علاقات » ايراني

ما وراء الدعوة الإيرانية بفتح السفارات مع السعودية؟

في 2022/10/22

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-

لغة دبلوماسية جديدة بدأت تظهر بين السعودية وإيران، وتمثلت في الحديث عن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفتح السفارات، وإنهاء حالة الخلاف بالعديد من القضايا.

وجاء الحديث عن عودة العلاقات الدبلوماسية مع التغيرات الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم نتيجة استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وظهور تحالفات وأقطاب جديدة، إضافة إلى التوترات الداخلية الإيرانية.

وتحدث كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، علي أكبر ولايتي، عن ضرورة إعادة العلاقات الدبلوماسية مع المملكة.

وقال ولايتي، في تصريح صحفي لوسائل إعلام محلية (الأربعاء 18 أكتوبر الجاري): إن "إيران والسعودية جارتان، ويجب أن تتعايشا معاً".

وشدد ولايتي على ضرورة إعادة فتح سفارتي البلدين في إطار الجهود الرامية لحل المشاكل.

وقطعت السعودية وإيران علاقاتهما الدبلوماسية بعد أن تعرضت سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد لهجوم من قبل حشود في (يناير 2016) بسبب إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر.

توقيت الدعوة

جاء توقيت الدعوة الإيرانية لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع الرياض، في ظل حالة التوتر التي تشهدها العلاقات السياسية السعودية الأمريكية، خاصة بسبب قرار "أوبك+" خفض إنتاج النفط، إضافة إلى تعثر مفاوضات الاتفاق النووي.

وأثار قرار خفض الإنتاج غضباً أمريكياً، وفتح سجالاً بين واشنطن والرياض، التي تقول إن القرار ليس مسيساً، وإنه ينطلق من وضع السوق، ويهدف لإعادة الاستقرار لا لبلوغ سعر معين.

كما جاءت الدعوة الإيرانية في ظل الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي تشهدها مدن إيرانية بعد وفاة الفتاة مهسا أميني خلال احتجازها من طرف شرطة الأخلاق.

ومع تلك التطورات، خاصة التي يشهدها العالم، تبدي إيران باستمرار خلال الفترة الماضية رغبة في تحسين علاقاتها مع السعودية، وطي الخلافات القائمة.

وأعلن وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان، استعداد بلاده لإعادة العلاقات مع المملكة إلى حالتها الطبيعية، مشيراً إلى استمرار المباحثات مع الرياض من أجل الوصول إلى اتفاق.

وقال عبد اللهيان، في تصريح له بسبتمبر الماضي: إن "الجولة الخامسة من مفاوضاتنا انتهت في بغداد، حيث تم تنفيذ أجزاء من الاتفاقيات التي تم التوصل إليها، ولم تنفذ أجزاء منها بعد".

وأضاف: "هناك فكرة أنه يمكننا البدء في مفاوضات على مستوى سياسي وعلني في بغداد، وقد قبلنا ووافقنا على هذه الفكرة بشكل عام".

وتابع: "نعتقد أن كل ما تم الاتفاق عليه في الجولات الخمس من المفاوضات يجب أن يتم تفعيله وتنفيذه، وأن نمضي قدماً في هذا الشأن عندما نتخذ خطوة جديدة على المستوى السياسي الذي من المفترض أن تجري فيه المحادثات".

وحول عودة العلاقات الدبلوماسية، قال عبد اللهيان: "في أي وقت تكون السعودية مستعدة لإعادة فتح سفارتها في طهران وإعادة العلاقات إلى حالتها الطبيعية فنحن نرحب بها، وستستمر عملية مباحثاتنا وفق الشروط للوصول إلى هذه النقطة".

مفاوضات بغداد

يمكن للمفاوضات بين السعودية وإيران، التي تحتضنها العاصمة العراقية بغداد، منذ أبريل 2021، وجرى منها خمس جولات في شهر مارس الماضي، وحققت نتائج إيجابية، أن تكون المدخل لتطور العلاقات بين البلدين.

وسبق أن أعلن رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، أن المحادثات السعودية–الإيرانية التي جرت في بغداد وصلت إلى مراحل متطورة، متوقعاً "سماع أخبار طيبة".

وأضاف، بتصريح له في 8 يونيو 2022: إن "العراق نجح إلى حد كبير في تخفيف حدة التوترات في المنطقة، ومنها بين السعودية وإيران، وهو أمر في غاية الأهمية".

وتريد إيران من مفاوضات بغداد إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، وفتح السفارات، وهو ما أكده المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، أبو الفضل عموئي.

وقال عموئي، في تصريح لوكالة "فارس" الإيرانية، في أغسطس الماضي: إن "الهدف الرئيس من المفاوضات الجارية مع السعودية هو فتح السفارات بشكل نهائي، حيث وضع خطوات تنفيذية لهذا المسار، وأبدى الطرفان وجهات نظرهما حول القضايا الثنائية".

القرار السعودي

تنتظر الدعوة الإيرانية رداً سعودياً حولها، خاصة أن الرياض تتجه إلى تحسين علاقاتها مع روسيا التي تعد دولة صديقة لإيران، وإمكانية إعطاء موسكو حق الوساطة بينهما، خاصة مع توتر علاقات الرياض وواشنطن.

ودائماً ما تؤكد السعودية أن حوارها مع إيران لم يصل إلى نتائج ملموسة، وهو ما يعني أن الاستجابة لعودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات قد تحتاج إلى بعض الوقت.

وكان التصريح الأبرز حول إعادة فتح السفارة السعودية في إيران، هو ما كشفته الخارجية الإيرانية، في سبتمبر 2017، عن توجه وفد سعودي إلى طهران، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".

ونقلت "إرنا" عن بهرام قاسمي، المتحدث باسم الخارجية، قوله إنه تم إصدار تأشيرات سفر لدبلوماسيين سعوديين لزيارة سفارتهم بطهران وقنصليتهم في مدينة مشهد.

وجاءت الزيارة لتفقد الأضرار التي لحقت بالسفارة السعودية في طهران، بعد الاعتداء عليها من قبل محتجين مطلع العام 2016.

الخبير الاستراتيجي، عبد الله القحطاني، يستبعد أن تكتسب الدعوات الإيرانية لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية أي مصداقية، ولكنها جاءت في ظل ضغوط داخلية تواجه طهران.

ويقول القحطاني، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "أسباب عدة وراء الدعوة الإيرانية، أبرزها وضعها الداخلي الصعب، والضغط والتهديد الغربي بسبب ما يقال عن تزويدها لروسيا بطائرات مسيرة تقصف أوكرانيا".

ويرى القحطاني أن "الدعوة الإيرانية غير جدية، والقيادة السعودية لديها خبرة طويلة بالتعامل مع إيران".

وحول إمكانية وجود وساطة روسية، يبين الخبير الاستراتيجي أن موسكو تريد أداء دور معين لكن حتى وإن حاولت وتوسطت فسوف تصطدم بمواقف طهران المتعنتة تجاه زعزعة أمن الدول العربية في العراق والشام واليمن والبحار العربية.