الخليج أونلاين-
تلقى وزير الخارجية الإيراني الجديد، أمير عبد اللهيان، العديد من التهاني الخليجية بعد توليه منصبه، وذلك على الرغم من مواقفه المتشددة تجاه دول مجلس التعاون التي طالما غلبت عليها الانتقادات.
واختير عبد اللهيان (57 عاماً) لتولي حقيبة الخارجية الإيرانية خلفاً للوزير السابق محمد جواد ظريف، الذي خاض خلال توليه سجالات ومفاوضات مع الجيران الخليجيين، وظل في كل الحالات متمسكاً بـ"شعرة معاوية" مع الجميع.
وهنأته الكويت وقطر والإمارات وسلطنة عمان بتوليه حقيبة الخارجية، وذلك في وقت تتجه فيه الأنظار إلى ما يمكن أن تصل إليه العلاقات الخليجية الإيرانية في ظل الإدارة الجديدة المحافظة لطهران.
وكان الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي قال إنه يمد يده لدول الجوار ولا يمانع عودة العلاقات مع السعودية إذا أوقفت تدخلها في اليمن، لكنه اختار رجلاً لطالما هاجم خصوم إيران الخليجيين، بل وانتقد مجلس التعاون ككيان.
وفي 25 أغسطس الجاري، قال عبد اللهيان إنه سيعمل على "متابعة سياسةٍ خارجيةٍ متوازنةٍ ونشطةٍ"، وأوضح أن سياسته الخارجية "ستقوم على مبادئ الكرامة والحكمة وتحقيق مصالح البلاد"، مشيراً إلى أن أولويته "ستكون دول الجوار وآسيا".
وقال الوزير الإيراني الجديد، خلال جلسة مجلس الشورى لإقرار التشكيلة الحكومية الجديدة، 22 أغسطس، إنه لن يربط مصير وزارة الخارجية بالاتفاق النووي، وإنه سيكرس جهوده لإفشال آثار الحظر بالتزامن مع العمل على رفعه عن البلاد.
وأضاف: "إننا نعتبر المفاوضات أداة للدبلوماسية، ولن نترك طاولة المفاوضات المنطقية المتسمة بالاقتدار والحكمة". وقال عبد اللهيان إن تطوير علاقات تجارية مع دول الخليج سيوفر طاقات متنامية للمنطقة.
وشدد على أن الأمن الإقليمي يتحقق بواسطة دول المنطقة ذاتها، مضيفاً: "إننا نرحب بكافة المبادرات، كما كنا من السباقين في مبادرات كهذه".
تأكيد دعم ما يسمى جماعات المقاومة
وفي معرض حديثه عن سياسته الخارجية المرتقبة، قال عبد اللهيان إن دعم ما سمّاها جماعات المقاومة التابعة لإيران في المنطقة هو أحد برامجه الرئيسية، مضيفاً: "سندعم حلفاءنا وجبهة المقاومة بكل فخر.. نسعى لإرساء سلوك المقاومة الدولي في غرب آسيا"، وهو ما يشير إلى استمرار دعم مليشيا الحوثي في اليمن المستمرة في شن هجمات نحو السعودية.
كما تعهد بمواصلة نهج القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أمريكية بالعراق، العام الماضي.
ووصل عبد الليهان، الأحد 29 أغسطس، إلى دمشق لإجراء محادثات مع كبار مسؤولي النظام وإطلاعهم على نتائج مؤتمر "بغداد". وقال إن إيران وسوريا ستتخذان خطوات كبيرة في محاربة الإرهاب الاقتصادي.
بداية مثيرة للجدل
وبدأ الوزير الجديد عهدته بإثارة الجدل، حيث رفض الوقوف إلى جانب نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان في قمة دول جوار بغداد، وانضم إلى صف قادة الدول، في مخالفة للبروتوكولات السياسية.
وقبيل القمة انتقد عبد اللهيان عدم دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى القمة، وقال لوكالة الأنباء الإيرانية إن طهران ستناقش مخرجات القمة مع دمشق، في تجاهل واضح للهدف الرئيس للقمة المتمثل في تخفيف التوترات بالمنطقة.
وكان وزير خارجية العراق فؤاد حسين قال لموقع "روسيا اليوم" إن سوريا أصبحت قضية خلافية دولية، وإن عدم دعوة الأسد لحضور القمة يتماشى مع الهدف المعلن منها والمتعلق بتخفيف التوتر.
وشغل أمير عبد اللهيان منصب سفير بلاده لدى البحرين، كما كان نائباً لوزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية، بين عامي 2011 و2016. وعمل نائباً لرئيس البعثة الدبلوماسية في السفارة الإيرانية ببغداد بين 1997 و2001.
واشتهر عبد اللهيان بانتقاداته المتكررة لكل من السعودية والإمارات والبحرين، والتي كان آخرها في يناير الماضي، عندما وصف تصريحات لوزير الخارجية السعودي عن سلوك إيران في المنطقة بأنها "مكررة ومملة".
وسبق أن اتهم عبد اللهيان، الذي كان يشغل منصب المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي للشؤون الدولية، السعودية بـ"قتل النساء والأطفال في اليمن، وتأجيج الحروب ودعم الإرهاب والمشاركة في حصار الشعوب".
في العام 2016، عندما كان مساعداً لوزير الخارجية، هاجم عبد اللهيان الرياض بسبب موقفها من القضية السورية، وتوعدها بـ"مستنقع جديد في حال تدخلها عسكرياً في سوريا".
وفي ديسمبر 2018، هاجم مجلس التعاون الخليجي، وقال: إنه "لم يبقَ منه لا مجلس ولا تعاون". وقال: "البحرين غارقة في أزمة غير شرعية.. والسعودية في أزمة خاشقجي، الرياض وأبوظبي في أزمة الهزيمة في اليمن".
ولطالما اعتبر عبد اللهيان أن امتلاك منطقة قوية وآمنة "يتطلب تعاوناً بنّاءً من قبل السعودية والإمارات، وإيجاد ترتيبات جديدة إقليمية بمشاركة إيران والعراق".
وفي يونيو 2019، هاجم عبد اللهيان سياسة السعودية والإمارات تجاه بلاده، وقال إنهما ستجدان رداً صادماً ما لم تتوقفا عن المشاركة في الحرب الاقتصادية ضد إيران. كما هاجم، في أغسطس 2019، وزير الخارجية البحريني السابق خالد بن أحمد آل خليفة، واتهمه بدعم "العدوان الصهيوني على العرب".
ووصف عبد اللهيان الوزير البحريني آنذاك بأنه "متحدث باسم الكيان الصهيوني"، حسب وصفه، وذلك رداً على اعتبار وزير خارجية البحرين الهجمات التي تشنها "إسرائيل" على لبنان وسوريا والعراق "دفاعاً عن النفس"، واتهامه طهران بإعلان الحرب في المنطقة.
ويأتي تولي عبد اللهيان لحقيبة الخارجية في وقت تحدث فيه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين عن أن المفاوضات السعودية الإيرانية مستمرة، وأن الطرفين يريدان التوصل لنتائج إيجابية في عدد من الملفات.
وتسود حالة من الترقب لما سيكون عليه سلوك إيران تجاه جيرانها في ظل القيادة الجديدة التي يغلب عليها المحافظون، والتي سيكون عبد اللهيان عنوان الدبلوماسية فيها.