علاقات » ايراني

الخلافات الخليجية.. هل تفجر استراتيجية شراء الوقت الأوضاع مجددا؟

في 2021/12/09

ميدل إيست آي/محجوب الزويري ولاكشمي فينوجوبال مينون - ترجمة الخليج الجديد-

منذ بداية عام 2021، شهدت منطقة الخليج سلسلة من التطورات غير المتوقعة. فقد سقطت أفغانستان في أيدي "طالبان"، وسرعت الدول العربية جهودها لتطبيع العلاقات مع نظام "بشار الأسد" في سوريا، وحظيت المفاوضات السعودية الإيرانية باهتمام كبير، فيما أخذ لبنان في الانزلاق أكثر فأكثر في أزمته الداخلية، ووقعت انقلابات في تونس والسودان، ودفعت الانتخابات البرلمانية في العراق رجل الدين الشيعي "مقتدى الصدر" إلى موقع السلطة، وفاز المتشدد "إبراهيم رئيسي" بالرئاسة في إيران.

كما شهد هذا العام أيضا وضع نهاية للأزمة الدبلوماسية القطرية التي استمرت 4 سنوات، وذوبان الجليد في العلاقات بين تركيا والمحور السعودي الإماراتي. لكن ما أهمية توقيت هذه التطورات، وما مدى تأثيرها على التحولات الاستراتيجية في طبيعة التحالفات الإقليمية؟ وإذا كانت هذه التحولات قد حدثت بالفعل، فإلى أي مدى يمكن أن تستمر؟

تتعلق أحد الأسباب الأساسية المتداولة لتلك التحولات بنقل السلطة من الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" إلى إدارة "جو بايدن"؛ ما تسبب في آثار متتالية عبر منطقة الخليج. فقد تعهد "بايدن" بجعل الدبلوماسية حجر الزاوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه "يجب علينا إشراك خصومنا ومنافسينا دبلوماسيا؛ حيث يكون ذلك في مصلحتنا". إضافة إلى ذلك، فإن الانسحاب الأمريكي المتسرع من أفغانستان وما تبعه من أعمال انتقامية أثار قلق حلفاء الولايات المتحدة.

في الوقت ذاته، أدت السياسات الفاشلة للمحور السعودي الإماراتي -من كارثة الحصار على قطر، إلى المأزق في اليمن،  وحتى دعم السعي الفاشل من قبل الجنرال المنشق "خليفة حفتر" للاستيلاء على السلطة في ليبيا- إلى دفع القوى الإقليمية نحو تغيير مسارها. ويعد تواصل الإمارات مع نظام "الأسد" مجرد مظهر واحد من مظاهر ذلك.

بانتظار مرور العاصفة

ومع ذلك، في حين أدت كل هذه التطورات إلى عدد من التحولات الإقليمية الواضحة، إلا أنها لا تشير في الواقع إلى إعادة تقويم استراتيجية مهمة. فالتوترات الإقليمية لا تزال عالية، وواصلت الدول الترويج لرواياتها وشعاراتها، على الرغم من علامات التقارب السطحية.

لا يوجد دليل واضح على أن القوى الخليجية تتراجع حقا لإعادة تقييم مواقفها واستراتيجياتها. ويبدو أن أسلوب العمل المتبع هو شراء الوقت، وبشكل أساسي، الانحناء حتى تمر العاصفة. فكل دولة تنتظر أن يبادر خصمها بالخطوة الأولى، وهي مدركة جيدا أن هؤلاء الخصوم يشترون الوقت أيضا. وبهذه الطريقة، يمكن للقوى الإقليمية تأجيل أي تحركات مثيرة للجدل حتى تصبح الظروف أكثر ملاءمة لمصالحها.

يساعد هذا النوع من "سياسة المماطلة" القادة الإقليميين على تأمين مصالحهم في المستقبل القريب، مع تجنب تفاقم النزاعات القائمة. ويمكن مقارنة استراتيجية الإجراء المؤجل هذه بالتكتيك الأمريكي المتمثل في المماطلة؛ حيث يتم إطالة المناقشات عمدا لمنع أو تأخير التصويتات الحاسمة.

ومع ذلك، هناك خطر حقيقي يتمثل في أن استراتيجية شراء الوقت يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الشلل السياسي، إلى جانب خطر فشل الدول في الاستجابة بسرعة للأزمات التي تتكشف؛ ما يؤدي إلى فقدانها السيطرة على القضايا الإقليمية المهمة.

في نهاية المطاف، تساعد فكرة استراتيجية شراء الوقت في تفسير سلسلة التطورات الأخيرة في الخليج بشكل أفضل؛ ما يسمح بفهم أكثر واقعية لما حدث هذا العام. من المهم عدم المبالغة في تقدير أهمية بعض هذه المصالحات والتوافقات الظاهرة. فهذه البلدان تتواصل وتتعاون، لكن دون فتح خلافات الماضي؛ حيث يتم كنس الأسباب الحقيقية للصراع تحت البساط. على هذا النحو، ستستمر أسباب الخلاف، ومن المحتمل أن تعود إلى الظهور مجددا على المدى الطويل.