علاقات » ايراني

ما أهمية الحوار الأمني السعودي الإيراني للمنطقة؟

في 2021/12/15

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

في وقتٍ كانت فيه الأبواب قد أغلقت أمام محادثات مباشرة عقدت أكثر من مرة في العراق بين السعودية وإيران، عادت المباحثات مجدداً، ولكن هذه المرة عبر بوابة الأردن، بمشاركة خبراء أمنيين من الجانبين.

ومهدت السعودية وإيران، على مدى أكثر من عامين، للدخول في مفاوضات حديثة، وتقدمت الدولتان ببطء شديد في هذا الاتجاه، حيث بدأت السعودية بطرح مبادرات دبلوماسية هامة تجاه إيران، مقابل تعنت كبير من طهران.

وتأتي هذه المفاوضات بالتزامن مع مفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي الإيراني، فهل تؤسس هذه المشاورات لخطوة جديدة على طريق التقارب بين اللاعبين الإقليميين؟

مباحثات الأردن

على غير المتوقع، خصوصاً مع عقد مباحثات ثنائية بين السعودية وإيران أكثر من مرة في العراق، كشفت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا" عن اختتام الحوار الأمني بين السعودية وإيران، الذي عقد في عمّان بمشاركة خبراء من الجانبين.

الوكالة الأردنية قالت، في 13 ديسمبر، إن الحوار الذي استضافه المعهد العربي لدراسات الأمن ناقش عدداً من القضايا الأمنية والتقنية، إضافة إلى الحد من تهديد الصواريخ والإجراءات الفنية لبناء الثقة بين الطرفين، وتحديداً فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، والتعاون في مجال الوقود النووي، ومحاور أخرى.

ونقلت الوكالة عن الأمين العام للمعهد العربي لدراسات الأمن، أيمن خليل، قوله: "إن أجواء من الاحترام المتبادل سادت الجلسة، التي أظهرت رغبة متبادلة من الطرفين في تطوير العلاقات وتعزيز الاستقرار الإقليمي، بما ينعكس على ازدهار شعوب المنطقة".

كما كشف عن أن "مزيداً من الجلسات بين الطرفين سيتم عقدها في وقت قريب، لمتابعة توصيات الحوار الأمني والتقني وصياغة تفاصيله".

نفي وتقارب حذر

فيما نقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسي إيراني كبير نفيه حضور مسؤولين إيرانيين للاجتماع، ورد على "بترا" قائلاً: إنه "لم يحضر أي مسؤول إيراني الجلسة التي استضافها المعهد العربي للدراسات الأمنية". 

من جانبه نقل موقع "الحرة" الأمريكي عن مدير العلاقات العامة في المعهد العربي لدراسات الأمن، جمال الأحمد، قوله إن ما حصل هو "جلسة حوار وليست محادثات"، مشيراً إلى أنه حضرها خبراء ودبلوماسيون سعوديون وإيرانيون.

كما نقلت عن مصادر مقربة من الحكومة الإيرانية قولها: إن "حصول الجلسة غير مستبعد، لا سيما أن السعودية وإيران قد بدأتا بالفعل محادثات من بغداد، ومن ثم من المنطقي عقد لقاءات في دول وأوقات عدة". 

وكان قائد هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري قال، في 13 ديسمبر، بالتزامن مع عقد الحوار، إن لقاءات جرت مع مسؤولين سعوديين وإماراتيين، مشيراً إلى أن "سوء التفاهم" بين الجانبين "تم حله إلى حد ما"، دون مزيد من التفاصيل.

رغبة سعودية.. ومخاوف إيرانية

"المباحثات السعودية الإيرانية التي سبق أن عقدت في العاصمة العراقية بغداد، في تقديري كانت مثمرة، على الأقل في محاولتها إذابة جليد العلاقات الذي كسا العلاقات السعودية الإيرانية طيلة عقد من الزمن تقريباً"، يقول الصحفي والكاتب العراقي إياد الدليمي.

لكنه يرى أنها "على ما يبدو لم تكن كافية للتأسيس لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، وتأثيراتهما طبعاً على كل دول المنطقة".

وفي حديثه مع "الخليج أونلاين" يرى أن من أسباب عدم استمرارية المباحثات الإيرانية السعودية في بغداد "هو رأي سعودي يتمثل بكون العراق حاضنة غير حيادية لمثل هذه اللقاءات"، مشيراً إلى أنه سبق أن تسربت أنباء عن لقاءات مماثلة عقدت في سلطنة عمان.

ويعتقد أن اختيار الأردن ليكون مقراً لهذه المفاوضات "أمر مثير جداً"، وأنه "جاء برغبة سعودية؛ لأن الرياض تدرك أهمية الأردن الاستخباراتية في المنطقة".

ويبدي استغرابه من قبول إيران بهذا الاختيار السعودي، موضحاً: "ما يوحي بأن لدى طهران رغبة متنامية لتحسين علاقتها بالسعودية، والسبب في ذلك هو شعور إيراني متنامٍ بخطر بقاء هذه العلاقات متوترة في ظل توتر مستمر بعلاقة إيران بدول الغرب وأمريكا، وطبعاً دولة الاحتلال الإسرائيلي".

ويؤكد أن لقاء الأردن السعودي الإيراني "كان لقاءً أمنياً، ما يؤشر إلى وجود مخاوف إيرانية حقيقية لتعرضها لضربة إسرائيلية في حال فشلت مفاوضات فيينا، وسعي إيران أن لا تكون هناك خوادم خليجية لمثل هذه الضربة المتوقعة"، متوقعاً أن يكلف ذلك "إيران أيضاً مزيداً من التنازلات التي ستقدمها للسعودية".

ويرى أيضاً أن التوافق السعودي الإيراني "سيحتاج إلى وقت قد يطول وقد يقصر؛ بحسب ما ستفضي إليه مباحثات فيينا، لكنه بالتأكيد سيصب في مصلحة الإقليم خاصة".

ويضيف: "سنشهد مزيداً من التنسيق بين دول المنطقة في إطار رسم سياسة جديدة لمستقبل هذه المنطقة المشتعلة على الدوام".

مفاوضات العراق

وخيّمت حالة من الهدوء والتوقف على المباحثات السعودية الإيرانية التي استضافتها بغداد في الشهور الأخيرة لحكم الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، رغم أن الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي قال إنه يمد يده للجيران.

واستضافت العاصمة العراقية، منذ مارس وحتى منتصف هذا العام، مفاوضات مباشرة بين مسؤولين سعوديين وآخرين إيرانيين، وكانت حرب اليمن والملف النووي الإيراني على رأس الأمور التي ناقشتها هذه الاجتماعات.

وبعد أسابيع من التكتم أعلن البلدان أنهما يسعيان من خلال هذه المحادثات إلى تخفيف حدة التوترات في المنطقة، وإيجاد مساحة مشتركة لتحقيق مصالح البلدين.

لكن منذ إعلان فوز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، في يونيو الماضي، تراجعت أحاديث هذه المفاوضات إلى حد بعيد، بيد أن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أكد (السبت 28 أغسطس) أن اللقاءات مستمرة، وأن لدى الطرفين رغبة في التوصل إلى نتائج.

وجاءت تصريحات حسين بعد يوم من تصريحات أدلى بها مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله المعلمي، قال فيها إنه يأمل أن تكون خطابات الجانب الإيراني واقعية، وإن الرياض تنتظر أفعالاً لا مجرد أقوال.

وجاءت أزمة السعودية مع لبنان لتزيد من التوتر بينهما، بعدما اتهمت طهران السعودية، في نوفمبر الماضي، بعدم الجدية في المفاوضات الجارية بينهما منذ مايو الماضي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، إن عقد جولة جديدة من المفاوضات مع السعودية يتطلب جدية من الرياض، مشيراً إلى أن سياسة محاصرة لبنان لن تحقق أي نتائج.

وفي 30 أكتوبر 2021، قال وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان: إن "هيمنة حزب الله تجعل التعامل مع لبنان غير ذي جدوى"، مُشيراً إلى أن "سيطرة الحزب على النظام السياسي في لبنان تُقلقنا"، كما أكد أنه "ليست هناك أزمة مع لبنان، بل أزمة في لبنان بسبب هيمنة إيران".

كما أعلن أن المحادثات بين المملكة وإيران "ودية"، مؤكداً في الوقت نفسه عدم تحقيق أي تقدُّم كبير في إطارها حتى الآن.