صحيفة لوفيغارو الفرنسية-
قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إنه إذا كانت عودة الدبلوماسية التي يريدها جو بايدن في مواجهة إيران ترضي دولا معينة مثل العراق ولبنان، فإنها تقلق الآخرين، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص.
إذ تأمل الرياض وأبو ظبي، اللتان راهنتا على إعادة انتخاب دونالد ترامب، في ألا يعود الرئيس الديمقراطي المنتخب إلى الاتفاق النووي لعام 2015 -الذي انسحب منه ترامب- دون تنازلات من جارتهما إيران. إلا أنهم قد يصابون بخيبة أمل؛ حيث إن جو بايدن، وخلال مقابلته مع توماس فريدمان بصحيفة نيويورك تايمز، أعطى أولوياته للعودة إلى الاتفاق النووي، ثم بعد ذلك القيام بمفاوضات افتراضية حول التهديدات الأخرى التي تشكلها طهران – صواريخها ونفوذها الإقليمي، والتي يعتبرها مزعزعة للاستقرار. لكن بايدن أصر على أن “أفضل طريقة لتحقيق بعض الاستقرار في المنطقة” هي التعامل مع ”برنامج إيران النووي”.
وأوضحت لوفيغارو أن السعوديين والإماراتيين، الذين أصيبوا بخيبة أمل لعدم مشاركتهم في المفاوضات التي سبقت اتفاق عام 2015، يريدون هذه المرة أن يكونوا جزءا من اتفاق أوسع مع إيران. وجو بايدن ليس معارضا لهذا الأمر، لكنه ليس من أولوياته. ويمكن للسعوديين والإماراتيين استخدام نفوذ الجمهوريين في مجلس الشيوخ لإحباط الإجراءات التي يرون أنها غير ودية تجاههم من الإدارة الأمريكية الجديدة.
وإدراكا منه لصورته السيئة مع ساكن البيت الأبيض الجديد، قرر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إعادة إطلاق المحادثات لتقليل التوترات مع قطر، وهي حليفة كذلك للولايات المتحدة، وتوجد بها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.
وعن العراق، أوضحت لوفيغارو أنه يريد تصديق أن انفراجا أمريكيا – إيرانيا ستكون له تداعيات إيجابية على استقرار البلاد، حيث تصفي واشنطن وطهران حساباتهما. بعد عام قصير من تصفية الجنرال الإيراني قاسم سليماني التي أقرها دونالد ترامب في بغداد، ترك الدبلوماسيون الأمريكيون مناصبهم في العاصمة العراقية.
وعلى المدى القصير، يأمل رئيس الوزراء مصطفى كاظمي أن يتخلى جو بايدن عن استمرار انسحاب الجنود الأمريكيين الذي بدأه ترامب. ولم يبق سوى 2500 جندي في القتال ضد (داعش). كما في مواجهة الميليشيات الشيعية القوية الموالية لإيران، بغداد بحاجة إلى الدعم الأمريكي. جني ثمار الانفراج بين الأمريكيين والإيرانيين يصب أيضا في مصلحة حزب الله المهيمن في لبنان، بفضل ترسانته العسكرية، والذي هو في مرمى إدارة ترامب لتحالفه مع طهران.
وفي سوريا المجاورة، يتوقع الأكراد بقاء القوات الأمريكية إلى جانبهم، ويأملون في أن تنتهي حالة عدم اليقين التي سادت في ظل سنوات دونالد ترامب الأربع في السلطة، بشأن وجودهم بشكل نهائي. أما رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي اعتمد أيضا على فوز ترامب في التفاوض على انسحاب أمريكي، فليس لديه أوهام كثيرة. فحتى لو لم يتخذ جو بايدن أي مبادرات أمريكية كبرى، فإن استمرار العقوبات ضد دمشق -الورقة الوحيدة في يد الولايات المتحدة- سيستمر في إلحاق الأذى، خاصة بالشعب السوري.
لذا –تقول لوفيغارو- فإن التوقعات أكبر في إيران، التي يريد رئيسها حسن روحاني العودة إلى الوضع قبل رئاسة ترامب: رفع العقوبات التي تخنق الاقتصاد، وبعد ذلك تعود طهران إلى اتفاق 2015، ولكن الوقت ينفد.. إذ يمكن لإسرائيل، المشتبه في قتلها مسؤولا تنفيذيا نوويا الأسبوع الماضي، أن تضرب مرة أخرى من أجل إفساد العودة إلى الدبلوماسية. من جانبهم، وقبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية، يطالب الراديكاليون الإيرانيون الذين يعادون واشنطن بشدة بإحياء الطاقة النووية ردا على اغتيال محسن فخري زاده.