متابعات-
قالت وكالة "بلومبرغ" إن المعارك في أوكرانيا "تُجهِّز الدول الأعضاء في "أوبك"، مثل السعودية والإمارات، لأرباحٍ مفاجئةٍ أكبر، كما أن هناك فرصة حتى للبحرين، أصغر اقتصادات المنطقة، لتسجيل ميزانية متوازنة للمرة الأولى منذ عام 2008، في حال استمرار ارتفاع سعر الخام".
وأشارت الوكالة إلى أن أسعار النفط إلى ما فوق نقطة التعادل لدى غالبية الدول المصدّرة للنفط، ما يزيد احتمالية تحقيق فائضٍ مالي حتى لدى أضعف الاقتصادات في حال استمرار ارتفاع الأسعار.
ورفع الهجوم الروسي على أوكرانيا أسعار النفط الخام لتتجاوز الـ105 دولارات للبرميل للمرة الأولى منذ عام 2014، ما زاد المكاسب التي بدأت تتحقق من قبل في أعقاب تعافي اقتصادات العالم من إغلاقات فيروس "كورونا".
كما قفز خام برنت بأكثر من 9% خلال الساعات التي أعقبت أوامر الرئيس "فلاديمير بوتين" للقوات الروسية بضرب أوكرانيا.
وبينما يرى خبراء أن هذا الارتفاع في أسعار النفط، سينعكس إيجابا على دول مجلس التعاون الخليجي، ويعوضها عن الخسائر التي تسببت بها تقلبات الأسعار ووباء "كورونا"، لكنهم يؤكدون أن الوضع مؤقّت وسيزول بانتهاء الحرب وانعكاساتها على المشهد النفطي.
وقدّر صندوق النقد الدولي أن الأسعار بمستواها الحالي تضمن لجميع الدول الرئيسية المنتجة للنفط في الشرق الأوسط تحقيق فائضٍ في الميزانية، باستثناء البحرين التي ستكون ميزانيتها متوازنة.
وتحتاج السعودية أن يصل سعر النفط إلى 72 دولاراً للبرميل حتى تُوازن ميزانيتها، وقد قالت بالفعل إنها تتوقع تسجيل فائضٍ في العام الجاري، بينما يصل الرقم لدى الإمارات إلى 67 دولاراً للبرميل، في حين تحتاج البحرين أن يتجاوز سعر البرميل 106 دولارات.
يقول "زياد داود" رئيس اقتصاديي الأسواق الناشئة في "بلومبرج الاقتصادية"، إن وصول سعر البرميل إلى 100 دولار "نعمة وليس نقمة على دول مجلس التعاون الخليجي".
ويضيف: "لم يعتقد كثيرون أننا سنعود لهذا المستوى بعد انهيار عام 2014، ما سيسمح للحكومات بالإنفاق أكثر وإعادة بناء احتياطياتها من العملات الأجنبية".
بينما يشير "محمد أبوباشا"، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في مصرف "EFG Hermes"، إن قفزة الأسعار "ستُعزّز الثقة، وتُصلح الميزانيات العمومية، وتدعم الانتعاشة الاقتصادية" في دول الخليج.
ويردف "أبوباشا" بالقول إن "المستثمرين سيجدون في عملات الخليج المربوطة بالدولار ملاذاً آمناً من المخاطر المتزايدة للعملات الناشئة؛ خاصةً وسط البيئة المعقدة التي يسودها ارتفاع التضخم والتضييق المحتمل من المصارف المركزية العالمية".
ويُعَدُّ الأمر بمثابة تحوُّلٍ حاد في مسار الأحداث بعد الاضطرابات التي ضربت سوق الطاقة وجائحة "كوفيد-19"، إذ بدأت الأسواق تتعافى من الانهيار الأخير لأسعار النفط.
مع ذلك فإنّ التركيز المتزايد على الانضباط المالي، بعد فترة الانخفاض النسبي لأسعار النفط، يعني أن دول الخليج لن تزيد نفقاتها على الأرجح.
ولعل أبرز مثال حي، هو تسجيّل سهم شركة "أرامكو" السعودية ارتفاعاً قياسياً خلال التعاملات الأخيرة، لتحتل الشركة السعودية المركز الثاني بعد شركة "أبل" العالمية من حيث القيمة السوقية، مستفيدة من بلوغ أسعار النفط العالمية أعلى مستوياتها منذ عام 2014.
بيد أن خبير النفط العالمي "ممدوح سلامة"، يقول إن هذه المنفعة ستنتفي مع انتفاء الحرب وستعود الأمور إلى سابق عهدها.
ويضيف: "دول الخليج تصدّر ما يزيد على 19 مليون برميل نفط يومياً، وبالتالي فإن تأثيرها على المشهد النفطي العالمي كبير جداً، وهي ستستفيد حكماً من ارتفاع أسعار النفط خاصة إن استمرت العمليات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، لكن الأسعار ستهبط مجدداً مع انتهاء الحرب"، حسب رأيه.
أما الكاتب المتخصص في اقتصاديات الطاقة "عماد الرمّال"، فيقول إن التجارب التاريخية أظهرت سابقاً أن الارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط تليها انخفاضات حادة في الأسعار في مرحلة لاحقة، وهو ما سيجعل دول مجلس التعاون الخليجي تعمل مع مجموعة "أوبك+" على إيجاد توازن في الأسواق النفطية، وتلجأ إلى تدابير تطمئن من خلالها الأسواق العالمية.