الخليج أونلاين-
تتجه الأنظار صوب العلاقات السعودية الإيرانية وما يمكن أن تصل إليه في ظل وجود رئيس جديد يوصف بأنه من المتشددين إلى سدة الحكم في إيران، خاصة أن البلدين كانا قد شرعا مؤخراً في مفاوضات ثنائية غير معلنة بالعاصمة العراقية بغداد.
وبعد فوز إبراهيم رئيسي، المقرب من المرشد الأعلى الإيراني، بانتخابات الرئاسة التي جرت في 18 يونيو الجاري، ثارت تساؤلات بشأن أثر وصول رئيس ذي خلفية محافظة على المفاوضات التي يرعاها العراق بين الرياض وطهران.
ورغم تهنئة أربع دول خليجية الرئيس الإيراني الجديد بفوزه في الانتخابات، امتنعت السعودية والبحرين حتى عن التعليق على وصول رئيسي إلى السلطة حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
لكن رئيسي، وفي أول خطاب رسمي له بعد إعلان فوزه، قال في 21 يونيو، إنه لا يمانع في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وإعادة فتح سفارتي البلدين، مشدداً على ضرورة وقف الحرب الدائرة في اليمن، التي تؤدي فيها بلاده دوراً محورياً.
تصريحات "رئيسي"
"نرحب بتعزيز العلاقات مع دول العالم كافة ودول الجوار على رأس أولوياتنا"، هكذا استهل "رئيسي" أول مؤتمراته الصحفية عقب فوزه رسمياً بالانتخابات الرئاسية في بلاده، مضيفاً أن إيران "تولي اهتماماً كبيراً لعلاقات جيدة مع دول الجوار"، وأنه "لا يمانع عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وإعادة فتح سفارتي البلدين".
وكان وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، قال في 19 يونيو، خلال مشاركته في منتدى دبلوماسي بتركيا: إن "بلاده مستعدة لإعادة سفيرها إلى الرياض غداً".
وفي إطار الأزمة اليمنية قال رئيس إيران المنتخب، الذي سيتسلم السلطة بعد شهر ونصف: إنه "يتعين وقف العمليات العسكرية والحرب في اليمن بشكل عاجل"، مؤكداً أن "الشعب اليمني هو من يقرر شكل حكومته، وهو من يقرر مصيره بنفسه".
لكنه طالب السعودية أيضاً بوقف تدخلاتها العسكرية والسياسية في اليمن، وترك اليمنيين يقررون مصيرهم وشكل مستقبلهم.
دور المرشد
وفي محاولة لتوضيح أثر الرئيس الجديد على العلاقة مع دول الجوار، قال حسين إيبش، وهو باحث أول في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، إن العلاقات الإيرانية في النهاية يحكمها المرشد الأعلى.
وأضاف إيبش في مقال نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية (17 يونيو)، أن الرئيس الإيراني ووزير خارجيته سيحددان طريقة التعامل مع دول الجوار عموماً وفق الإطار العام الذي وضعه المرشد.
بدوره يرى الباحث السياسي عادل المسني أنه لن يطرأ أي تغيير على العلاقة بين البلدين في ظل وجود رئيس جديد في إيران، مشيراً إلى أن تأخر الرياض في تهنئة رئيسي يأتي في سياق سياستها القائمة على التريث في هذه الأمور، وهذا ما حدث حتى مع الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وفي تصريح لـ"الخليج أونلاين" قال المسني: إن "مقاليد السياسة الخارجية الإيرانية بيد المرشد في نهاية الأمر"، لافتاً إلى أن محاولات احتواء الصراع من الطرفين يأتي في إطار مسايرة السياسة الأمريكية الجديدة.
وأوضح أن رغبة واشنطن واضحة في إنهاء الصراع اليمني والتوصل لاتفاق بشأن ملف إيران النووي، مشيراً إلى أن هذين الأمرين "لن يتأتيا إلا بتبريد الصراعات الإقليمية"، وهو وضع تسعى الرياض وطهران للتعامل معه، وفق حديثه.
في السياق قال الباحث في الشؤون الإقليمية محمود علوش إن الرئيس الإيراني، سواء كان محافظاً أو إصلاحياً، لا يملك الكثير من الصلاحيات في مواجهة المرشد والحرس الثوري.
وأوضح علوش في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أن الخلاف بين توجهات الرؤساء الإيرانيين لا أثر فعلياً له سواء في الخارج أو الداخل، معرباً عن قناعته بأن "السلوك العدواني لإيران مع دول الجوار لا يتأثر بتغير شخص الرئيس".
مفاوضات غير معلنة
وشهدت الشهور الأخيرة من حكم الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني تهدئة كبيرة بين الجانبين، حيث أعلن ولي عهد الرياض الأمير محمد بن سلمان، أواخر أبريل الماضي، رغبته في إقامة علاقات قوية مع إيران تقوم على حسن الجوار والمصالح المشتركة.
وفي السياق أكدت الخارجية الإيرانية أكثر من مرة ترحيبها باللغة السعودية الجديدة، وقالت إنه يمكن للبلدين أن يتعاونا من أجل مصالح الأمة والمنطقة بما لا يمس بسيادة أي منهما.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح، كشف في 5 مايو المنقضي، أن بلاده استضافت أكثر من لقاء مباشر بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين لبحث الخلافات بين البلدين، وتناقلت وسائل إعلام أنباء بشأن مناقشة الجانبين مسألة حرب اليمن والملف النووي الإيراني.
وخلال زيارة رسمية أجراها لمسقط، أواخر أبريل، قال وزير الخارجية الإيراني إنه لا بد من وقف الحرب في اليمن ورفع "الحصار" المفروض من قبل التحالف الذي تقوده الرياض عن صنعاء، ودعا الحوثيين للجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وتحظى مسقط بعلاقات جيدة بين الخصمين الكبيرين، وهي لا تتوقف عن بذل جهود لتقريب وجهات النظر وتخفيف الاحتقان، لكنها نادراً ما تعلن تفاصيل تحركاتها الدبلوماسية.