باتريك وينتو- الغارديان البريطانية- ترجمة راصد الخليج-
نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً ل"باتريك وينتو" تحدث فيه عن الخوف السعودي الكبير من أن تضع الولايات المتحدة الأمريكية السعودية في فوهة النار عند نشوب أي حرب بينها وبين إيران، وتحدث الكاتب عن رسالة نقلها خالد بن سلمان خلال زيارته ترامب، مفادها أن السعودية تشعر بالقلق إزاء إمكانية تعرضها للضربات الصاروخية الإيرانية - ولا تزال غير متأكدة وغير واثقة من التزام دونالد ترامب طويل الأجل مع حلفائه في الخليج.
قال المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” باتريك وينتور إن السعوديين القلقين يحاولون تخفيف التوتر في الشرق الأوسط.
وقال إن السعودية أرسلت رسالة إلى كل من واشنطن ولندن طالبة منهما العمل على خفض التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في إشارة لقلق السعوديين من إمكانية تعرضهم للصواريخ الإيرانية ولعدم تأكدهم من نوايا الرئيس دونالد ترامب والتزاماته طويلة الأمد لحلفائه الخليجيين. وقال وينتور إن اللهجة الحذرة تم التعبير الغارديان: السعودية القلقة تحاول تخفيف التوتر ومنع تعرضها لهجمات إيرانيةعنها في عدد من التغريدات الدبلوماسية منذ مقتل القيادي العسكري الإيراني قاسم سليماني وحملها شخصيا نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان إلى واشنطن.
وأضاف أن بن سلمان عقد اجتماعا هذا الأسبوع مع ترامب ومستشاره وصهره جارد كوشر في واشنطن ومع وزير الدفاع البريطاني بن والاس في لندن والمستشار الدفاعي لرئيس الوزراء في شؤون الشرق الأوسط الجنرال سير جون لوريمر ومستشار رئيس الوزراء لشؤون السياسة الخارجية ديفيد كواري، كما التقى مسؤولين بارزين في وزارة الخارجية البريطانية. وقام البيت الأبيض بتأكيد اللقاء بين ترامب وخالد بن سلمان بعد تغريدة وضعها الجانب السعودي عن اللقاء. وتعلق الصحيفة إن اللقاء ورسائل تخفيف التوتر جاءت من دولة خليجية أخرى وهي الإمارات العربية المتحدة وجاءت في لحظة من القلق الكبير حول تطور المواجهة الأمريكية-الإيرانية إلى نزاع أوسع. وقال المحللون إن الرسالة التي جاءت من الرياض كانت بالتأكيد تحمل مخاوف من تحول أراضيها إلى جبهة في أي هجوم ضد إيران رغم معرفتها أنها لن تتجنب التورط في النزاع حالة حدوثه.
وفي الأيام التي تبعت اغتيال قائد فيلق القدس، حذر عدد من القادة الإيرانيين دول الخليج من التبعات لو تحولت فيها أراضيها لنقطة انطلاق للغارات ضد طهران. وقال واحد منهم إن دبي هي المدينة الأولى التي ستكون في مرمى الهدف الإيراني. وكشف عن حالة الضعف السعودية للصواريخ الإيرانية في أيلول (سبتمبر) بعد الضربة التي اتهمت إيران بتنفيذها ضد منشآت النفط في مدينة إبقيق وخريص، شرق السعودية.
وعبرت الرياض عن دهشتها من عدم الرد الأمريكي على الهجمات رغم ما توصلت إليه المخابرات الأمريكية من تورط إيران بها ووصف البيت الأبيض لها بأنها إعلان عن الحرب. وكشف تقرير للأمم المتحدة لم ينشر بعد عن صحة التقييم الأمريكي وإن بطريقة غير مباشرة ورفض مزاعم المتمردين الحوثيين في اليمن الذين تحملوا مسؤولية الغارات. وأشار التقرير أن الصواريخ والطائرات المسيرة جاءت من الشمال وأن تقدم الأسلحة المستخدمة فيها يجعل من زعم الحوثيين غير صحيح. ولكن نشر التقرير بعد أربعة أشهر من الهجمات هو تذكير للرياض أنها لا تستطيع الوثوق بأمريكا والتعويل عليها. ولم يكن ترامب مستعدا المخاطر وضرب إيران والدفاع عن المنشآت النفطية السعودية ولكنه خاطر بقتل أهم قيادي عسكري إيراني بعد تعرض السفارة الأمريكي في بغداد للهجوم. وأكدت الحادثة ما زعمه ترامب في تشرين الأول (أكتوبر) أن السعودية لن “تبقى أكثر من أسبوعين” بدون الحماية الأمريكية. وحتى في لحظة احتفاله بمقتل سليماني يوم الأربعاء وهي مناسبة لاحتفال السعوديين، قال ترامب إنه يريد حلف الناتو أن يكون له دور في الشرق الأوسط ليأخذ مكان الأمريكيين أو ما أطلق عليه “ناتو ميدل إيست”. وقال إن الحبل السري الذي يربط الولايات المتحدة والشرق الأوسط قد قطع-أي النفط. مؤكدا أن بلاده صارت مكتفية ذاتيا من الطاقة، وهو “كلام ليس صحيح” بالمطلق ولكنه يصدقه. وهذا لا يترك للدول السنية أمام خيار خروج أمريكي، رغم زيادة عدد القوات الأمريكية بالمنطقة، وقد تحتاج هذه الدول لإعادة بناء بعض التحالفات التي تم تخريبها. وبالتأكيد ظهر توجه في العام الماضي في الرياض لتخفيف بعض النزاعات والتي تورطت فيها السعودية بما فيها اليمن وقطر وبشكل أوسع مع إيران. وفي سياق ترؤس السعودية لمجموعة العشرين تحاول الرياض تخفيف صورته الهجومية، فالسماح للفتيات بقيادة السيارات والحفلات الموسيقية التي أحيتها فرقة “هاوس مافيا” السويدية ووعد السياحة ليس كاف. ولهذا أكدت الرياض أنها ترغب بدور للحوثين في أي حكومة مستقبلية باليمن. وتراجعت الهجمات بنسبة 80% فيما سحبت الإمارات قواتها من اليمن. واقتربت السعودية من حل نزاع عبثي مع قطر، وهو نزاع متعلق بالمكانة لا جوهر الخلاف، خاصة أنها تريد منع جارتها من تقوية علاقاتها مع إيران. ولم يخف على السعودية أن قطر ستكون في أية مواجهة مع إيران مركز انطلاق الهجمات الامريكية على إيران، خاصة أنها تستقبل أكبر قاعدة عسكرية أمريكية بالمنطقة. وبعد يوم من مقتل سليماني، زار وزير الخارجية القطري طهران واجتمع مع الرئيس حسن روحاني وقدم تعازي بلاده. أما في جانب تخفيف التوتر مع إيران فقد اعترف رئيس الوزراء العراقي المؤيد لإيران عادل عبد المهدي أنه كان سيلتقي بسليماني قبل مقتله، والذي كان يحمل رسالة من المرشد الأعلى الإيراني ردا على رسالة من السعودية وتحتوي “على تطور مهم في العراق والمنطقة”. وسخر مايك بومبيو، وزير الخارجية من الزعم ولم يؤكده السعوديون. إلا أن الرسالة المستمرة من إيران هي أن المنطقة كلها ستستفيد من خروج الأمريكيين. ودعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف دول المنطقة هذا الأسبوع المشاركة في تحالف لحماية مضيق هرمز. وقال نحن، كلنا ودعني أؤكد أنه يجب علينا التخلي عن معيار العداء الذي يقوم على وهم شراء الأمن والتنمية بدونه”. ويختم الكاتب بالقول إن مراكز الأبحاث حافلة بالتقارير التي ترسم خط التقارب الإيراني-السعودي ولكن أفضل ما يمكن تحقيقه هو معاهدة منع اعتداء أحسن من المضي تجاه حرب شاملة.