ستراتفور - ترجمة الخليج الجديد-
بينما تكثّف الولايات المتحدة جهودها للتواصل مع إيران، فإنها تحاول في الوقت ذاته طمأنة حلفائها التقليديين في الخليج بأنها ما تزال تضع في الاعتبار مخاوفهم الأمنية، وذلك من خلال الجهود الدبلوماسية المستمرة والتعاون العسكري.
وخلال الأسبوع المقبل، سيزور فريق من وزارة الدفاع والخارجية الأمريكية السعودية والإمارات والأردن ومصر. وسيرأس الوفد منسق الشرق الأوسط في إدارة "بايدن"، "بريت ماكغورك". وتهدف الزيارة إلى تهدئة التوترات في المنطقة ومعالجة المخاوف بشأن مساعي الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
وفي 27 أبريل/نيسان، عقد الممثل الأمريكي لشؤون إيران "روبرت مالي" مؤتمراً بالفيديو مع شركاء الولايات المتحدة في مجلس التعاون الخليجي لمناقشة الاتفاق النووي الإيراني قبل أن يعود إلى فيينا لإجراء مزيد من المحادثات مع لجنة خطة العمل الشاملة المشتركة.
الموازنة الصعبة
ويشعر شركاء الولايات المتحدة الإقليميون بالقلق من تجاهل إدارة "بايدن" لمخاوفهم المتعلقة بأمنهم القومي مع تقدم المحادثات النووية بين البيت الأبيض وإيران.
وبالرغم من ذلك، سيرحب خصوم إيران مثل السعودية والإمارات بفرض قيود على برنامج إيران النووي؛ سواء كان ذلك من خلال العودة لخطة العمل الشاملة المشتركة أو التوقيع على اتفاقية جديدة تمامًا. ولكن من المستبعد جدًا أن تخفض إيران نشاطها النووي دون رفع العقوبات الأمريكية، وهو ما تخشى أبوظبي والرياض أن يؤدي إلى زيادة تمويل إيران للميليشيات الإقليمية وبرنامجها للصواريخ الباليستية.
وتجبر هذه المعضلة الولايات المتحدة على موازنة احتياجات شركائها العرب مقابل رغبتها في تخفيف التوترات الإقليمية من خلال اتفاقية يمكن أن تبطئ أو تجمد الانتشار النووي الإيراني.
وبينما تتغير بعض أولويات الولايات المتحدة الإقليمية، فإنها ستواصل التنسيق مع شركائها التقليديين في الخليج العربي بشأن عمليات مكافحة الإرهاب.
ويظل احتواء تصرفات أعداء الولايات المتحدة (بما في ذلك إيران) وتعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال مكافحة الإرهاب والدعم الاقتصادي، من الأهداف الاستراتيجية الأساسية لواشنطن في الشرق الأوسط.
المخاطرة بالعلاقات المشتركة
طالما ظل التشدد يشكل تهديدًا إقليميًا، فإن هذا سيجبر الولايات المتحدة على الاستمرار في تنسيق وثيق مع شركائها في الخليج.
لكن بمرور الوقت، قد يؤدي تجاهل المخاوف الأمنية لدول الخليج إلى المخاطرة بتوتر تلك العلاقات الرئيسية، وهو ما تحاول واشنطن تجنبه من خلال العمل على طمأنة شركائها في الشرق الأوسط بالتزامها المستمر تجاه مخاوفهم.
وفي هذا الإطار، أكدت الحكومتان الأمريكية والعراقية على هدف سحب القوات الأمريكية من العراق في المستقبل القريب، لكن واشنطن وبغداد تواصلان التعاون في مبادرات استشارية واستراتيجية وتدريبية، مع ترحيب بغداد بالتعاون العسكري الأمريكي المستمر مع قوات الأمن العراقية.
أما بالنسبة لمصر والأردن، فهما من أكبر المتلقين للمساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية على الصعيدين الدولي والإقليمي، وهو أمر من غير المرجح أن يتغير بشكل كبير في ظل إدارة "بايدن".
دور صفقات الأسلحة
ستساعد مبيعات الأسلحة الأمريكية أيضًا في الحفاظ على متانة العلاقات الأمريكية العربية والحفاظ على النفوذ السياسي للبيت الأبيض في المنطقة.
وأوردت الأنباء أن الجولة القادمة للوفد الأمريكي ستشمل مناقشات حول بيع الولايات المتحدة طائرات "F-35" إلى الإمارات.
وبصرف النظر عن المصلحة التجارية الواضحة للولايات المتحدة في مبيعات الأسلحة، فإنها تحافظ على النفوذ السياسي الأمريكي في المنطقة وتساهم في التعاون والتنسيق العسكريين.
ويأتي ذلك في وقت أصبحت فيه مبيعات الأسلحة الصينية والتغلغل التجاري الصيني في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات الأخيرة مصدر قلق للولايات المتجدة، نظرًا لرغبتها المتزايدة في التركيز على آسيا واحتواء النفوذ الصيني في العالم.
وفي 13 أبريل/نيسان، أعلنت إدارة "بايدن" أنها ستشرع في بيع أسلحة بقيمة 23 مليار دولار إلى الإمارات بعد مراجعة أولية لصفقة الأسلحة، ولكن ما تزال الصفقة تثير الجدل في الكونجرس، حيث أعرب المشرعون عن مخاوفهم بشأن إساءة استخدام أبوظبي للأسلحة الأمريكية في اليمن.