كامل جميل - محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
تفاؤل كبير يسود أوساط المعارضة الكويتية بنتائج "الحوار الوطني" لا سيما مع ورود تسريبات من مصادر حكومية تفيد بأن مرسوماً أميرياً قد يصدره أمير الكويت الشيخ نواف الصباح الأحمد قريباً جداً، للعفو عن سجناء ومتهمين في قضايا سياسية.
حيث نقلت صحيفة "الأنباء" المحلية، (الجمعة 15 أكتوبر 2021)، عن مصادر - لم تسمها - أنه جرى الاتفاق على إنهاء ملف العفو عن المهجرين وغيرهم وفق رؤية تحقق تطلعات أغلب المشاركين بنسبة تدعو إلى التفاؤل، وجرى أيضاً الاتفاق النهائي على إلغاء أو تعديل قانون الجرائم الإلكترونية، سواء من خلال إحداث تعديلات على مواده وبنوده، أو نسف القانون برمته واستحداث قانون جديد يتماشى مع التطورات الحالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف من هذه الخطوة هو "الدفع باتجاه تعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم والتآزر تمهيداً لمرحلة كويت جديدة، قائمة على التسامح والتآخي لطيِّ سنوات من الصراع السياسي وبداية لعهدٍ قوامه الإنجاز والتنمية".
ومما يشير لصدور هذا العفو هو عودة النائب السابق في مجلس الأمة، ناصر الدويلة، الذي يعد أحد أبرز المعارضين الكويتيين والمطلوب بقضايا للمحاكمة، إلى البلاد أخيراً.
ومنذ الثلاثاء 5 أكتوبر 2021 حيث عقدت أولى جلسات الحوار الوطني التي دعا إليها أمير الكويت بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتوحيد الجهود ونبذ الخلافات، وإيجاد حل لمجموعة من القضايا المطروحة، ساد التفاؤل مختلف الأوساط السياسية والشارع الكويتي أيضاً، بالوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة السياسية في البلاد.
اشتداد الأزمة
بدأت الأزمة السياسية في الكويت تدخل مراحل حساسة مع انتخاب مجلس الأمة في ديسمبر الماضي، حيث شهدت البلاد توتراً كبيراً وخلافات حادة بين نواب ورئيسه، إضافة إلى مواجهة محتدمة مع الحكومة.
وفشلت المعارضة في ترجمة انتصارها في البرلمان بعد نجاح مرزوق الغانم في الفوز بكرسي رئاسة مجلس الأمة رغم إجماع المعارضة على عدم التصويت له.
وتعد قضية اقتحام مجلس الأمة، التي تعود إلى نوفمبر 2011، عندما دخل ناشطون، من بينهم بعض نواب المعارضة، إلى مبنى مجلس الأمة عنوة على خلفية مسيرة طالبت باستقالة رئيس الوزراء آنذاك الشيخ ناصر المحمد الصباح؛ لاتهامات تتعلق بالفساد، هي أبرز القضايا الشائكة في الخلاف بين الحكومة والبرلمان.
وعلى إثرها صدرت أحكام قضائية بالسجن جراء الاقتحام، كما سافر نواب سابقون إلى خارج البلاد هرباً من تنفيذ الأحكام قبل صدورها، من بينهم النائب مسلم البراك.
وفي يوليو 2018 قضت محكمة التمييز الكويتية بحبس كل من النائبين اللذين كانا في البرلمان وقت النطق بالحكم، جمعان الحربش ووليد الطبطبائي، ست سنوات ونصف سنة، في حين حكمت بالمدة ذاتها على النواب السابقين مسلم البراك وفهد الخنة وفيصل المسلم وخالد شخير ومبارك الوعلان ومحمد الخليفة وفلاح الصواغ.
ومنذ ذلك الوقت تسعى المعارضة السياسية إلى إقرار قانون العفو الشامل، حيث تقدم، في 27 ديسمبر الماضي، النائب في مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الخليفة، باقتراح قانون العفو الشامل عن الجرائم التي وقعت من تاريخ 16 نوفمبر 2011 ولغاية 8 سبتمبر 2016.
ونص مقترح القانون على العفو عن الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 16 لسنة 1960، المشار إليه في المواد 134، 135، 147، 249، 254 والجرائم المرتبطة بها.
كما نص القانون المقترح على إسقاط جميع أحكام الإدانة، والإفراج عن جميع المحكومين والمتهمين في الجرائم المشار إليها.
وتشغل المعارضة 31 مقعداً من مقاعد مجلس الأمة الخمسين، في وقت توصف العلاقة بين حكومة الشيخ صباح الخالد والبرلمان المنتخب في ديسمبر الماضي بأنها متوترة.
تلك العلاقة أصبحت تؤثر في سير عمل الحكومة التي تبحث عن حلول للأزمة المالية؛ إذ يجب قبل أن تتوجه الحكومة لسن أي قوانين أو خطوات من أجل التعافي الاقتصادي الحصول على موافقة مجلس الأمة.
وتضرر الاقتصاد الكويتي كثيراً من الأزمة السياسية، حيث أدت إلى عدم تشكيل مجلس إدارة جديد للصندوق السيادي البالغة قيمته 600 مليار دولار والأقدم في العالم.
كما أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن بنك الكويت المركزي (الثلاثاء 28 سبتمبر) تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت إلى 4.167 مليارات دينار (13.87 مليار دولار) في الربع الأول من 2021، بانخفاض 3.16% على أساس سنوي، وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت من 4.303 مليارات دينار (14.32 مليار دولار) في الربع الأول من 2020، بسبب تداعيات كورونا والأزمة السياسية في البلاد.
ثقة عالية
عودة النائب السابق في مجلس الأمة، ناصر الدويلة، إلى بلده طوعياً، وظهوره وهو يتحدث من داخل منزله بثقة عالية بحل جميع الخلافات، أعطى مؤشراً للكثيرين بالوصول إلى حل نهائي يرضي جميع الأطراف السياسية في البلاد.
وعاد الدويلة لبلده بعد نحو سبعة أشهر قضاها في تركيا، بعدما غادر الكويت في مارس 2021؛ على خلفية الملاحقات القضائية، وذلك بعد شهر واحد على تبرئته من تهمة الإساءة إلى السعودية.
وفي تغريدة على حسابه بـ"تويتر" قال الدويلة: "من فضل الله ورحمته وصلت إلى أرض الكويت الغالية؛ استجابة لدعوة حضرة صاحب السمو بالوحدة الوطنية والحوار البناء والمصالحة الشاملة لكويت المستقبل، وقريباً يجتمع كل أبناء الوطن على المحبة والمصالحة والوحدة الوطنية".
وفي تصريح عُدَّ أيضاً مؤشراً على الانفراجة في البلاد، قال النائب عبيد الوسمي، لصحيفة "الأنباء" المحلية: "إن هناك رغبة لتأسيس مرحلة جديدة من العمل السياسي، فالمشاريع الوطنية هي نشاطات وطنية والجميع شريك ومشترك بهذا الأمر، سواء مؤسسات أو أفراداً"، مشيراً إلى أن "نجاح هذه المشاريع هو نجاح للكويت وفشلها هو فشل للدولة، ومن يقبل بفشل الدولة ويعمل على ذلك فهذا السلوك لا يمكن أن يكون سلوكاً وطنياً مقبولاً".
وفي هذا السياق، يؤكد الكاتب والناشط السياسي الكويتي، عبد العزيز سلطان، أن التفاهم والوصول إلى اتفاق حول العفو العام وعودة الشخصيات والنواب من خارج البلاد، سينعكس بشكل إيجابي على الحالة السياسية في الكويت، ويذهب بها إلى الاستقرار.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يقول سلطان: "يجب الاتفاق خلال الحوار الوطني الذي دعا إليه أمير البلاد، على إزالة كل العداوات السياسية التي استخدمت خلال السنوات السابقة، سواء داخل الكويت أو خارجها بين جميع الشخصيات".
وسينعكس إنهاء الأحكام القضائية، وإسقاط بعض القضايا السياسية عن الشخصيات الموجودة في الخارج، حسب سلطان، على الوضع السياسي في الكويت، خاصة أن ملف العفو العام يعد أحد أبرز الملفات التي شهدت خلافات.
ويرى الكاتب الكويتي أن "جلوس الدولة من خلال جلسات الحوار الوطني مع المعارضة السياسية في البلاد، يعني أنها مبدئياً تقر بها، وربما لديها توجه يصبح حقيقة وواقعاً لإقرار قانون الأحزاب والتكتلات السياسية ككيانات قانونية تتم محاسبتها حال مخالفة القانون والدستور".
و"ستخرج بعض أطراف الحوار الوطني" - كما يوضح سلطان - "قوية منه وذات قيمة سياسية مؤثرة، دون غيرها من التكتلات الأخرى".