الاتفاق.
الرياض من ناحيتها يقال إنها قدمت مقترحات لمناطق للتهدئة وإيران بإمكانها كبح جماح هجمات الحوثيين وإيقاف الاعتداءات على المصالح السعودية، وغالباً سيسرع الاتفاق مفاوضات السلام بين ثلاثة أطراف، حكومة هادي، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والحوثيين.
بحيث يكون الوضع النهائي للحوثيين مشابهاً للحشد الشعبي قوة عسكرية مشرعنة وشركاء في السلطة السياسية، ولكن اتفاق من هذا النوع لن يدوم طويلاً وكلا الطرفين يعرف ذلك، عوض البحث عن حل مستدام سيركز السعوديون والإيرانيون على الحد الأدنى الذي يخرج السعودية من مستنقع اليمن ويحفظ للحوثيين وضعهم حتى مواجهة قادمة.
المواجهة بين واشنطن وطهران ستتغير وتيرتها في حال التوافق مع السعودية، ستسعى واشنطن إلى خفض سريع للتصعيد وستعود لمحاولات إجراء قمة بين ترامب والرئيس روحاني وربما تكون الرياض في هذه الحالة وسيطاً أو على الأقل داعماً للقاء من هذا النوع.
التحدي أمام طهران سيكون حاجتها للاستمرار في الضغط لرفع العقوبات أو إعادة الاستثناءات المرتبطة ببيع النفط الإيراني دون المساس بالاتفاق مع الرياض، بمعنى آخر سيحتاج ذلك إلى الابتعاد عن استهداف المصالح السعودية واختيار وسائل ضغط أخرى، واشنطن من ناحيتها قد تكون أكثر قبولاً بإعلان فترة تمديد للاستثناءات جديدة ولكن الطريق صعب للوصول لهذه النتيجة.
أما بالنسبة للأزمة الخليجية فتوافق سعودي إيراني سيعني أحد ثلاثة احتمالات، إما تحييد موضوع الأزمة الخليجية عن النقاش أصلاً، أو أن يكون الدافع السعودي هو تصفير المشاكل المباشرة مع المحيط ما يعني أن يتبع ذلك التواصل مع إيران تواصل مع الدوحة يقبل برفع الإجراءات في مقابل اتفاق شكلي يحفظ ماء الوجه للرياض، أو أن يكون الاتفاق فرصة للسعودية لإقناع طهران، كما كانت تريد في بداية الأزمة حين تواصلت مع طهران من خلال العراق، بتقليل تعاونها مع الدوحة.
ومع ما نعرفه عن نمط اتخاذ القرار في السعودية وخاصة فيما يتعلق بقطر ستسعى الرياض جاهدة إلى أن يبعد موضوع حصار قطر عن طاولة التفاوض بين الطرفين أو أن يكون لصالح تشديد الضغط عليها.
ما زال الوقت مبكراً للحديث عن حتمية التوافق بين الرياض وطهران، لكن من الواضح أن السعودية أصبحت تحت ضغط شديد لإنهاء أزمتها مع إيران، وذلك بسبب الهجمات المتكررة على مصالحها والاستنزاف المستمر في اليمن، والتراجع الأمريكي عن دعم الرياض في مشروعها الإقليمي.
ستحاول الرياض جاهدةً أن يبدو أي خروج من الأزمة انتصاراً ولكن واقع الحال في المنطقة لا يشير إلى سهولة تحقيق صفقة إيرانية سعودية دون وجود ضغط أمريكي مباشر أو أزمة اقتصادية وجودية في الرياض.