محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
حراك جديد تقوده الولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، وإمكانية إزالة أي عقبات قد تقف أمام عودته، والتوافق مع دول مجلس التعاون قبل التوصل إلى أي تقدم في الملف.
ويقود المبعوث الأمريكي الخاص بشأن إيران، روبرت مالي، الحراك السياسي، حيث بدأ (الخميس 11 نوفمبر الجاري) جولة شرق أوسطية تشمل الإمارات والسعودية والبحرين ودولة الاحتلال الإسرائيلي.
وسيكون ملف الاتفاق النووي الإيراني، والجولة السابعة من محادثات فيينا النووية، على رأس المباحثات التي سيجريها المسؤول الأمريكي في دول الخليج، وإمكانية عرض وجهة النظر الأمريكية لقادة دول مجلس التعاون حول الاتفاق.
وتزامن الإعلان عن جولة مالي إلى دول الخليج مع إعلان إيران (الثلاثاء 3 نوفمبر الجاري) استئناف محادثات فيينا مع القوى الكبرى حول الاتفاق النووي للعام 2015، في 29 نوفمبر.
وجاء التأكيد الإيراني على لسان كبير مفاوضي طهران باقري كني، حيث قال في تغريدة له على حسابه في موقع "تويتر": "اتفقنا على بدء المفاوضات التي تستهدف إزالة العقوبات غير المشروعة وغير الإنسانية في 29 نوفمبر في فيينا"، وهو ما أكده في وقت لاحق بيانان من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ومع العودة لمحادثات فيينا، يوجد رأي خليجي شبه موحد حول الاتفاق، وهو عدم إتاحة امتلاك إيران سلاحاً نووياً يهدد الأمن القومي لها، إضافة إلى إبرام اتفاق نووي جديد بمعايير أقوى، تكون دول الخليج طرفاً فيه.
شروط خليجية
المحلل السياسي الدكتور عايد المناع، يؤكد أن جولة المبعوث الأمريكي الخاص بشأن إيران إلى دول خليجية هدفها أخذ رأيها في العودة للاتفاق النووي مع إيران، وفقاً لما كان عليه قبل الانسحاب الأمريكي منه عام 2015، إبان حكم الرئيس السابق دونالد ترامب.
وسيكون للدول الخليجية التي ستجلس مع المبعوث الأمريكي وخاصة السعودية، حسب حديث المناع لـ"الخليج أونلاين"، مطلب رئيسي، وهو أن يكون لدول مجلس التعاون ممثل بين دول مجموعة "5+1"، وهو ما سترفضه إيران، ولكن ستعمل الولايات المتحدة على التعجيل للحصول على مواقف معينة حول المطلب الخليجي.
كذلك تريد الولايات المتحدة من خلال جولة مالي عرض مسودة اتفاق نووي جديد على دول الخليج، قبل نقاشه مع إيران والدول المشاركة في الاتفاق، والمتطلبات الأمريكية حول العودة للاتفاق من جديد، وأهم بنوده.
وتضمن اتفاق 2015 عدداً من الاشتراطات والبنود، كان أبرزها رفع العقوبات الاقتصادية والمالية الأوروبية والأمريكية عن إيران، والسماح بتصدير منتجات نووية كاليورانيوم المخصب، وإلغاء تجميد المليارات من الأرصدة الإيرانية بالخارج.
كما شمل الاتفاق تحديد مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب في الـ15 عاماً المقبلة، بثلاثمئة كيلوغرام، وبنسبة تخصيب لا تزيد على 3.67%، على أن تبيع طهران الكمية الزائدة لزبائن دوليين، ولن تكون نسبة اليورانيوم المستخدمة وقوداً نووياً في المفاعلات، ضمن النسبة المحددة.
وينص الاتفاق على عدم تمكين إيران من تخصيب اليورانيوم بنسبة أكثر من 3.67% خلال 15 عاماً، وذلك في موقع نطنز فقط، ولن يكون بإمكانها تخصيب اليورانيوم في مفاعل فوردو (تحت الأرض والمحصن ضد الهجمات)، الذي سيتم تحويله إلى مفاعل للبحث العلمي، على أن تتم التجارب داخله بالتنسيق مع المجتمع الدولي.
متطلبات جديدة
تلك الاشتراطات، وفق حديث المناع لـ"الخليج أونلاين"، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، لم تلتزم بها إيران، حيث وصلت نسبة تخصيب اليورانيوم لديها إلى 60%، وهو ما قد يدخل في نقاش جديد مع دول الخليج حول الشروط الجديدة.
وستعرض الولايات المتحدة، كما يؤكد الكاتب والمحلل السياسي، متطلبات جديدة بوصفها شروطاً للعودة للاتفاق النووي، ولكنها لن تكون بنفس الطلبات التي وضعها ترامب شرطاً للعودة للمحادثات مع إيران.
وانسحب ترامب من الاتفاق في مايو 2018، وأعلن في حينها إعادة العمل بالعقوبات المفروضة على طهران، مع وصفه الاتفاق بـ"الكارثي"، ولكن مع مجيء الرئيس جو بايدن، بدأت الولايات المتحدة تقديم مؤشرات على العودة للاتفاق، أو إبرام اتفاق جديد.
وتحدد طهران ثلاثة شروط لواشنطن لإعادة العمل بالاتفاق النووي، وتشمل: رفع العقوبات دفعة واحدة، إضافة إلى ضمانات أمريكية بألا تتخلى مجدداً عن الاتفاق، والاعتراف بـ"تقصيرها" في الانسحاب والتسبب في الأوضاع الحالية.
وحول عودة إدارة بايدن للاتفاق النووي يرى المناع أن دول مجلس التعاون الخليجي لن يكون لديها أي اعتراض على الاتفاق أو إبرام واحد جديد، على أن تكون أبرز بنوده الحد من قدرات إيران النووية.
ويضيف: "تريد دول الخليج أن يشمل الاتفاق وقف تمويل إيران للحركات المناوئة لدول مجلس التعاون، خاصة في اليمن والعراق، لكونها تمثل خطراً على دول المنطقة، خاصة أن تلك الجهات لا تحمل صفة دولية".
وبشكل عام، يوضح المناع، فإن دول الخليج غير مطمئنة من تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع الملف النووي الإيراني، وهو ما دفعها للانفتاح على الصين وروسيا، ما جعل واشنطن تسارع إلى إعادة دورها في المنطقة.
وتريد دول الخليج من الولايات المتحدة أن تثبت حسن صداقتها لها، عبر الحفاظ على مصلحة واستقرار دولها، وحل مشاكلها مع إيران، والحديث للمحلل السياسي الكويتي.