بانافشيه كينوش - إنسايد أرابيا - ترجمة الخليج الجديد-
رحبت قطر الشهر الماضي بالتدابير المتخذة لتسهيل حوار إقليمي بين دول الخليج العربي وإيران، قائلة إن هناك حاجة إلى حوار منسق لبناء الاستقرار الإقليمي. ولكن كي ينجح هذا الحوار، يجب على دول مجلس التعاون الخليجي اعتماد سياسات متسقة بشأن إيران لتشجيعها على التعامل مع المنظمة ككتلة موحدة واتخاذ سياسة إقليمية أكثر وضوحًا.
وتتواصل السعودية مع الكويت وعُمان وقطر لتنسيق سياسات دول مجلس التعاون الخليجي بشأن إيران، حيث تتشارك الدول الخليجية المخاوف بشأن التحديات الأمنية التي تطرحها إيران، وهو ما دفع دول الخليج لتوقيع اتفاقية "التضامن والاستقرار" في قمة العلا في يناير/كانون الثاني الماضي.
ومؤخرا، قال وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" إن الحوار مع إيران سيكون له تأثير كبير على المنطقة. وتأتي الدعوة للحوار في وقت يعقد فيه المسؤولون السعوديون والإيرانيون محادثات بناءة في العراق لتخفيف التوترات، كما تتشاور إيران في كثير من الأحيان مع دول خليجية أخرى مثل الكويت وعمان وقطر.
ومع ذلك، لا تزال بعض الملفات الإقليمية الرئيسية دون حل، فمن غير المرجح أن تسمح السعودية بالتحكم الإيراني في قضية اليمن، حتى لو توافقت مع طهران على مستوى من خفض التصعيد لحل النزاع اليمني. ويوضح هذا التحدي أن تجزيء القضايا مثل القضية اليمنية، ومحاولة معالجتها على هذا النحو، لا يحل التوترات الزائدة مع إيران على المدى الطويل.
وأشار وزير خارجية قطر إلى أن بلاده لا ترى أي سبب لتطبيع العلاقات مع سوريا دون الوصول إلى حل سياسي مقبول للصراع الذي تشهده البلاد. وبالرغم من تدابير الدول الخليجية الأخرى للانخراط مع دمشق، بما في ذلك الإمارات والسعودية، فإن موقف قطر يحاول موازنة النفوذ الإيراني على سوريا. وينطبق الشيء نفسه في العراق، حيث اتخذت دول الخليج دورا أكثر حدة في محاولة احتواء النفوذ الإيراني.
وفي الواقع، فشلت العديد من المبادرات القائمة على القضايا المجزأة في بناء تفاهم بين إيران وجيرانها، بما في ذلك "مبادرة هرمز للسلام" التي اقترحتها طهران لخض التوترات في الممر المائي الخليجي. كما إن هناك ملفًا آخر لم يتم حله وهو البرنامج النووي الإيراني الذي لا يمكن معالجته إقليميا إلا إذا وصلت إيران والقوى العالمية إلى اتفاق.
وإذا حدث حوار إقليمي، فيجب أن يتبنى نهجًا شاملًا وغير مجزأ لحل القضايا الإقليمية الرئيسية والأكثر أهمية بدلا من انتظار تحقق ذلك من خلال الاتفاق النووي.
ويجب أن تدرك دول الخليج أن الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية ليس لعبة نهائية في حد ذاته، وإنما بداية لحوار طويل جدا يجب أن يتم بشأن المنطقة. ويعني ذلك قبولا بنتائج المحادثات النووية، ثم بذل جهد منسق للعمل الدبلوماسي بعد ذلك من أجل الحفاظ على زخم الحوار مع طهران.
ويساعد وجود نهج شامل وغير مجزأ في خفض التصعيد بشكل سريع ومتزامن في مناطق النزاعات الإقليمية الرئيسية بما في ذلك سوريا ولبنان واليمن والعراق. لكن ليس من السهل تحقيق هذا الهدف بالنظر إلى وجود العديد من الجهات الفاعلة على الأرض، لذلك سيحتاج الأمر إلى بعض الوقت لرؤية نتائج الانخراط الإيراني الخليجي.
وستحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى إدراك حقيقة أن التعامل مع وكلاء إيران في المنطقة سيتطلب استراتيجيات جديدة لإدارة النزاعات ومبادرات دبلوماسية جريئة.
وتتطلب مسألة الأمن الإقليمي بناء الأطر التي تضمن توازن القوى بين دول الخليج وإيران بما في ذلك القدرات الهجومية والدفاعية، مع العلم أن سباق التسلح في المنطقة لا يمكن معالجته بين عشية وضحاها.
ويمكن بناء الثقة بمرور الزمن من خلال تعزيز التبادلات العسكرية والاستخباراتية والأمنية بين إيران وبين جيرانها، والتي يتطلب قبل كل شيء الاعتراف بمخاوف واهتمامات كل جهة. وسيؤدي ذلك لانتهاء استراتيجية شيطنة إيران حيث سيصبح من الممكن التحكم في تهديدها الأمني في المنطقة من خلال هذه التبادلات.
ويمكن أن تعمل دول مجلس التعاون الخليجي أيضا جنبا إلى جنب مع إيران لضمان أمن إمدادات الطاقة، واستكشاف استراتيجيات تكاملية لبيع النفط إلى العملاء الدوليين مع الحفاظ على الأسعار ثابتة، وإطلاق مشاريع الطاقة المشتركة بما في ذلك المتعلقة بالماء.
وتهدف عمان إلى بناء شبكة أنابيب غاز إلى إيران واليمن، كما تنخرط عمان والسعودية في مناقشات لتعزيز الاستثمارات في قطاع الطاقة والتي ستزدهر إذا تحقق الاستقرار في المنطقة من خلال التعاون مع إيران.
وقد تظل طهران تقدّم أولوية علاقاتها مع وكلائها على علاقاتها المهمة مع دول مجلس التعاون الخليجي، لكن مثل هذا النهج سيهدد قدرة إيران على إدارة علاقاتها الإقليمية وسيحول خلافاتها مع دول الخليج إلى مصدر مستمر للاضطرابات، فيما تعد الدعوة القطرية للحوار الإقليمي المنسق خطوة إلى الأمام لمعالجة نهج طهران قصير النظر.