علاقات » ايراني

غيوم المفاوضات النووية العالقة تهدد الانفراجة الخليجية الإيرانية

في 2022/01/18

علي ألفونيه - معهد دول الخليج العربية في واشنطن - ترجمة الخليج الجديد-

على الرغم مما اتسم به عام 2021 من الانفراجة وخفض التصعيد في العلاقات بين إيران ودول الخليج، لا يزال الخلاف بين طهران وواشنطن بشأن برنامج إيران النووي دون حل، وإذا لم يتم حل هذا الخلاف في الأشهر المقبلة، فمن المرجح أن يؤثر على علاقات إيران مع دول الخليج.

وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تشكل العلاقات الثلاثية بين إيران ودول الخليج والولايات المتحدة ديناميكيات الأمن الإقليمي في عام 2022.

وتبرز القرارات الاستراتيجية الرئيسية التي اتخذتها هذه الدول منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" في 8 مايو/أيار 2018 من خطة العمل الشاملة المشتركة، مدى خطورة هذه الديناميكيات في العام الجديد.

نتائج عكسية للضغط

رحبت إسرائيل والسعودية والإمارات بانسحاب إدارة "ترامب" من خطة العمل الشاملة المشتركة وما تلاها من حملة "الضغط الأقصى" ضد إيران، بهدف صريح يتمثل في إجبار إيران على "تغيير سلوكها".

فقد وجدت الدول الثلاث أن الاتفاقية النووية غير فعالة في إحباط ما اعتبروه طموحات إيران في القدرات النووية، والتي يمكن أن تستخدمها طهران -على حسابهم- لإظهار نفوذ أكبر في المنطقة.

وعلاوة على ذلك، جادلوا بأن إيران استغلت الفوائد الاقتصادية التي يوفرها رفع العقوبات لمواصلة دعم وكلائها في الخارج، مثل "حزب الله" اللبناني والحوثيين في اليمن، مع عدم وجود قيود في الاتفاقية على ذلك.

ردت طهران في البداية على انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة من خلال الحد من مستوى التزاماتها بموجب الاتفاق النووي لكنها بقيت في إطاره، أما بالنسبة للداعمين الإقليميين للخطوة الأمريكية، فقد تجاهلتهم طهران إلى حد كبير، على الرغم من أن الرئيس الإيراني السابق "حسن روحاني" أصدر في 4 ديسمبر/كانون الأول 2018 تحذيرًا مبطّنًا يقول: "إذا أرادوا يومًا منع تصدير النفط الإيراني، فلن يكون هناك نفط مُصدّر من الخليج".

أما ما دفع إيران فعلًا لـ"تغيير سلوكها"، فكان إعلان "ترامب" في 22 أبريل/نيسان 2019 عن نية "خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر"، لكن اتضح أن ذلك "التغيير" كان نحو الأسوأ.

فقد تورطت إيران في هجمات عام 2019 ضد الشحن التجاري المرتبط بالإمارات في مايو/أيار ويونيو/حزيران، وضد طائرة أمريكية مسيرة في يونيو/حزيران، وكذلك منشآت معالجة النفط السعودية في سبتمبر/أيلول.

دوافع استهداف الإمارات والسعودية

من ناحية أخرى، لم تستهدف إيران إسرائيل، التي تفاخر قادتها بإقناع "ترامب" بالانسحاب من الاتفاقية النووية الإيرانية وقصفوا بشكل منهجي مواقع عسكرية إيرانية في سوريا.

ولكن، لماذا استهدفت إيران في المقام الأول الإمارات والسعودية بدلاً من الولايات المتحدة وإسرائيل؟ لم تعلن طهران أبدًا المسؤولية الرسمية عن الهجمات، ناهيك عن الكشف عن اعتباراتها الاستراتيجية، لكن ملاحظة عدم استعداد دول الخليج للرد على الهجمات والمخاطرة بالحرب مع إيران، لابد أن تكون قد شكلت حسابات إيران.

سرعان ما أصبح واضحًا أن الولايات المتحدة أيضًا كانت غير مستعدة للتورط في حرب مع إيران، وكان لـ"ترامب" تصريح شهير في تصريحاته العلنية الأولى بعد هجمات 2019 على السعودية، حين قال: "كان ذلك هجومًا على السعودية، ولم يكن هجومًا علينا"، أما لو كانت الهجمات موجهة ضد إسرائيل، فإن طهران لم تكن لتتوقع درجة مماثلة من ضبط النفس من الإسرائيليين.

ربما كان الدافع الذي حفز طهران أيضًا هو افتقارها إلى لوبي ضغط فعال في واشنطن، يدعو إلى مناهضة حملة "الضغط الأقصى"، ومن خلال استهداف دول الخليج، ربما كانت طهران تأمل في تحويلهم إلى دعاة لتفكيك نظام العقوبات الأمريكية الشامل ضد إيران.

في أعقاب الهجمات، تحركت الإمارات لتهدئة التوترات، مما أدى إلى قيام وفد من خفر السواحل الإماراتي بزيارة إيران في يوليو/تموز 2019، وزيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين في انتهاك للعقوبات الأمريكية، وزيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي إلى طهران في ديسمبر/كانون الأول 2021. وشاركت السعودية وإيران أيضًا في عدة جولات من المحادثات التي استضافتها الحكومة العراقية للحد من التوترات.

وفي حين أن إيران ودول الخليج قد يكونون صادقين في محاولاتهم للحد من التوترات الإقليمية، إلا أن الغيوم القاتمة لا تزال تحيط بالديناميات الأمنية في المنطقة.

فمع توقف المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، قد تكرر إيران النمط المعروف باستهداف الإمارات والسعودية، في محاولة لفرض ضغط غير مباشر على الولايات المتحدة.

أما الولايات المتحدة فهي ملتزمة بمنع انتشار الأسلحة النووية وتطالب بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، ومع ذلك فهي لا تزال غير مستعدة للتورط في حرب مع إيران بشأن الهجمات الإيرانية الكبيرة والصغيرة على منفذي هذه العقوبات من دول الخليج، وهذا لا يبشر بالخير فيما يتعلق بديناميكيات الأمن الإقليمي في العام الجديد.