أشرف كمال - الخليج أونلاين-
في تطور جديد على صعيد المحاولات السياسية لتخفيف الاحتقان في المنطقة، كشف مسؤول إيراني رفيع أن الحكومة القطرية طرحت عقد حوار إقليمي بين إيران وعدد من الدول المؤثرة في المنطقة، مبدياً استعداد بلاده لمثل هذا الحوار.
وجاء الإعلان عن المقترح القطري غداة "قمة جدّة للأمن والتنمية" التي جمعت الرئيس الأمريكي وقادة دول الخليج ومصر والعراق والأردن (السبت 16 يوليو 2022)، والتي أكد بيانها الختامي ضرورة مواصلة الجهود الدبلوماسية لمنع طهران من تطوير سلاح نووي.
وكشف رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية في إيران، كمال خرازي، (الأحد 17 يوليو 2022) أن الدوحة قدّمت لطهران ما وصفها بالمقترحات المهمة بشأن إجراء حوار إقليمي.
استعداد إيراني
وفي تصريحات مع قناة "الجزيرة"، قال خرازي، إن بلاده مستعدة لبدء حوار بحضور دول مهمة في المنطقة مثل مصر وتركيا والسعودية، لكنه لم يوضح تفاصيل المقترحات القطرية.
وشدد المسؤول الإيراني على أن الحل الوحيد لأزمات منطقة الشرق الأوسط هو عقد مثل هذا الحوار الإقليمي لبحث الخلافات الأمنية والسياسية بين الدول. وقال إن طهران مستعدة لإعادة علاقاتها مع الرياض إلى طبيعتها.
كما رحب خرازي بتصريح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الذي قال فيه (السبت 16 يوليو 2022) إن المملكة "تمد يدها إلى إيران كدولة جارة".
وفي السياق، بحث وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، مع نظيره العراقي فؤاد حسين، تطورات المفاوضات التي تستضيفها بغداد بين الرياض وطهران.
وناقش عبد اللهيان، في اتصال هاتفي مع حسين، (الأحد 17 يوليو 2022)، مستجدات المفاوضات التي تجريها طهران مع المملكة، وأبدى الوزير الإيراني استعداد بلاده لتبادل الأفكار مع العراق من أجل متابعة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقالت وكالة "إرنا" الإيرانية، إن وزير الخارجية العراقي أوضح لنظيره الإيراني أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أجرى مشاورات بشأن التعاون الإقليمي خلال "قمة جدّة"، وأن العراق سيواصل جهوده لتعزيز أمن واستقرار المنطقة.
وسبق أن عرضت قطر التوسط بين إيران ودول المنطقة، وطرحت أيضاً فكرة الحوار الإقليمي الذي تقول إنه السبيل الوحيد لتخفيف الاحتقان في المنطقة. فيما لم تعلّق السعودية على التصريحات الإيرانية بشأن الحوار.
خلاف أمني
ويثور الخلاف بين طهران وعدد من دول المنطقة خصوصاً السعودية والإمارات، بسبب دعمها لمليشيات مسلحة في اليمن والعراق ولبنان، وهي المليشيات التي سبق لها قصف هاتين الدولتين.
ومطلع العام الجاري، تعرضت العاصمة الإماراتية لقصفين من الحوثيين اليمنيين المدعومين بقوة من إيران، فضلاً عن مواصلة احتلال الإيرانيين للجزر الثلاث الإماراتية (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى).
كما تعرضت العديد من الأماكن الحيوية في السعودية لهجمات حوثية ترعاها إيران، فضلاً عن تأكيد تقارير أممية أن الطائرات المسيّرة التي استهدفت مصفاة نفط "أرامكو" عام 2018، مرتبطة بإيران.
إلى جانب ذلك، أعلن الأسطول الخامس الأمريكي أكثر من مرة ضبط شحنات أسلحة إيرانية وهي في طريقها إلى الحوثيين. وخلال يوليو الجاري، كشفت البحرية البريطانية توقيف شحنة أسلحة إيرانية كانت في طريقها لليمن وتضم بطاريات صواريخ كروز.
"مكيدة إيرانية"
ورغم أن العراق يستضيف مفاوضات بين السعودية وإيران منذ العام الماضي فإن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق نهائي على تسوية الخلافات وإعادة العلاقات المنقطعة منذ 2016.
وفي 8 يونيو 2022، أعلن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أن المحادثات السعودية – الإيرانية في بغداد وصلت إلى مراحل متطورة.
لكن الزيارة الأخيرة التي أجراها الرئيس الأمريكي للمنطقة والتي ركزت بقوة على ضرورة مواجهة إيرانية، وحاولت حشد دول المنطقة إلى جانب دولة الاحتلال، ربما يدفع طهران لإعادة حساباتها، ولو مؤقتاً.
ويرى المحلل السياسي الناصر دريد، أن "زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة كانت فاشلة، والاستعراض الكبير الذي قام به بايدن بالشرق الأوسط انتهى إلى لا شيء".
وأضاف دريد، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "أول من أدرك عقم زيارة بايدن هي إيران، ولذلك تتحدث عن مبادرة جديدة للحوار مع دول الخليج".
واستدرك قائلاً: "أخشى أن تكون إيران لا تريد الحوار فعلاً وإنما تطلق الدعوات له لإدراكها أن دول الخليج لا ترغب به في الوقت الحالي بسبب عدم تكافؤ القوة بين الجانبين".
ورأى أن "دول الخليج تدرك أن حوارها مع إيران سيكون نوعاً من الإذعان، لذلك ترفضه"، مشيراً إلى أن "إيران تريد أن تصل إلى مرحلة تتعامل فيها بفوقية مع دول الخليج، والأخيرة تدرك ذلك ولهذا السبب لا تتجه للحوار معها".
وكان قادة دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة أكدوا في ختام "قمة جدة للأمن والتنمية" التزامهم بحفظ أمن المنطقة واستقرارها.
وشدد القادة في بيان ختام القمة على الشراكة الاستراتيجية بين دول الخليج وواشنطن، و"دعوا إيران إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإبقاء المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل".
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قال في حوار مع مجلة "أتلانتيك" الأمريكية (مارس 2022)، إن السعودية وإيران جارتان إلى الأبد، وإن المملكة لا تريد إيران ضعيفة ولا فقيرة، لكنها أيضاً "لا تريدها قوة نووية في المنطقة".