صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية-
العلاقات الجديدة بين السعودية وإيران لديها القدرة على إعادة تشكيل المنطقة، التي باتت تعيد تشكيل صياغة علاقتها بين الولايات المتحدة والصين.
هكذا تحدث تقرير لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، وقال إنه يمكن للعلاقات السعودية الإيرانية الجديدة أن تحد من الصراع في لبنان واليمن والعراق وسوريا.
والجمعة، أعلنت السعودية وإيران في بيان ثلاثي مع الصين، الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، بعد مباحثات استمرت 4 أيام.
وتضمن الاتفاق تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واتفقتا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما.
وأمام ذلك، أطلقت الصحيفة العبرية سؤالا حول من هم الرابحون والخاسرون جراء هذه الصفقة.
نفوذ أمريكي
وقال التقرير إن الكثير من النقاشات تحدثت حول الخسارة المتوقعة للنفوذ الأمريكي، جراء عودة العلاقات الإيرانية السعودية، وما إذا كانت الصين قادرة على الانقضاض على الشرق الأوسط، والتوسط في العلاقات بين دوله، على حساب مصالح الولايات المتحدة ونفوذها في المنطقة.
وأضاف: "الواقع هو أكثر تعقيدا، فتعود العلاقات الأمريكية السعودية إلى قرن من الزمان، وخلال معظم فترات الحرب الباردة، كانت السعودية ركيزة أساسية لعلاقات الولايات المتحدة في المنطقة، وعاملة مستقرة في ذلك الوقت".
مع ذلك، والحديث للتقرير، فقد غيرت السعودية سياساتها ببطء بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، وأعاد صعود محمد بن سلمان تشكيل التصورات عن الرياض ووضعها على مسار أكثر استقلالية في السياسة الخارجية.
وتابع: "من الصعب قراءة التواصل السعودي مع إيران على أنه ضربة للولايات المتحدة (..) وهذا يعني أن القرار الأخير الذي اتخذته السعودية لتجديد العلاقات مع إيران قد لا يكون مرتبطًا بالسياسة الأمريكية في المنطقة".
وزاد التقرير: "لم تطالب الولايات المتحدة السعودية بقطع العلاقات مع إيران، كما أن لأمريكا تحالف استراتيجي مع قطر، والتي بدورها لها علاقات وثيقة مع إيران، وكذلك تركيا، العضو في الناتو، وبالتالي فإن المملكة قامت فقط بما فعله شركاء الولايات المتحدة الآخرون".
فوز صيني
وأمام ذلك، أشارت الصحيفة العبرية، إلى أن إيران والصين وقعا اتفاقًا مدته 25 عامًا لتحسين العلاقات، كما التزمت بكين بخطة خمسية مع 6 دول خليجية خلال اجتماع الرئيس الصيني شي جين بينج بقادة الخليج في عام 2022.
وأضافت: "يعود انتشار الصين في الخليج ومع إيران إلى سنوات، ويأتي ذلك وسط اعتبار الولايات المتحدة للصين وروسيا خصمين قريبين من نظير تريد واشنطن مواجهتهما".
وتابع التقرير: "من الواضح أن الصين سعت إلى توسيع علاقاتها في المنطقة، وقرار إيران والسعودية بالعمل مع الصين على التطبيع مع بعضهما البعض، هو جزء من أن تصبح الصين وسيطًا دبلوماسيًا في المنطقة".
وزاد: "على الرغم من أن هذا يعد فوزًا للصين، فإنها كانت أيضًا دولة طبيعية لاستضافة هذه الخطوة النهائية"، لافتة إلى أن المسار التطبيعي في العلاقات بين الرياض وطهران كان يسير في بشكل واضح، ولم يكن يحتاج إلا قليل من الدفع، وهو ما قامت به بكين.
ماذا عن إسرائيل؟
وتربط الصحيفة بين الاتفاق السعودي الإيراني، وعلاقته بإسرائيل، مشيرة إلى أن السعودية تسير في اتجاهات دبلوماسية وسياسية عدة، قد لا يؤثر ذلك على إمكانية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب كما هو متوقع.
ونقلت الصحيفة أنباء إمكانية تحسين العلاقات بين إسرائيل والسعودية والتي نشرتها مؤخرا صحف "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز" حول سعي الرياض للحصول على تعهدات أمنية من واشنطن كجزء من نوع من رفع مستوى العلاقات مع تل أبيب.
وقالت: "من الواضح أن السعودية تعمل على مسارات سياسية متعددة: الصين وروسيا والولايات المتحدة وربما إسرائيل، وكل ذلك جزء من موقع الرياض الجديد لسياسة مستقلة أكثر تعقيدًا".
وأضافت: "من غير المحتمل أن تؤثر العلاقات الإيرانية بالضرورة على إسرائيل بشكل سلبي، فللسعودية مصالح في اليمن ولبنان وكذلك في سوريا والعراق، تتوافق مصالح المملكة مع مصالح إسرائيل من حيث الاستقرار وعدم الرغبة في إدارة الميليشيات الإيرانية أو الوكلاء الذين يديرون هذه البلدان.
ولفتت إلى أن الخليج بشكل عام يتحرك للتصالح مع سوريا، الأمر الذي يمكن أن يقلل الفوضى في المنطقة.
وأضافت: "يبدو أن حقبة الحرب التي حددت فترة ما بعد الربيع العربي، وعصر الصراع الذي بدأ قبل عقود مع صعود المتطرفين، يقترب من نهايته".
وتابعت: "كل هذا مدعوم بسياسات الدول الكبرى والصفقات التي لعبت إسرائيل دورًا فيها مثل قمة النقب الأخيرة واتفاقيات التطبيع مع الدول العربية"، مشيرة إلى أنه "يمكن النظر إلى العلاقات الإيرانية السعودية على أنها جزء من تلك العملية الدبلوماسية الأكبر".
وزادت: "على هذا النحو، قد لا تخسر إسرائيل، بل يمكن للسعودية الآن التعبير عن مخاوفها لإيران من خلال الدبلوماسية، بدلاً من أن تكون في خلاف".