متابعات-
شكلت تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، حول "انتظار جولة محادثات سادسة من الحوار مع إيران"، استمرارا لسياسة الرياض الممدودة بالسلام للجميع.
ورغم ما يحمله التصريح الذي جاء خلال مقابلة مع قناة "العربية" ،مساء الثلاثاء، من رغبة سعودية خالصة في تحسين العلاقات، إلا أنه يشير لوجود بعض العقبات، خاصة مع استمرار بعض الملفات العالقة، ومن بينها دعم إيران لمليشيات الحوثي في اليمن.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان: إن" الحوار مع إيران لم يصل لنتائج ملموسة بعد، وننظر في جولة محادثات سادسة".
المساعي السعودية للسلام مع إيران، عنوان مرحلة جديدة من العلاقات السعودية مع جيرانها، والقوى الإقليمية، هدفها تقليل التوتر والبحث عن المصالح المشتركة، وانطلقت عقب تصريحات للأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء في مارس/ آذار الماضي.
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء، قال في مقابلة مع صحيفة "أتلانتيك" الأمريكية في مارس/آذار الماضي، إن "إيران دولة جارة، وكل ما نطمح له أن تكون لدينا علاقة طيبة ومميزة معها، نريد أن تكون إيران مزدهرة، لدينا مصالح معها ولديهم مصالح معنا".
وأضاف:" إنهم جيراننا وسيبقون جيراننا للأبد، ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور، ونبحث عن سبل لنتمكن من التعايش".
وتابع: "لقد قمنا خلال 4 أشهر بمناقشات، وسمعنا العديد من التصريحات من القادة الإيرانيين، والتي كانت محل ترحيب لدينا في المملكة، وسوف نستمر في تفاصيل هذه المناقشات، وآمل أن نصل إلى موقف يكون جيدا لكلا البلدين، ويشكل مستقبلا مشرقا للسعودية وإيران".
تصريحات بن سلمان أكدت ما نقلته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية عندما ذكرت أن "مسؤولين سعوديين وإيرانيين كبارا أجروا محادثات مباشرة في محاولة لإصلاح العلاقات"، والجولة الأولى من المحادثات جرت في بغداد يوم التاسع من أبريل/نيسان الماضي.
ومنذ ذلك الحين، جرت 5 جولات من المحادثات بين المسؤولين السعوديين والإيرانيين في العاصمة العراقية بغداد، ولكن الجولة الخامسة والتي عقدت في مايو/أيار الماضي توقفت بسبب تصاعد التوترات في المنطقة، وما شهده العراق من احتجاجات شعبية.
والإثنين الماضي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، عند سؤاله عن تصريح لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بأن بغداد تستعد لاستضافة الجولة الجديدة من المفاوضات الإيرانية السعودية، "نرحب بالحكومة العراقية ونشكرها على جهودها المخلصة وحسنة النية، ونأمل أن تحدث أشياء إيجابية في المفاوضات بين طهران والرياض".
عوائق المحادثات
ورغم التصريحات والجهود الإيجابية التي تبذل لإعادة العلاقات بين طهران والرياض إلى سابق عهدها قبل يناير/كانون الثاني 2016، ثمة عقبات تقف عائقاً أمام هذه المساعي، من بينها استمرار إيران في دعم مليشيات الحوثي باليمن، والتدخل في شؤون عدد من دول المنطقة، بجانب قضية الملف النووي.
عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني "جليل رحيمي جهان آبادي"، يرى أنه "رغم التقلبات بين البلدين، إلا أن المفاوضات بين إيران والسعودية كانت إيجابية ومفيدة حتى الآن".
وأضاف في مقابلة صحفية، الثلاثاء، في الواقع يتحول جزء من الخلاف وسوء الفهم إلى وجهات نظر مشتركة، وبناء على المعلومات المتعلقة بالمحادثات بين البلدين، أعتقد أن هذه المحادثات توصلت إلى نتائج إيجابية، مثل إعادة فتح السفارات".
وتابع جهان آبادي، أن "هذه المحادثات مهمة فيما يتعلق بإعادة فتح السفارات، وبعد ذلك من أجل الحفاظ على العلاقات وتوطيدها وتوسيعها مع السعودية ".
رسائل إيجابية
واعتبر تقرير نشره موقع "نامه نيوز" المقرب من معسكر التيار الأصولي المتشدد في إيران، أنه "يمكن اعتبار إطلاق سراح المواطن الإيراني إحدى الرسائل الإيجابية للتوصل إلى تفاهمات مشتركة".
وفي 22 أغسطس/ آب الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، "حوارنا مع السعودية كان إيجابياً، ولكن عملية إعادة العلاقات الدبلوماسية تحتاج إلى وقت، ولقد شهدنا خطوات إيجابية من الطرف السعودي ضمن الحوار والأجواء في المنطقة إيجابية".
وفي 17 من يوليو/تموز الماضي، قال مستشار المرشد الإيراني، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، كمال خرازي: إن" طهران تريد بدء حوار إقليمي مع السعودية، وطهران والرياض ولتان إقليميتان".
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قال في يونيو/حزيران الماضي، إن المملكة ملتزمة بإيجاد تفاهم إيجابي مع إيران، مبيناً أن "يد المملكة لا تزال ممدودة إلى إيران، ونحن حريصون على إيجاد مسار إلى الوصول لعلاقات طبيعية مع الجارة إيران".
ولفت وزير الخارجية السعودي إلى أن "ذلك مرتبط ارتباطاً اساسياً بإيجادنا تفاهمات تعالج مصادر قلق، ليس فقط المملكة، لكن كافة دول المنطقة فيما يتعلق ببعض الأنشطة الإيرانية".
الأمم المتحدة تأمل في حدوث تقارب بين السعودية والرياض، وفي 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، وأعرب أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، عن أمله في أن يؤدي التوصل إلى اتفاق في المفاوضات بين إيران والسعودية إلى خفض التوتر في المنطقة.
فوائد للجميع
لرغبة السعودية في تحقيق السلام مع إيران ستعم فوائدها على المنطقة بأثرها، وأول المستفيدين سيكون اليمن، حيث تسعى المملكة لتحقيق السلام في البلد الذي يعاني ويلات الحرب منذ سنوات.
مراقبون يعتبرون أن أكبر ملف سيتأثر إيجابيًا من المصالحة بين السعودية وإيران هو اليمن، ويمكن للصلح بين الجانبين أن يدفع إلى إنهاء الحرب بشكل سلمي، بجانب لبنان، إذ يمكن للجانبين المساهمة في حلّ الأزمة السياسية هناك، ويمكن للتأثير أن يصل الوضع في العراق، مؤكدين أن العالم الإسلامي سيربح من هذا الصلح، وهو ما تسعى المملكة العربية السعودية لتحقيقه.